استمع إلى الملخص
- يواجه الأطفال في تونس تحديات مثل التسرب المدرسي والعنف، رغم دعم البنك الدولي منذ 2021 لتحسين ظروف الفئات الضعيفة، إلا أن الجهود تُعتبر غير كافية دون استراتيجية وطنية شاملة.
- ينتقد معز الشريف تراجع دور المرافق الحكومية في رعاية الأطفال، مشيرًا إلى ضرورة وضع استراتيجية وطنية للإدماج الاجتماعي والتمكين الاقتصادي.
تعتزم سلطات تونس تحسين ظروف عيش أكثر من 640 ألف طفل عبر تمكين أسرهم من تحويلات مالية شهرية يبدأ صرفها العام المقبل، وذلك في إطار خطة الأمان الاجتماعي التي يدعمها البنك الدولي للحدّ من تأثيرات الفقر على الأطفال. وكشف مشروع قانون الموازنة الذي جرت مناقشته في البرلمان هذا الأسبوع، عن التوجه نحو إسناد منح شهرية بقيمة 30 دينارا (9.6 دولارات) لفائدة الأطفال من أبناء العائلات المعوزة ومحدودة الدخل الذين هم دون 6 سنوات، إذ يرجح أن ينتفع بهذا القرار نحو 200 ألف. كما ستصرف السلطات منحا شهرية لفائدة 442 ألف طفل ما بين 6 إلى 18 سنة تقدر بـ20 دينارا (6,5 دولارات) لكل طفل من أبناء العائلات المعوزة و30 دينارا لكل طفل من أبناء العائلات محدودة الدخل.
سلطات تونس تكافح الفقر
وتحاول سلطات تونس مكافحة الفقر الذي شهد توسعا خلال السنوات الأخيرة، بسبب تأثيرات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ما يؤدي سنويا إلى تسرب نحو 100 ألف تلميذ من المدارس وبروز ظواهر العنف والإدمان في صفوف الناشئة. ومنذ عام 2021 يدعم البنك الدولي مسار الأمان الاجتماعي في تونس لتحسين ظروف عيش الفئات الضعيفة والهشة ولاسيما منهم الأطفال، عبر توفير قروض ميسرة لفائدة الدولة تسمح بزيادة التحويلات الاجتماعية لفائدة الأسرة المعوزة التي تعيل أطفالا.
واعتبر رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل، معز الشريف، أن "زيادة التحويلات المالية الشهرية لفائدة أكثر من 640 ألف طفل غير كافية لتحسين ظروف عيشهم في غياب استراتيجية وطنية توضّح تصوّر الدولة لرعاية الأطفال وحمايتهم من تأثيرات الأزمات التي تمر بها البلاد". وقال الشريف في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "نسبة فقر الأطفال في تونس سجّلت قفزة غير مسبوقة خلال الفترة الممتدة ما بين سنوات 2018 - 2023 حيث زادت هذه النسبة من 18 إلى 26% نتيجة تأثيرات الأزمة الصحية العالمية وتداعيات الحروب على البلدان الناشئة".
وأوضح الشريف مدى تأثير فقر الأطفال على سلوكهم ببروز ظواهر جديدة تتعلق بالإدمان والعنف وتعاطي المخدرات، فضلاً عن زيادة نسب التسرب المدرسي والارتداد للأمية. ويرى رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل، أن تحسين الإمكانيات المادية للأسر التي تعيل الأطفال لا يعوّض السياسات الشاملة للدولة في رعايتهم عبر توفير المرافق الحكومية اللازمة للتربية والتعليم والترفيه وتحسين حق ولوجهم إلى الخدمات الصحية.
وأضاف: "تخلت أغلب المرافق الحكومية عن دورها الأساسي تجاه الأطفال، ومن أبرزها مؤسسات التربية والتعليم، التي تحولت إلى مرافق للتعليم بجودة متدنية تفضحها النتائج الدراسية والدراسات التي أكدت تراجع قدرة 60% من الأطفال المتمدرسين بين 7 و14 سنة على الحساب والقراءة. ويصنّف الشريف أطفال تونس بـ"الفئة الصامتة" المغيّبة عن استراتيجيات الدولة، ويرى أنّ "السلطات الرسمية تخلّت عن دورها في الرعاية"، منتقدا "إهمال مرسوم المجلس الأعلى للتربية جوانب مهمة في تتعلق بوضعية الأطفال". واعتبر أن "مبدأ تكافؤ الفرص بين أطفال تونس أصبح منعدما، ما يؤسس لفقر وجهل وراثي".
ومنذ يناير/كانون الثاني 2019، صادق برلمان تونس على قانون لإحداث برنامج للأمان الاجتماعي ينص على ضرورة وضع استراتيجية وطنية "للإدماج الاجتماعي والتمكين الاقتصادي للحدّ من الفقر والأسباب المؤدية إليه".