تكثر، خلال فترات الأعياد، مشاكل النقل بين المحافظات في تونس، إذ تشهد محطات النقل البري والحديدي اكتظاظاً غير مسبوق يصل إلى درجة الفوضى، الأمر الذي يدفع المواطنين للّجوء إلى وسائل النقل الفوضوية وغير المرخصة التي ينتعش نشاطها في هذه الفترة.
وتمثّل إجازة عيد الفطر إحدى أهم مواسم تنقلات التونسيين الذين يفضلون العودة إلى محافظاتهم الأصلية لقضاء العيد مع ذويهم. وفي ظل ارتفاع الطلب على النقل، تزدحم محطات الحافلات والقطارات وسيارات الأجرة في ظل عدم قدرة مختلف وسائل النقل المتاحة على تأمين هذا الطلب الإضافي.
ويشكو تونسيون استغلال عربات النقل الفوضوية لحاجتهم إلى السفر خلال إجازة العيد، ويعمد البعض إلى زيادة تعريفات السفر إلى أرقام مرتفعة. وسابقاً، كانت خطوط القطار تؤمن للتونسيين فرصاً أكثر للنقل المنتظم خلال الأعياد، إلا أن تراجع خدمة النقل الحديدي ذي طاقة الاستيعاب العالية تسببت في نقص كبير في عدد المقاعد المتوفرة على الخطوط الرابطة بين العاصمة تونس والمحافظات الداخلية.
وتقول أحلام الجبري إنها "كانت تستعمل الخط الحديدي الرابط ما بين العاصمة تونس ومدينة غار الدماء في أقصى الشمال الغربي للتنقل في الأعياد"، مؤكدة أن هذه الرحلة التي تستغرق نحو 3 ساعات ونصف الساعة أصبحت شبه مستحيلة، بسبب قدم القطارات وكثرة الأعطاب التي ينتج عنها تأخر السفرات.
وتؤكّد في حديثها لـ"العربي الجديد" أن "القطارات كانت ملاذ التونسيين في سفرهم خلال الأعياد"، معتبرة أن "تراجع النقل الحديدي خلّف نقصاً فادحاً في وسائل النقل بين المحافظات، عوضته العربات الخاصة وسيارات الأجرة إلى حد ما".
وكانت وزارة النقل التونسية قد أعلنت عن برنامج نقل استثنائي لفائدة المواطنين، من خلال زيادة جهوزية الأسطول ودعم الموارد البشرية. وقالت وزارة النقل، في بلاغ، إنها رفعت عدد السفرات المنتظمة عبر الحافلات بين المدن بنسبة 31 في المائة، كما تعمل على توفير حوالي 31 ألف مقعد على خطوط القطارات بنحو 25 في المائة، مقارنة بالفترات العادية.
كما سمحت الوزارة لسيارات الأجرة بصفة استثنائية القيام بسفرات على كامل تراب البلاد من دون التقيّد بمنطقة الجولان المنصوص عليها في بطاقة الاستغلال.
ويؤكد نوفل بالطيب، وهو سائق سيارة أجرة، أن تراجع أداء النقل الحكومي، وخصوصاً النقل الحديدي، خلف نقصاً في عدد المقاعد المتاحة في التنقل بين المحافظات، مشيراً إلى أن هذا النقص يتفاقم في موسم الأعياد. ويقول: "على الرغم من الجهد الكبير الذي تبذله سيارات الأجرة لنقل المواطنين بين مختلف مدن البلاد، إلا أنها تظل غير كافية". ويضيف أن "مواسم الأعياد التي يتنقل فيها التونسيون بكثافة تحتاج إلى نقل حكومي ذي طاقة استيعاب عالية".
وتقر نقابات شركات النقل الحكومي بتراجع النقل الحكومي في تونس إلى "الحضيض" في ظل تقادم الأسطول.
وفي وقت سابق، قال رئيس جامعة النقل وجيه الزيدي، لـ "العربي الجديد"، إن عدد أسطول الحافلات الذي يؤمن النقل في مدن تونس الكبرى تراجع من 678 حافلة عام 2021 إلى 239 حافلة لهذا العام فقط. كما تراجع عدد عربات المترو الصالحة للنقل من 60 عربة إلى 15 عربة فقط خلال ذات الفترة".
وشهد قطاع النقل التونسي منذ سنوات تردي الخدمات بفعل تفاقم الديون وتقادم الأسطول بالتوازي مع ارتفاع مخصصات أجور الموظفين، في ظل أزمة اقتصادية استحالت معها فرص إنعاش هذا القطاع الحيوي، الأمر الذي دفع العديد من الشركات إلى دوامة الإفلاس.