تقترب تونس من حلول جديدة لعلاج مدمني المخدرات، بعد موافقة السلطات الصحية على اعتماد عقار "الميثادون" لأول مرة، وإصدار طلبية لتوريد هذ الدواء الذي ستعتمده رسمياً مراكز العلاج.
وخاضت "الجمعية التونسية لمكافحة الإدمان" في تونس مساراً شاقاً من أجل إقناع السلطات الصحية باعتماد "الميثادون" ضمن صنف العلاج الرسمي، ما يساعد على مكافحة ناجعة للإدمان الذي انتشر بشكل واسع في السنوات الأخيرة.
ويعدّ نقص الأدوية وامتناع السلطات الصحية عن استيراد بعضها حاجزاً أمام التقدم في خفض نسب الإدمان في البلاد، ومساعدة آلاف طالبي العلاج على الإقلاع والتعافي، خلال السنوات الأخيرة، بحسب أطباء متخصصين.
وقالت الكاتبة العامة للجمعية التونسية لمكافحة الإدمان، هيفاء زليلة، إن "تونس تتقدم خطوات نحو اعتماد عقار (الميثادون) في علاج الإدمان، إذ يجرى إعداد الملف الخاص بمنحه ترخيص الاعتماد في السوق التونسية من قبل إدارة الصيدلة والدواء بوزارة الصحة".
وأكدت زليلة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إحراز اللجنة الوطنية تقدماً مهماً جداً على مستوى إعادة النظر في مصنّفة الأدوية، مشيرة إلى أن "ذلك يفتح آفاقاً جديدة أمام مراكز العلاج، ويعطي جرعة أمل إضافية للمدمنين للتخلّص من محنة الإدمان بيسر".
وأضافت المتحدثة أن "السلطات الصحية في تونس لم تكن تسمح باستخدام دواء (الميثادون) الأساسي لعلاج المدمنين ممن يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن"، محذرة من "تداعيات انتشار حقن المخدرات على الصحة العامة وزيادة نسب المصابين بالإيدز نتيجة استعمال حقن ملوثة".
وأكدت أنّ "الميثادون" عبارة عن دواء يُستخدم لتسكين الآلام، فهو ينتمي إلى مجموعة العلاجات المُخدرة، كما يُستخدم أيضاً في علاج حالات متنوعة من الآلام، منها المتوسطة والشديدة، إذ يقوم بتثبيت كلّ مستقبلات الألم في الجهاز العصبي المركزي، لذلك يلجأ الأطباء إلى علاج إدمان المخدرات عن طريق هذا الدواء الذي لم يسمح بتوريده سابقا".
وفسرت أنّ "الأعراض الانسحابية تدوم أسابيع، يكون خلالها المدمن مجبراً على تحمّل آلام مبرحة لا تنفع معها المسكنات العادية"، لافتة إلى أنّ اللجنة "طالبت باعتماد بروتوكولات علاجية معمول بها في مراكز المساعدة على الإقلاع عن تعاطي المخدرات تعتمد على عقار (الميثادون) لتجنيب المدمنين الآلام الجسدية والنفسية".
وانتشرت المخدرات في تونس بشكل لافت في السنوات الأخيرة، وذلك رغم العقوبات المشددة التي يتضمنها القانون، والتي تستهدف التجار والمروجين والمستهلكين على حد سواء.
وتشير أرقام لجمعيات مدنية إلى أن حوالي مليوني تونسي يعانون من الإدمان، منهم 400 ألف مستهلك لمادة القنب الهندي أو الحشيش، و33 ألفا يتعاطون المخدرات، والبقية هم مدمنون على التدخين وغيره.
ويمثل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و35 سنة 70 بالمائة من مجموع المدمنين، الذين استهلك بعضهم أخطر أنواع المخدرات، على غرار حقن الهيروين التي لديها تأثيرات كارثية على صحة البشر.
في المقابل، تقول الجمعية التونسية لمكافحة الادمان إنها سجّلت زيادة لا تقل عن 20 بالمائة في الطلب على العلاج من مختلف أشكال الإدمان من المخدرات والكحول، غير أن الشباب من تلاميذ وطلبة يمثلون النسبة الأكبر من الوافدين إلى العيادات.
وتفيد مصادر الجمعية بأن طالبي العلاج يتقدمون إلى المراكز المتخصصة بشكل طوعي وبرعاية من عائلاتهم، التي تبذل جهودا كبيرة لتخليصهم من آثار المخدرات.
وذكرت الكاتبة العامة للجمعية أن الأطباء يسجلون إقبالا مهما على عيادات مكافحة الإدمان من جميع أنواع المخدرات، بما في ذلك القنب الهندي الذي زادت فئات مستهلكيه بشكل لافت، وفق قولها.
وطالبت الجمعية التونسية لطب الإدمان، سابقاً، السلطات بإرساء سياسة وطنية لمكافحة المخدرات والحد من العرض والطلب، اعتمادا على استراتيجيات علمية ناجعة.