أمرت الدائرة القضائية في محافظة سيدي بوزيد وسط غربيّ تونس، اليوم الأربعاء، بسجن طبيبة توليد على خلفية شبهة تقصير سبّبت وفاة رضيعة، فيما أحالت النيابة العامة ستة من الكوادر شبه الطبية والإداريين على التحقيق في القضية ذاتها. ويحقّق القضاء في شبهة التقصير التي نتجت منها الوفاة بعد تقديم مواطن شكوى في حقّ طبيبة التوليد ومسؤولين في المستشفى اتّهمهم فيها بالتقصير في مسؤولياتهم المهنية وبالإهمال اللذَين نتجت منهما وفاة ابنته المولودة حديثاً بعدما أُعلم أنّها أبصرت النور.
وأفاد المتحدّث باسم المحكمة الابتدائية في سيدي بوزيد، جابر الغنيمي، لـ"العربي الجديد" بأنّ "قاضي التحقيق أصدر اليوم الأربعاء بطاقة إيداع بالسجن في حقّ الطبيبة التي أشرفت على عملية الولادة، فيما قضى بإبقاء بقيّة المتهمين في حالة سراح إلى حين انتهاء الأبحاث". وأوضح الغنيمي أنّ "تهمة التقصير والإهمال تلاحق سبعة أشخاص، وهم طبيبة التوليد وثلاثة من الكوادر شبه الطبية إلى جانب ثلاثة مسؤولين إداريّين، من بينهم مدير المستشفى الجهوي في سيدي بوزيد".
وأضاف أنّ "القضاء تعهّد بالقضية بناءً على الشكوى التي تقدّم بها المواطن على أثر وفاة ابنته حديثة الولادة"، مشيراً إلى أنّ "الأبحاث والاختبارات ستحدّد المسؤوليات وإثبات شبهة التقصير والإهمال من عدمها".
ومن أجل مساندة زملائهم المُحالين على القضاء في قضية وفاة الرضيعة، نفّذ أعوان وكوادر المندوبية الجهوية للصحّة في سيدي بوزيد وقفة احتجاجية أمام مقرّ المحكمة الابتدائية. وذكر الكاتب العام لنقابة أعوان الصحة في سيدي بوزيد عبد الستار حفظوني، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية "وات" أنّ الطبيبة الموقوفة أفادت في وقت أوّل بأنّ الرضيعة وُلدت في حالة وفاة، وهو ما دوّنته في تقريرها الطبي قبل أن تتراجع عن أقوالها وتفيد بأنّها وُلدت على قيد الحياة، وسبب الوفاة اصطدام رأسها بآلة حادة.
وليس سجن طبيبة سيدي بوزيد بتهمة التقصير الأوّل من نوعه في تونس، إذ سبق أن أمر القضاء التونسي بسجن أطباء في قضايا مشابهة. ففي فبراير/ شباط من عام 2017، أصدر قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية في محافظة سوسة وسط شرقي تونس بطاقة إيداع بالسجن في حقّ طبيبة اتُّهمت بتقصير مهني أدّى إلى وفاة مولود في عهدتها. وقد واجهت السلطات الصحية حينها غضب نقابات طبّ الاختصاص ونقابات الطب العام ونقابات أطباء القطاع العام ونقابات أطباء الممارسة الخاصة ونقابة أطباء الأسنان، إذ اتّحدت من أجل المطالبة بتسريع إصدار قانون المسؤولية الطبية الذي يحدّد المسؤوليات التي يتحمّلها الأطباء في أثناء ممارستهم مهامهم، والذي يحميهم من الملاحقات القضائية بتهم مغرضة في بعض الأحيان، وذلك مثلما يكفل القانون حقوق المرضى في تتبّع الأطباء عند الإهمال والتقصير اللذَين تنتج منهما أخطاء طبية أو وفيات.