ما زال الغموض يلفّ التحقيقات الخاصة بغرق مركب الهجرة في مدينة جرجيس جنوب شرقي تونس، في حين يتصاعد غضب الأهالي مع تأخّر الإعلان الرسمي عن نتائج تحاليل الحمض النووي لضحايا استُخرج رفاتهم من مقبرة المهاجرين مجهولي الهوية.
وتنتظر عائلات المفقودين في حادثة غرق المركب نتائج التحليل الجيني لتسع عيّنات أُخذت من جثث دُفنت في "حديقة أفريقيا"، مقبرة الغرباء المخصّصة للمهاجرين غير النظاميين من غير سكان المدينة.
واليوم الخميس، قال عدد من أهالي المدينة لـ"العربي الجديد" إنّهم حصلوا على معلومات بشأن ورود نتائج تحاليل الحمض النووي من قاضي التحقيق الأول المكلّف البحث في القضية. وأفاد هؤلاء الأهالي بأنّ "نتائح التحليل الجيني للجثث التي أُخرجت السبت الماضي من مقبرة حديقة أفريقيا، أثبتت عدم تطابق بعض النتائج فيما سوف يُصار إلى تحليل عيّنات أخرى". وأوضحوا أنّ "خمسا من النتائج أتت غير متطابقة مع أهالي المفقودين البالغ عددهم 11 مفقوداً، في حين تبيّن أنّ العيّنات الستّ الأخرى غير صالحة بسبب تآكلها، ومع ذلك سوف يُعاد تحليلها".
في المقابل، لم يعلن المتحدث باسم النيابة العامة في مدنين، التي تشرف على التحقيق في ملف غرق المركب، عن أيّ معطيات جديدة بشأن نتائج التحاليل.
في سياق متصل، لفت الناشط علي كنيس وهو أحد أعضاء تنسيقية الحقوقيين والنشطاء الذين تكفّلوا بجمع المعطيات حول حادثة غرق المركب، إلى أنّ "المغالطات والمعلومات غبر الدقيقة تحيط بالملف من كلّ جانب". وأفاد كنيس "العربي الجديد" بأنّ "هيئة الدفاع التي تشكّلت طالبت منذ البداية بتوسيع دائرة البحث القضائي إلى خارج جرجيس، إذ تفيد المعلومات التي جُمعت بأنّ ثمّة جثثاً نُقلت إلى محافظة قابس (جنوب غرب) وأخرى إلى وجهة لم تُحدَّد".
وقال كنيس إنّ "من ارتكب فعل دفن جثث الضحايا في جنح الظلام من دون احترام القوانين، لن يمنعه أيّ شيء من إخفاء الجثث الباقية في برّادات الموتى بمستشفيات مجاورة أو في مقابر أخرى مخصّصة لدفن مجهولي الهوية في الجهة".
وربط كنيس أسباب تواصل غضب الأهالي لأكثر من شهر واستمرار الاحتجاج في مقرّات السلطة، بالتعاطي الرسمي السلبي مع الملف والصمت المطبق من قبل الدوائر الرسمية. أضاف أنّ "الاحتقان في جرجيس ناتج عن الغياب التام للدولة والصمت المطبق والإنكار المطلق".
يُذكر أنّ مساء أمس الأربعاء، تجمّع محتجّون أمام مقرّ الحرس البحري في المنطقة وأشعلوا الإطارات فيما رفعوا شعار "جرجيس مدينة الغرباء".
وكان مركب المهاجرين غير النظاميين قد غرق عند سواحل مدينة جرجيس في 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، وعلى متنه 18 مهاجراً من أبناء المدينة. وقد تمّ التعرّف إلى جثث ثمانية من الضحايا، في حين أنّ الباقين ما زالوا في عداد المفقودين.