ثلث المواطنين البلجيكيين من أصول أجنبية

10 مارس 2021
بروكسل هي المدينة التي تضمّ التنوّع الأكبر في السكان (تييري موناس/ Getty)
+ الخط -

ثلث سكان البلاد هم من أصول أجنبية، بحسب آخر بيانات إدارة الإحصاءات البلجيكية التي توضح أنّ نسبة المواطنين المتحدرين من أبوَين بلجيكيَّين انخفضت في خلال عشرة أعوام

تُعَدّ بلجيكا بلد تنوّع كبير يتزايد أكثر فأكثر. ويرتفع الطلب على الأرقام الخاصة بتنوّع السكان، سواء في الأوساط الأكاديمية أو بين واضعي السياسات. ولأنّ أيّ قاعدة بيانات مركزية حول هذا الموضوع لم تكن متوفّرة ومتاحة لعامة الناس أو للمختصين، قررت إدارة الإحصاءات البلجيكية إنشاء جداول للمواطنين البلجيكيين بحسب الأصول. وتتيح المعلومات المتوفرة في الفترة الزمنية الممتدة ما بين عامَي 2010 و2020 دراسة تطوّر التنوّع على أساس الأصول.

بيئة
التحديثات الحية

وتشرح المتحدثة باسم إدارة الإحصاءات البلجيكية ويندي شلفوت لـ"العربي الجديد" أنّه "عند إعداد هذه الإحصاءات الجديدة، تشاورت الإدارة على نطاق واسع مع شركاء آخرين، إمّا خبراء ديموغرافيين وإمّا متخصصين في مجال الهجرة الدولية. وتمّ اعتماد التصنيف كمجموعات أصلية، إذ إنّ الموضوع حساس". وتشير إلى أنّ "هذه العملية تمكّنت من طرح أرقام موضوعية في نقاش تطغى عليه غالباً العواطف والانطباعات بدلاً من التحليل الموضوعي، كذلك من الممكن تقديم تصنيف موحّد للسكان ذوي أوصول مهاجرة".
ويقدّم التقرير المنشور بالفعل أساساً مشتركا للتحليل، خلافاً للمعهود في هذا المجال، إذ  يكون لكلّ باحث تصنيفاته الخاصة في الغالب. وتعتمد إحصائية الأصول، بحسب ما يفسّر التقرير، على ما يأتي: الجنسية الحالية والجنسية الأولى المسجلة للشخص وكذلك الجنسية الأولى المسجلة للوالدَين. ويتوفّر هذا في السجل الوطني للأشخاص، وهو نظام معلومات يضمن تسجيل بيانات التعريف الشخصية وتخزينها ونقلها، علماً أنّ البيانات تُجمع من قبل البلديات ومكتب الهجرة لفئات معيّنة.
ويبرز التقرير ملاحظة أولى تتعلق بالتنوّع المستمر في المجتمع البلجيكي. فقد ارتفعت نسبة السكان من الأصول التي تتخطى الحدود الوطنية في خلال العقد الماضي. في عام 2010، وهو العام الأول الذي تمّ تضمينه في الإحصاءات التي جمعتها الإدارة البلجيكية، تمّ تسجيل 25 في المائة من السكان ذوي الأصول المهاجرة في السجل الوطني. وتشمل هذه النسبة الجيلَين الأول والثاني من المقيمين في البلد. وبعد عشرة أعوام، ارتفعت هذه النسبة إلى 33 في المائة. وتحدّد إدارة الإحصاءات البلجيكية أنّ مقيماً واحداً من بين كلّ سبعة مقيمين لا يحمل الجنسية البلجيكية. وعند التدقيق في الإحصاءات المعروضة بمزيد من التفصيل، يُلاحَظ أنّ عدد "البلجيكيين من أصل بلجيكي" أي الذين يحمل والداهم الجنسية البلجيكية وولدوا في بلجيكا، قد انخفض بشكل حاد في خلال العقد الأخير. وتعلّق شلفوت قائلة إنّ "الملاحظة تظهر عند النظر إلى النسبة التي يمثّلونها بين السكان، وكذلك في العدد المطلق. فقد كان عددهم 8.1 ملايين في عام 2010 ، ليصير 7.8 ملايين في العام الماضي. وتمّ تحديد هذا الانخفاض في مناطق ثلاث من البلد". لكنّها تؤكد أنّ "هذه الشريحة من السكان ما زالت تشكّل الأغلبية إلى حدّ كبير، غير أنّها تتناقص وتتقدم في السنّ خصوصاً".

أناس في بلجيكا (جان كريستوف غييوم/ Getty)
وقاية من كورونا (جان كريستوف غييوم/ Getty)

ويظهر الهرم العمري أنّ ثلثَي الفئة العمرية من السكان العاملين (18-64 عاماً) هم من أصل بلجيكي. ومن جهة أخرى، فإنّ نسبة من تخطّوا 65 عاماً بين البلجيكيين من أصل بلجيكي تتراوح ما بين تسعة وعشرة في المائة.
ويؤدّي الأشخاص ذوو الأصول المهاجرة دوراً مهماً في تجديد شباب السكان. ويوضح التقرير أنّ "أولئك الذين تقلّ أعمارهم عن 18 عاماً ممثلون بشكل خاص في فئة البلجيكيين من أصل أجنبي، لكنّ جنسيتهم الأولى بلجيكية. لكنّنا نرى خلاف ذلك بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 عاماً و64، والذين تكون لديهم في الغالب جنسية أخرى مسجلة في القاعدة". ويلفت التقرير إلى أنّ صورة أصول السكان تظهر تباينات كبيرة بحسب المناطق. وبروكسل هي التي تضمّ التنوّع الأكبر في السكان، إذ يُعَدّ أربعة من كلّ عشرة من أصل أجنبي ويحملون الجنسية البلجيكية في العاصمة. وأكثر من ثلث سكان المدينة لا يحملون الجنسية البلجيكية، وهي نسبة أعلى بكثير من المنطقتَين الأخريين، والونيا وفلاندرز.
وفي هذا الإطار، توضح عالمة الديموغرافيا في المركز الفيدرالي البلجيكي للهجرة صوفي فوس لـ"العربي الجديد" أنّ "الحضور القوي للموظفين في المؤسسات الأوروبية يؤدّي إلى تضخم هذه النسبة"، مضيفة أنّه "عندما نلقي نظرة فاحصة على الأرقام نرى أنّ الأغلبية في بروكسل من بين غير البلجيكيين تحمل الجنسية الأوروبية، مع نحو 62 في المائة. وهو ما يعني أنّ شخصاً واحداً فقط من بين أربعة في بروكسل هو من أصل بلجيكي 100 في المائة". أمّا المعدّل الأدنى للتنوّع بين المواطنين فيسجّل في منطقة فلاندرز، إذ 14 في المائة من سكانها من أصل أجنبي في مقابل 23  في المائة في منطقة والونيا. وترى فوس أنّه "في الإمكان تفسير هذا الاختلاف لأنّ والونيا تستضيف نسبة أكبر من الأشخاص من شمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء مقارنة بفلاندرز، ولأنّ نسبة الجيل الثاني من السكان أو الأشخاص الذين أصبحوا بلجيكيين من بين هؤلاء السكان أكثر أهمية من بين مجموعات الجنسيات الأخرى".

قضايا وناس
التحديثات الحية

تجدر الإشارة إلى أنّ المغاربة يحلون محلّ الإيطاليين في المركز الأول، حالياً، لجهة عدد الأجانب القاطنين في البلد. ويحتلّ الإيطاليون المرتبة الثانية، يتبعهم الفرنسيون والهولنديون والأتراك. هذا في ما يخصّ المراكز الخمسة الأولى. أمّا حملة الجنسية الرومانية فقد ارتفع عددهم بشكل كبير منذ عام 2019 ، لدرجة أنّهم يحتلون اليوم المركز السادس. يأتي ذلك في الوقت الذي انخفضت فيه نسبة الأشخاص المنتمين إلى مجموعة جنسيات البلدان المجاورة بشكل طفيف، في خلال السنوات العشر الماضية، فيما ارتفعت ولو بشكل طفيف مجموعة الجنسيات الأصلية من خارج منطقة الاتحاد الأوروبي.