شكلت الحمضيات منذ العصور القديمة مصدراً لعلاج الأمراض، ويعتقد أن ثمارها الأولى من جنوب شرقي آسيا. واستخدمت كنوع من العطور والمنكهات التي تضاف إلى الحلويات والشاي.
تكثر الأمراض في فصل الشتاء، خصوصاً تلك التي تتعلق بجهاز المناعة، مثل نزلات البرد والإنفلونزا، وأخرى ترتبط بالجهاز التنفسي. وهي تنتشر في هذا الفصل تحديداً لأن الناس يكونون عادة في أماكن مغلقة تسمح بانتقال أكثر سهولة للفيروسات من شخص إلى آخر، كما يلعب الهواء الجاف دوراً في تسريع انتقال الأمراض، لذا يتناول الناس الكثير من الأعشاب والفيتامينات والفاكهة، وتحديداً الحمضيات، مثل الليمون والحامض والبرتقال وغيرها.
وتتوفر كل أنواع ثمار الحمضيات طوال العام، ويحدث موسم الذروة الخاص بالبرتقال والجريب فروت واليوسفي وغيرها بين منتصف ديسمبر/ كانون الأول وإبريل/ نيسان، ويُتناول هذا النوع من الفاكهة بأشكال مختلفة، منها العصائر، أو يقدّم عبر مشروبات ساخنة.
ويقول مؤرخون إن زراعة الحمضيات ظهرت في الصين قبل الميلاد، وإن شرق جبال الهيمالايا هو منشأ الليمون تحديداً، في حين أن أصل اليوسفي هو حوض البحر الأبيض المتوسط.
أهمية الحمضيات
الحمضيات غنية بعناصر غذائية عدة، مثل فيتامين "سي" و"الفلافونويد" والألياف التي تحمي الأوعية الدموية وتقلل الالتهاب وتحسّن وظيفة الجهاز الهضمي، كما تلعب دوراً في الوقاية من أمراض مزمنة عدة.
إلى ذلك، تمنع الحمضيات البروتين الدهني منخفض الكثافة أو الكوليسترول الضار، وتساعد مرضى السكري من خلال تحسين تحمل الغلوكوز، وزيادة إفراز الإنسولين وحساسيته، والتقليل من مقاومة الإنسولين.
ويحتوي الجريب فروت تحديداً على إنزيم "بي 45" الذي يساعد في خسارة الوزن لدى اتباع حمية غذائية صحية ومتوازنة وممارسة الرياضة بانتظام، لكن يجب التنبه لعدم تناول الجريب فروت مع بعض الأدوية من أجل تجنب حدوث تضارب بينه وبين الدواء، مثل تلك التي تخفض الكولسترول وضغط الدم.
ويقول الأخصائي في الصحة العامة أحمد بيضون لـ"العربي الجديد": "تساعد الحمضيات في الوقاية من أمراض فصل الشتاء، وتحديداً تلك الخاصة بنزلات البرد، فتناول البرتقال والليمون يقوي جهاز المناعة الذي يضعف خلال نزلات البرد أو الإنفلونزا. أيضاً يزيد ضعف جهاز المناعة فرص الإصابة بالعدوى، ويسمح لها بأن تصبح أكثر خطورة، وأحد مكونات الاستجابة المناعية هو الالتهاب الذي قد يسبب عدم السيطرة عليه في تلف الأنسجة، لذا من المهم محاولة تقوية جهاز المناعة جداً خلال المرض من خلال تزويده بفيتامين سي وحمض الفوليك، وهما العنصران الأكثر أهمية اللذين تتضمنهما الحمضيات".
وبحسب بيضون، تعتبر عصائر الحمضيات مصدراً مهماً للحفاظ على سلامة جهاز المناعة، ودعم وظيفة أنواع عدة من الخلايا لطرد الفيروسات".
يضيف: "الحمضيات مصدر غني بالفيتامين سي الذي يقوي مناعة الجسم، ويرطّب الجسم خلال نزلات البرد والتهاب الحلق حين لا يستطيع المريض تناول مأكولات ومشروبات بسبب الاحتقان، ما قد يؤدي إلى حصول مشاكل صحية، لذا يُنصح بتناول الحمضيات لأنها من فاكهة تحتوي على كميات كبيرة من السوائل التي يحتاجها الجسم للحفاظ على الترطيب، ومنع حصول جفاف عندما يُصاب بالإنفلونزا أو أي مرض يسبب الحمى".
إلى ذلك، تساعد أنواع من الحمضيات، مثل البرتقال والكلمنيتن التي تتضمن نسبة كبيرة من السكر، في مدّ جسم المريض بالطاقة.
وصفات صحية
في المناطق الجبلية، يعتمد كبار السن وصفات منزلية محضرّة من الحمضيات، مثل الليمون والبرتقال والحامض لمعالجة الأمراض الخاصة بالبرد. وهم يشربون الحامض الساخن مع إضافة قليل من العسل أو الزنجبيل.
وتقول أخصائية التغذية أمل شعيب لـ"العربي الجديد": "تعتبر الوصفات الطبية المنزلية أساسية للعائلات في المناطق الجبلية للوقاية من الأمراض وعلاج تلك الخاصة بالإنفلونزا والرشح. وتحتوي المشروبات الساخنة على كميات كبيرة من الفيتامينات، مثل سي وبي والزنك، التي تساعد في طرد الفيروسات المسببة للأمراض الشتوية، وأيضاً على ألياف تسهّل عمل الأمعاء. وعموماً تحتوي برتقالة واحدة على ما يقارب الكمية الموصى بها يومياً للأفراد من فيتامين سي والزنك".
التوازن في الاستخدام
ورغم الفوائد الصحية الكثيرة للحمضيات، يحذر بيضون من أن "الإكثار من تناولها قد يتسبب في انعكاسات صحية سلبية، خاصة إذا كان المريض يعاني من سعال بالتزامن مع نزلة البرد. كما أن كميات السكر التي تحتويها الحمضيات، وتحديداً البرتقال، تزيد التهاب القصبة الهوائية وبالتالي السعال، لذا من المهم الحفاظ على التوازن لدى تناول الحمضيات خلال المرض".