- رغم الصعوبات والمواجهات مع الجيش الإسرائيلي، استطاع الفلسطينيون إيقاف النشاط الاستيطاني مؤقتًا وأنشأوا متنزهًا بدعم مالي محلي ودولي، معززين الوجود الفلسطيني ومقاومين للاستيطان.
- جبل نعلان أصبح مركزًا للنشاط الاجتماعي والديني، مع إقامة إفطارات رمضانية وصلاة التراويح، وبدء بناء مسجد وملعب رياضي، رغم التحديات الإسرائيلية المستمرة التي تعيق وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم.
عام 2018، أوقف أهالي بلدة المزرعة القبلية شمال غربي رام الله وسط الضفة الغربية مشروعاً استيطانياً في جبل نعلان الذي يقع ضمن أراضي البلدة، وأنشأوا متنزهاً لمحاولة الحفاظ على الجبل من مطامع المستوطنين، لكن جيش الاحتلال الإسرائيلي حوّل البلدة بعد اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلى منطقة عسكرية مغلقة، وشهدت الأسابيع الأخيرة تسيير المستوطنين رحلات ترفيهية إلى الجبل.
في تفاصيل المواجهة الممتدة منذ ست سنوات بين الفلسطينيين والمستوطنين حول جبل نعلان، أنشأ المستوطنون في مرحلة أولى مزرعة عنب في منطقة مصنفة "ج" وفق اتفاق أوسلو، أي تخضع للسيطرة المدنية والأمنية لإسرائيل، وأطلقوا عليها اسم "كيرم راعيم" التي تواجدت على بعد 500 متر من جبل نعلان الذي يقع في المنطقة "ب" وفق اتفاق أوسلو، أي تحت السيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية. ثم باشر المستوطنون شق طريق زراعية للوصول إلى الجبل، فهب أهالي بلدة المزرعة القبلية، ونظموا مسيرات أسبوعية شهدت معظمها مواجهات مع جيش الاحتلال، وأسفرت بحسب عضو لجنة جبل نعلان، وسيم لدادوة، عن سقوط شهيدين و80 جريحاً قبل أن تفضي إلى وقف النشاط الاستيطاني في الجبل، لكنها لم تمنع تحويل المستوطنين مزرعتهم إلى بؤرة استيطانية.
حينها قرر أهالي البلدة إنشاء مشاريع عامة ومتنزه من أجل إبقاء الوجود الدائم في الجبل والحفاظ عليه، لأن المستوطنين يتواجدون في مكان قريب وخطرهم قائم.
وسمحت تبرعات من البلدة وخارجها بتوسيع أملاك البلدية من دونمين اثنين إلى سبعة تنفيذاً لشرط وزارة الحكم المحلي الفلسطينية لإقامة متنزه، ثم بدأ العمل لتشييده على مساحة أكبر وصلت إلى 15 دونما مع إبقاء الأراضي الإضافية مسجلة بأسماء مالكيها. وقدمت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية نحو 70 ألف شيكل (19 ألف دولار) للمشروع.
أصبح المتنزه في جبل نعلان متنفساً للأهالي، بعد تجهيزه بألعاب للأطفال وكرافانات للخدمات وحمامات عامة، علماً أن مساحة أراضي البلدة تصل إلى 14 ألف دونم، لكن الأهالي لا يستطيعون الوصول إلا إلى 6 آلاف دونم بعضها ضمن المناطق "ج" التي يُمنع البناء أو إنشاء متنزهات فيها.
وتميّز شهر رمضان من كل عام باحتضان متنزه جبل نعلان نشاطات حوّلته إلى الأكثر حيوية في البلدة، بينها إفطارات جماعية مجانية للعائلات، وصلاة التراويح اليومية.
وأخيراً بدأ تشييد أساسات مسجد في جبل نعلان، وملعب رياضي جرت تسوية أرضه تمهيداً لتغطيته بعشب صناعي ليكون جاهزاً للاستخدام.
وأنعش هذا الوضع المنطقة التي كانت زراعية فقط قبل التحركات الاستيطانية قبل ست سنوات، وبُني منزلان على الأقل في الجبل، أحدهما للمقدسي خالد مناصرة الذي كان في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في منزله، وزاره عدد من أهالي البلدة على وقع الأنباء عن أحداث في مستوطنات بغلاف غزة. ثم غادر مناصرة المنزل إلى القدس وعاد بعد أيام قبل أن يغادر مجدداً، ثم أبلغه أهالي البلدة بعد أيام أن جيش الاحتلال صادر وحدات الإنارة الخاصة بالمنزل.
ومنذ نحو ستة أشهر لم يصل مناصرة إلى منزله مرة واحدة، وبات الجنود يمكثون داخله، علماً أنه يقع في منطقة عالية ويطل على البلدة.
وكان مناصرة حصل على ترخيص البناء من بلدية المزرعة القبلية ووزارة الحكم المحلي في السلطة الفلسطينية، لأن البيت مشيّد في المنطقة "ب"، لكن جيش الاحتلال أبلغه بأن تدابير الحرب والطوارئ تطبق حالياً، لكنه لم يزوده أية أوراق رسمية تمنع وصوله إلى منزله، بل شغله جنوده بالقوة فقط.
وامتدت هذه الحال إلى كل من يصل إلى جبل نعلان. وفي اليوم الرابع لاندلاع الحرب على غزة توجه حارس المستوطنة المجاورة إليهم ومعه قوة من جيش الاحتلال تضم أربع مركبات عسكرية، وسلّم الأهالي بياناً بقرار الجيش تحويل الجبل إلى منطقة عسكرية مغلقة خلال فترة الحرب.
ولاحقاً حاول شبان الخروج الى الجبل، لكن حارس المستوطنة منعهم كما يروي لدادوة، وأخبرهم أن القرار يسري طوال الحرب، وأنه يمكن أن يعودوا بعد انتهائها. لكن ذلك لا يبدو النية الحقيقية للاحتلال والمستوطنين، إذ وضع حارس المستوطنة أعلاماً إسرائيلية على قطع حديدية حول المتنزه، وصادر الاحتلال تلفازاً ومولد كهرباء ومقاعد خشبية ومعدات خاصة بالأهالي.
ويقول لدادوة: "من ينفذ هذه الأعمال هم المستوطنون أنفسهم، لكنهم يرتدون زي الجيش الإسرائيلي، والأهالي يعرفونهم، وهم نفذوا رحلات متكررة إلى المتنزه، برفقة أطفال ونساء، في الأسابيع الأخيرة، واستخدموا تجهيزات المتنزه كأنه لهم".
ويخبر لدادوة أن" حارس المستوطنة خاطب الأهالي مرات قائلاً: هذه أرض إسرائيل، أنتم مؤقتون هنا"، وهو يحاول حالياً مع عشرات المستوطنين إعادة السيطرة على الجبل بحجة تنفيذ قرار عسكري لتحويل المكان إلى منطقة عسكرية مغلقة بسبب الحرب على غزة، وتحت تهديد استخدام السلاح لقتل كل من يقترب من الجبل".