مع انشغال العالم بالحرب على أوكرانيا، فشلت الأمم المتحدة هذا الأسبوع في جمع الأموال الكافية من المانحين الدوليين لمساعدة اليمن على تغطية احتياجاته لتفادي كارثة كبرى في البلد الفقير الغارق في الحرب.
وتحذّر المنظمات الإغاثية من أنّ نقص التمويل، وأحد أسبابه غياب ممولين رئيسيين في الخليج، سيعود بعواقب تفاقم آثار النزاع الذي قتل مئات الآلاف وشرّد ملايين السكان ودمّر الاقتصاد وسبّب أكبر أزمة إنسانية في العالم.
وفي افتتاح مؤتمر للمانحين يوم الأربعاء الماضي، حذّر رئيس هيئة المساعدات الإنسانية السويسرية مانويل بيسلر من أنّ "أوكرانيا تُبقينا مشغولين، لكن من الضروري ألا ننسى أي أزمة أخرى"، وخصوصاً اليمن.
لكن في ختام الاجتماع، لم تستطع الأمم المتحدة إلا أن تعرب عن إحباطها بعدما جمعت 1,3 مليار دولار من أصل 4,27 مليارات دولار يحتاجها اليمن بشكل عاجل. ويقول ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، أوك لوتسما: "هذا يعني أن احتياجات اليمنيين لن تُلَبّى"، محذّراً من أنّ "هذا أحلك وضع عرفناه حتى الآن للبلاد" .
ومنذ أشهر عدة، كانت الأمم المتحدة تعرب عن قلقها من عواقب نقص التمويل للمساعدات الإنسانية، بينما شهد الصراع على الأرض تجدد العنف بشكل منتظم بين جماعة أنصار الله الحوثيين والحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية.
وتهدد الحرب الأوكرانية أمن اليمن الغذائي، إذ توفّر أوكرانيا نحو ثلث إمداداته من القمح. ووفقاً لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، قد يؤدي الصراع في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في البلاد.
واضطر برنامج الأغذية العالمي بالفعل إلى خفض الحصص الغذائية لثمانية ملايين يمني هذا العام. ووفقاً لوكالات الأمم المتحدة، قد يحتاج ما يصل إلى 19 ملايين شخص من بين 30 مليوناً إلى مساعدات غذائية خلال النصف الثاني من عام 2022.
وتقول المتحدّثة باسم البرنامج لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عبير عطيفة، إن تلبية احتياجاتهم الغذائية تتطلب 181,4 مليون يورو شهرياً. تضيف: "كنّا نتوقع المزيد، وخصوصاً من المانحين في منطقة الخليج". ففيما كانت السعودية والإمارات أكبر الدول المانحة عام 2021، إلا أنّهما لم يقدّما أي وعود هذه المرة.
وتعلن الرياض وأبوظبي بانتظام إرسال مساعدات إلى البلاد من خلال شبكتيهما الخاصتين من الوكالات الإنسانية المحلية. وجاء إحجام الدولتين عن إعلان تقديم مساعدات ضمن المؤتمر في وقت تمر علاقاتهما مع الولايات المتحدة بمرحلة من التوتر، إذ ترفض إدارة الرئيس جو بايدن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، رغم هجماتهم المتكرّرة على السعودية والإمارات.
وترى الباحثة في جامعة أكسفورد، اليزابيث كيندال، أنّ البلدين المتحالفين "يبدو أنّهما يريدان الآن التحكم بتمويلهما (للمساعدات الإنسانية المخصّصة) لليمن، بدلاً من تكليفها للأمم المتحدة". وتشير إلى أنّ المناطق الأكثر تضرّراً من الأزمة الإنسانية، التي بيد الحوثيين وفي قلب المعارك الدائرة. والمملكة العربية السعودية، على غرار الإمارات العربية المتحدة، متردّدة في رؤية المساعدات تذهب إلى المناطق التي تدعم فيها قوات الحكومة في معاركها".
وبحسب الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، عبد الغني الإرياني، فإن دول الخليج الثرية تسعى لأن تقدّم مساعدات "بالطريقة التي تجني فوائد سياسية أكبر، من خلال منظماتها الخاصة".
(فرانس برس)