حكاية الإندونيسية نايلة شبيرة في مواجهة تغير المناخ

25 ديسمبر 2024
نايلة شبيرة (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مكافحة التغير المناخي: بدأت نايلة شبيرة مسيرتها بمساعدة المزارعين في القرى الفقيرة، وأطلقت مبادرات مثل "مراكي آسا" وبرنامج مساعدة الشركات لتبني أهداف خفض الانبعاثات.

- التعليم والمشاركة الشبابية: تؤمن نايلة بأهمية التعليم في مواجهة التغير المناخي، حيث وصلت إلى 30 ألف طالب عبر "مراكي آسا"، وأطلقت مشروع "ون بالس" لتركيب الألواح الشمسية في المناطق الريفية.

- التعاون والمبادرات المستقبلية: تشارك نايلة في مشاريع لإزالة الكربون بالتعاون مع شركات ووزارات، وتؤكد على تخصيص المبادرات للسياقات المحلية، مع التركيز على التعليم والتعاون مع دول مثل قطر.

في عالم يواجه تغير المناخ وعدم المساواة، تقدّم الإندونيسية نايلة شبيرة قصة كفاح في مجال الطاقة والاستدامة.

تشكّلت أفكار شبيرة في مجال مكافحة التغيّر المناخي من خلال معايشة معاناة المزارعين في القرى الفقيرة، حيث بدأت مشاريعها لاحقًا. كان هؤلاء المزارعون يعزون فشل محاصيلهم إلى "الطقس" أو "القدر"، غير مدركين أن تغيّر المناخ الذي يتسبب فيه الإنسان هو السبب الجذري. ألهمها نضالهم التعمق في الحلول الشعبية للتحديات البيئية، ممزوجة بروحها الريادية والتزامها الاستدامة.

تقول نايلة شبيرة لـ"العربي الجديد"، إنّ "الاعتراف بإلحاح هذه القضايا وفهم قدرتي على المساهمة دفعاني إلى متابعة هذا المسار". وأضافت أن الدعم الذي تلقته من عائلتها وزملائها وسلسلة من الفرص الرائعة ألهمتها للبقاء ملتزمة بمهمتها.

لم تكن رحلة نايلة سهلة، خصوصاً أنها امرأة تعمل في مجال يسيطر عليه الرجال. واجهت لحظات من الشك، حيث تساءل الشركاء المحتملون عن التزامها المشاريع طويلة الأمد. خلال مبادرة "مراكي آسا"، كانت هناك حالات جرى فيها تهميش عروض فريقها لصالح مقترحات يقودها رجال. سلطت هذه التجارب الضوء على التحيزات الضمنية المستمرة التي لا تزال تشكل هذه الصناعة.

لكن شبيرة رفضت السماح لهذه التحديات بعرقلة تقدمها. اختارت التركيز على تقديم النتائج، وإثبات قدراتها من خلال عملها. في المعهد العالمي للموارد في إندونيسيا، قدمت وفريقها برنامج المساعدة للشركات، وهي مبادرة ساعدت 20 شركة على تبني أهداف خفض الانبعاثات المستندة إلى العلم. لم يعالج البرنامج الانبعاثات الصناعية الحرجة فحسب، بل حصل أيضًا على اعتراف بأنه من بين أفضل 10 نتائج سنوية لمعهد WRI العالمي في عام 2023.

وتوضح نايلة قائلة: "السماح للنتائج بالتحدث عن نفسها كان أسلوبي. في بعض الأحيان، من المهم أن تكون حازمًا وتدع عملك يثبت قيمتك".

التعليم وسيلة للتغيير

كان التعليم دائمًا في قلب التحول بالنسبة إلى نايلة، ومن خلال مبادرتها "مراكي آسا"، وصلت نايلة إلى أكثر من 30 ألف طالب، وربطتهم بفرص التعلم العالمية وتطوير المهارات. تدمج الوعي البيئي في التعليم، مع التركيز على الحاجة إلى التعرض للعالم الواقعي والأسس العلمية.

تقول نايلة: "أعتقد أن الجهد الأكثر تأثيرًا للتخفيف من آثار التغير المناخي هو تزويد القادة المستقبليين بتعليم حول المناخ". ومن خلال جعل التحديات شخصية وقابلة للتواصل، ألهمت نايلة الطلاب لاتخاذ إجراءات في مجتمعاتهم.

يمثل مشروع نايلة شبيرة "ون بالس" هذا النهج. ومن خلال جلب متطوعين شباب إلى المناطق الريفية لتركيب الألواح الشمسية، يوفر المشروع الكهرباء للمجتمعات المحرومة ويوفر للشباب تجربة مباشرة في مواجهة تحديات المناخ. وبالمثل، يُعلّم معسكر قيادة المناخ للشباب في جاكرتا طلاب المدارس الثانوية حول المشهد الأوسع للقضايا البيئية، ويُعدّهم ليصبحوا قادة مطلعين واستباقيين.

أخذت شبيرة التزامها بالتعلم مدى الحياة إلى جميع أنحاء العالم. وبالإضافة إلى مساعيها الأكاديمية، شاركت في المدرسة الصيفية الدولية الأولى للنساء المحترفات في الصناعة النووية، التي أقيمت في أوبنينسك، بروسيا، حيث وفرت البرامج منصة للقائدات في مجال الطاقة لتبادل الأفكار واستكشاف التقنيات المبتكرة وتوسيع شبكاتهن العالمية.

تقول نايلة شبيرة عن هذه التجربة: "كان من الملهم التواصل مع محترفات من خلفيات متنوعة. عزز ذلك إيماني بأن التعاون عبر الحدود والصناعات أمر أساسي لمعالجة التحديات العالمية مثل تحولات الطاقة".

تمتد جهود شبيرة إلى ما هو أبعد من النتائج القابلة للقياس، إذ يركز عملها في معهد WRI إندونيسيا على إزالة الكربون من الصناعات والتحول في الطاقة، ومعالجة أحد أكبر مصادر انبعاثات غازات الدفيئة. وأظهرت مبادرات مثل برنامج المساعدة للشركات بالفعل تأثيرات ملموسة، مع إمكانية تخفيض ما يصل إلى 3.5 ملايين طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030.

تبرز رحلة نائلة التأثير العميق للصمود والتعليم والرؤية في تشكيل مستقبل مستدام، من تمكين المجتمعات المحرومة بالطاقة النظيفة إلى تعزيز القيادة المناخية بين الشباب، وتمثل تجسيداً للقوة التحويلية للعمل الشعبي والتعاون العالمي. ويشكل التفاني الثابت لنائلة شبيرة مصدر إلهام لاحتضان القدرة على التغيير، مثبتة أن الأفعال الفردية، المدفوعة بالهدف، يمكن أن تخلق موجة جماعية من التحول.

تعمل نايلة شبيرة، المتخصصة في الطاقة والمشاركة التجارية المستدامة، حاليًا على مشاريع وطنية تتعلق بإزالة الكربون من الطاقة والصناعات. يشمل عملها التعاون الوثيق مع شركات متعددة الجنسيات ووطنية تحت مظلة مركز كادين للوصول إلى الحياد الكربوني ومسرّع الاستثمار في الطاقة النظيفة (CEIA)، ووزارة الصناعة في جمهورية إندونيسيا، وجمعيات الصناعة. يجري تطبيق معايير عالمية مثل مبادرة الأهداف العلمية (SBTi) وبروتوكول غازات الاحتباس الحراري (GHG).

وقالت نايلة إن الدول العربية تمتلك إمكانات هائلة لتبني نماذج مثل مشروع "ون بالس" وتكييفها بما يتماشى مع ثرائها الثقافي، وشبكاتها المجتمعية القوية، وتركيزها المتزايد على الاستدامة، حيث لكل منطقة تحدياتها وفرصها الفريدة، ما يجعل من الضروري تخصيص المبادرات لتناسب السياقات المحلية، ولفتت إلى أنه "على سبيل المثال، في المناطق الريفية أو المحرومة، يمكن أن توفر المشاريع التي تقدم حلول الطاقة النظيفة مثل تركيب الألواح الشمسية حلاً لمشكلة فقر الطاقة، مع تعزيز شعور الشباب بالمسؤولية والمشاركة. يمكن تنفيذ هذه المشاريع بالتعاون مع الحكومات، والمنظمات غير الحكومية، والقطاع الخاص، لضمان توسعها واستدامتها".

وأكدت أن التعليم يلعب دوراً محورياً، مشيرة إلى أن "إدماج التعليم البيئي والمناخي في المناهج الدراسية وبرامج القيادة الشبابية يمكن أن يُلهِم الجيل القادم لاتخاذ خطوات استباقية نحو الاستدامة. ويمكن أن تجعل ورش العمل، والتدريبات العملية، وحملات التوعية المصممة لتناسب السياقات الثقافية للمنطقة، التحديات المناخية أكثر قرباً وواقعية".

وقالت إن قطر، باستثماراتها الكبيرة في الاستدامة مثل رؤيتها الوطنية 2030 وقيادتها في استضافة الأحداث العالمية التي تركز على المناخ، تعد لاعباً رئيسياً في دفع المبادرات المناخية الإقليمية، لافتة إلى أنه "يمكن للتعاون مع دول مثل قطر، التي اتخذت خطوات بالفعل نحو دمج الطاقة النظيفة والتنمية الحضرية المستدامة، أن يعزز تبادل المعرفة ويساهم في توسيع نطاق المشاريع المجتمعية عبر العالم العربي".