يعتمد عدد من طلاب الجامعات في الشمال السوري على حملات تطلقها فرق تطوعية يشارك فيها طلاب جامعات وخريجون، لتوفير أقساط الجامعات لهم، ليتمكنوا من مواصلة التعليم الجامعي، نظراً للظروف الصعبة التي قد تعوق استمرار التعليم بالنسبة لهم.
ولا يمكن لبعض الطلاب، خاصة المعيلين أسرهم، مواصلة التعليم دون الاعتماد على هذا النوع من الحملات، ومنهم الطالب علاء حبلص، الذي أوضح لـ"العربي الجديد" أن والده اعتقل منذ عام 2012، وأجبرته الظروف أن يكون معيلاً لأسرته، الأمر الذي كان حاجزاً بينه وبين الدراسة الجامعية.
وأضاف حبلص: "عام 2018 لم تكن الأسباب المادية تسمح لي بدخول الجامعة، وتمكنت من العمل والدراسة في السنة الأولى والثانية، وفي كل عام كنت معرضاً للانقطاع عن الدراسة".
وأضاف: "لم أكن أشعر بالأمان بشأن استمراري في الجامعة، إذ كنت معرضاً في أي لحظة للفصل، بسبب التخوف من دفع الرسوم.. هذا كان صعباً ويؤثر على المستوى الدراسي، وخلال العام صراحة أنا آمل الاستمرار في دراستي بسبب الحملة، التي كان لها الأثر الكبير في إكمالي هذه السنة، فدخلي ضعيف ويذهب للأسرة، وقد رأيت في الحملة أملاً لمتابعتي الدراسات بأمان هذا العام".
بلال جبيرو، مدير "المنصة السورية للتدريب التطوعي" والمشرف على "حملة جامعيون ولكن"، وهي الحملة التي أطلقت مؤخراً لجمع أقساط طلاب الجامعات، أوضح خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن "حملة جامعيون ولكن" دخلت سنتها الثالثة على التوالي، واستهدفت نحو 500 طالب سابقاً خلال عاميها الماضيين، وهذا العام استهدفت 300 طالب.
وأضاف جبيرو: "الحملة مخصصة لطلاب الجامعات، والإشراف على الحملة هو من قبل المنصة السورية للتدريب التطوعي، لكن كوننا نؤمن بأن هذه المشاريع بحاجة لتكاتف مجتمعي لم تكن المنصة بمفردها، فهناك هيئة الإغاثة الإنسانية (iyd) التي شاركت بجزء من رواتب متطوعيها لدعم الحملة، وكان هذا جهداً مباركاً، إضافة لمنظمة بنفسج التي خصصت رابطاً للمشروع".
وأوضح جبيرو: "كانت الفكرة تشاركية لدعم الحملة، إضافة لمشاركة تجار من داخل سورية وخارجها، والقائمون على الحملة هم طلاب جامعيون وخريجون أشرفوا على الحملة، وكان الترتيب عن طريق إطلاق رابط سجل عليه أكثر من 2000 طالب وطالبة، والذي وافق المعايير جرت دعوته للمقابلة، وكانت هناك مقابلتان، واحدة في إدلب والثانية في أعزاز، كانت هناك لجنة دققت المعلومات والوثائق وعملية تحقق شاملة ليستهدف المستحق بدقة".
وأدرف جبيرو: "استهدفت الحملة 300 طالب في جامعة حلب وإدلب وشام، وأطلقت أيضاً حملة لكفالة طلاب جامعة ماردين في تركيا من السوريين، كون نسبة كبيرة منهم بحاجة، والمنطقة لا يوجد فيها عمل أو وظائف، والطالب يضطر إلى أن يجلس فيها، وبالتالي يكون عالة على أهله".
ولفت المتحدث ذاته إلى أن الهدف الأول للحملة هو الوصول لنحو 400 طالب، متابعاً: "في حال وصلنا إلى هذا الرقم سيكون ذلك إنجازاً جيداً"، موجهاً رسالة مفادها أن "ملف التعليم من أهم أولويات أي دولة لتنهض وأي مجتمع، ولا يمكن دعمه إلا بالتكاتف والمساندة والتشاركية، وهذا ما تؤمن به المنصة ومعظم العاملين في الحملة، نرجو أن يكون هناك اهتمام وأولوية لملف التعليم للوصول إلى سورية الوعي والحرية".
وسيم الأعرج، أحد القائمين على الحملة، أوضح خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن الحملة يجري إطلاقها في كل عام في هذا الوقت من العام عند التقديم للجامعات، وهي حملة شعبية برعاية المنصة السورية للتدريب التطوعي لكفالة الطلاب المنقطعين، ضمن جامعات إدلب وحلب وجامعة شام بشكل أساسي، ويكون الإطلاق على مراحل عدة، تبدأ بالإعلان، ثم الإجابة عن بعض الأسئلة عبر رابط المنحة، ثم موافقة الطالب للشروط، وأهمها ألا يكون مستفيداً من أي منحة أو مسدداً أي جزء من القسط، والتسديد يكون للفصل الأول من العام الدراسي، وأهم المعايير ألا يكون طالبان من العائلة ذاتها، وهناك أولوية لأبناء الشهداء وأبناء المعتقلين والمعيلين عوائلهم والمنقطعين عن الدراسة لفترة طويلة.
وذكر جبيرو: "بعد إتمام هذا الأمر يتم تحديد الطلاب وإجراء المقابلات والتحقق من المعلومات، لمعرفة المعدل، وألا يكون في سجل الطالب سنوات رسوب، ويكون غير مسدد لأي قسط، ويكون معدله فوق 65 بالمائة، ويتم التواصل مع إدارات الجامعات لتسديد الوصول للطلاب، وبعدها يمنح الطلاب الوصول ليجري توثيقها ضمن الحملة".
وتتراوح أقساط الطلاب للفصل الجامعي ما بين 100 و150 دولاراً بالنسبة للحاصلين على كفالات من الحملة، وهذا يسهّل عليهم مواصلة التعليم الجامعي دون مخاوف من الانقطاع عن الدراسة.