تصاعدت في الآونة الأخيرة أعداد ضحايا حوادث السير في العراق لا سيما في مناطق جنوب وغربي البلاد، ونشرت مديرية المرور، أمس الخميس، حصيلة جديدة لضحايا هذه الحوادث التي شكلت خلال الأسابيع الماضية مادة جدل واسع.
ويعزو مسؤولون عراقيون اتساع المشكلة إلى تهالك الطرق وعدم إنشاء أخرى جديدة أو إضافة تحديثات على الموجودة قبل الغزو الأميركي للعراق عام 2003، إضافة إلى ضعف التجاوب مع تعليمات وقوانين المرور وقلة العلامات التحذيرية.
وقال مدير المرور العامة في العراق، اللواء طارق إسماعيل، إنّ "المديرية سجلت أكثر من 2000 حالة وفاة جراء حوادث السير في عام 2021".
وتعتبر الحصيلة المعلنة أكثر بكثير من أرقام ضحايا العمليات الإرهابية التي شهدتها مدن عراقية مختلفة بين وقت آخر في العام ذاته.
وشرح المسؤول العراقي، في تصريحات أوردتها القناة الحكومية الرسمية، جملة من التحديات التي تواجه عمل دوائر المرور في مختلف مدن العراق، مؤكداً أنّ "الخطوة الأخيرة في فرض ارتداء حزام الأمان لتقليل الخسائر البشرية جراء حوادث السير بنسبة 60%، وهي نسبة جيدة، ما يحتم على جميع سائقي السيارات الالتزام بالقرار".
واعتبر أنّ "ظروف البلاد والتحديات الأمنية فيها كانت تمنع تطبيق ارتداء حزام الأمان"، معلناً في الوقت ذاته بدء نظام فرض الغرامات المالية على كل من لا يلتزم بقرارات وقوانين المرور.
ووفقاً للواء إسماعيل، فإنّ "الإشارات المرورية في التقاطعات أصبحت غير مجدية في البلاد، خاصة مع الكثافة السكانية والزخم المروري، ونحن نعتمد على رجال المرور، الموجودين على التقاطعات ليل نهار، بتنظيم حركة السير في التقاطعات"، مشيراً إلى أنه "في حال الاعتماد على الإشارات المرورية بشكل صحيح، فإنّ ذلك يعني أنّ المواطن لن يصل إلى منزله بأقل من 3 ساعات".
وأول من أمس الأربعاء، شهدت محافظة بابل مصرع خمسة مدنيين وجرح آخرين، جراء حادث مروري على طريق عام شمالي المحافظة، فيما أعلنت الشرطة في إقليم كردستان، أمس الخميس، وفاة مواطن وإصابة أربعة آخرين، جراء حادث اصطدام مركبتين.
وفي هذا السياق، قلّل مسؤول في وزارة الصحة العراقية من دقة الأرقام التي أعلنتها دائرة المرور، مؤكداً أنها أعلى بكثير من رقم الألفي ضحية.
وأضاف، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أنّ كثيراً من الضحايا يتوفون داخل المستشفيات بعد وصولهم جراء حوادث مرورية، والحصيلة الموجودة لدينا تتجاوز ثلاثة آلاف ضحية، عدا عن آلاف المصابين خلال العام الماضي. وتوقع أن تكون الحصيلة هذا العام أعلى، بسبب تصاعد تسجيل بلاغات الحوادث، إثر العواصف الترابية، واستمرار تهالك الطرق خاصة الخارجية منها.
النقيب محمد الغراوي من مديرية المرور العامة قال إنّ سوء حالة الطرق بالعموم يتحمل مسؤولية نحو 60% من حوادث السير المميتة، لكنّ هناك أسباباً أخرى، مثل عدم تطبيق أنظمة وقوانين المرور بشكل تام على الجميع، مضيفاً، لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك حالة واضحة في التمرد على أنظمة السير والمرور في الشوارع العراقية، لا سيما من قبل مواكب المسؤولين والقيادات السياسية الأحزاب وغيرها، وشرطة المرور تجد صعوبة في تطبيق النظام على الجميع".
وبيّن "تعرض الكثير من رجال المرور للضرب والاعتداءات من قبل هؤلاء عندما أرادوا تطبيق قوانين المرور عليهم".
وشدد على أنّه "لا يمكن أن يتحمل رجل المرور وحده مسؤولية تنظيم حركة السير، بل يحتاج إلى حماية من قبل الدولة، وإلى دعم بتطبيق القانون على الجميع، ومحاسبة المخالفين"، موضحاً أنّ "الشوارع في البلاد لا تستوعب أعداد السيارات، وأن تنظيم حركتها يحتاج إلى التزام الجميع بأنظمة المرور من دون استثناء، وهذا ما تسعى له مديرية المرور".
يشار إلى أنّ البرلمان العراقي صوّت على قانون المرور الجديد مطلع مايو/أيار 2019، والذي نص على مضاعفة الغرامات على السائقين ممن يرتكبون المخالفات المرورية، إلا أنه لم يحجم من ارتكاب المخالفات.