لم يكن يخطر في بال زاهد خان وهو ناشط شاب من اللاجئين الروهينغا في مخيّم كوتوبالونغ في بنغلادش أن يفقد منزله بسبب الأمطار الغزيرة التي هطلت على المنطقة في السابع والعشرين من يوليو / تموز الماضي. وخان الذي تحدّث إلى صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أشار إلى أنّه هو وعائلته لم يملكوا أيّ وسيلة للفرار بعدما اجتاحت المياه منزلهم. وحاولوا قدر الإمكان إخراج المياه التي أغرقت منزلهم من خلال حفر الخنادق. يضيف أنّه "بعد أيام، نجحنا في إخراج المياه، لكنّنا فقدنا منزلنا بكلّ أثاثه ومحتوياته، بالإضافة إلى أوراقنا الثبوتية".
ويكافح خان اليوم مع مئات من اللاجئين الروهينغا الذين فرّوا من ميانمار لإعادة إعمار البيوت التي هدمتها السيول متسببة في تشريد الآلاف، خصوصاً أنّ المياه التي تدفّقت في بنغلادش، البلد المضيف، أظهرت بشكل بارز هشاشة إنشاء المخيمات في المنطقة التي يتعيّن إصلاحها أو إعادة تشييدها من جديد. وبحسب ما يقول خان، لم تتلقَّ عائلته أيّ مساعدات باستثناء قيام جمعيات غير حكومية بتأمين مواد أولية مثل الخيزران والقماش.
ثمّة قصص أخرى تشبه قصة زاهد خان، فمئات من اللاجئين الذين يعيشون في هذا المخيّم مضطرون إلى إعادة بناء منازلهم بأنفسهم، وسط صعوبات لوجستية كثيرة. يُذكر أنّ الأمطار والفيضانات التي اجتاحت المنطقة، تسبّبت في نزوح ما لا يقلّ عن 21 ألف لاجئ من الروهينغا.
تجدر الإشارة إلى أنّ مخيم كوتوبالونغ أنشئ في تسعينيات القرن الماضي في بنغلادش، لكنّه توسّع في أغسطس/ آب من عام 2017، ليصير أكبر مخيّم للاجئين في العالم. فهو يضمّ ما لا يقلّ عن 700 ألف لاجئ من الروهينغا الذين فرّوا من العنف في ميانمار المجاورة. ومع تدفّق اللاجئين ومحاولتهم بناء منازل بسيطة، عمدوا إلى إزالة الغابات، الأمر الذي أدّى إلى إضعاف التربة فصارت مياه الأمطار تتدفق مباشرة من التلال، الأمر الذي تسبّب في هذه الكارثة.
وكانت وكالات الأنباء قد أشارت إلى أنّ الفيضانات تسبّبت في وفاة ما لا يقلّ عن ستة من الروهينغا، إلى جانب 15 بنغلادشياً. كذلك، دمّرت السيول الجسور والطرقات والمسارات التي يستخدمها اللاجئون للتنقل داخل المخيمات المترامية الأطراف والتي تُعَدّ ضرورية لتقديم المساعدات في المناطق التي يصعب الوصول إليها. يُذكر أنّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أشارت إلى أنّ مئات العيادات ومراكز المساعدات والمراحيض تضرّرت بشكل كبير.
من جهته، يقول محمد زنيد: "الحياة التي نعيشها هنا في المخيم هي عيّنة من الجحيم". وزنيد مصوّر وعامل إغاثة تضرّر مسكنه كذلك بسبب الانهيار الأرضي الذي وقع. يضيف: "لا نرغب في العيش هنا دقيقة واحدة، نريد أن نعيش بأمان وكرامة". وبحسب زنيد، فإنّ "أزمة كورونا فاقمت معاناة اللاجئين، إذ خُفّض عدد منظمات الإغاثة فتُرك بالتالي مئات من الروهينغا يواجهون مصيرهم بأنفسهم". ويطالب زنيد بـ"ضرورة الضغط على ميانمار لمنح الروهينغا حقّ العودة. وهذا أمر غير مرجّح إلى حدّ كبير بعد الانقلاب العسكري هذا العام".
وفي محاولة لإثارة الرأي العام العالمي، أعلنت عائلات عدّة إضراباً عن الطعام، رافضة الحصول على حصص من برنامج الأغذية العالمي، حتى تتمكن من الحصول على ظروف معيشية أفضل. ويقول أحد منظمي الإضراب الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، إنّ "ثماني نساء شاركنَ في الإضراب فتعرّضن إلى الضرب على أيدي عناصر الشرطة، الأمر الذي يبيّن العنف الذي تواجهه العائلات هنا، لمجرّد المطالبة بأبسط الحقوق".
وكان البنك الدولي قد أعلن سابقاً عن تخصيص 590 مليون دولار أميركي للمساعدة في دعم اللاجئين الروهينغا وكذلك لأهل المجتمعات المضيفة. ووسط الفيضانات التي اجتاحت المنطقة، أعادت الأمم المتحدة التشديد على ضرورة تقديم الدعم للأشخاص الذين يعيشون في القرى المجاورة وتخصيص أموال لمساعدتهم، خصوصاً أنّ عدداً كبيراً من البنغلادشيين في منطقتَي تكناف وأوخيا يعانون من الفقر المدقع. وفي هذا الإطار، يؤكد مدير المجلس النرويجي للاجئين في بنغلادش، جيمي مون، أنّ الطقس القاسي يؤثّر على عمل المنظمات.