شكّل تداول معلومات حول تجارب وحشية على 44 كلباً في تونس صدمة لمحبّي الحيوانات والمدافعين عنها، الذين طالبوا بالكشف عن تفاصيل هذه العملية والمختبر الذي يقف وراءها، في انتظار تأكيدها رسمياً. وجاء ذلك عقب نشر وسائل إعلام أميركية خبراً مفاده أنّ عدداً من البرلمانيّين من الحزبَين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة الأميركية طالبوا بالحصول على إجابات من المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المعدية، ومن مديره كبير المستشارين الطبيين في البيت الأبيض أنتوني فاوتشي، في ما يخصّ تمويل أُنفق من حساب دافعي الضرائب من أجل إجراء تجارب وصفوها بـ"الوحشية" على جراء كلاب من فصيلة "بيغل" في مختبر بتونس.
ونشرت مجلة "نيوزويك" الأميركية، في 23 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أنّ 24 عضواً من البرلمان وقّعوا رسالة بعثوا بها إلى فاوتشي للحصول على تفاصيل حول التجارب المجراة على الكلاب في تونس، بعدما أنفق المعهد 1,68 مليون دولار أميركي مقابل ذلك. أضافت "نيوزويك" أنّ الكلاب خضعت لتجارب وحشيّة، جرى خلالها قطع حبالها الصوتية ووضعها في صناديق للتعرّض إلى لسعات ذباب الرمل ساعات طويلة، قبل أن يتمّ التخلّص منها عبر الإجهاز عليها ثمّ تشريحها.
وقد تناقل ناشطون وجمعيات للرفق بالحيوان في تونس الخبر الذي وُصِف بـ"الصادم"، وقد طالبوا بضرورة الكشف عن المختبر الذي تعامل مع المعهد الأميركي وتسبّب في انتهاك حقوق الكلاب من خلال إخضاعها لهذه "التجربة القاسية". وقد أُطلق، بعد الكشف عن تعرّض الكلاب إلى لدغات من الذباب القاتل في إطار تجارب مخبرية، وسم "أوقفوا الاعتداء على الحيوانات".
وطالبت مليكة عليّة، عضو جمعية "صوت الحيوانات التونسية"، بضرورة التحرّك من أجل "حماية هذه الكائنات من التعسّف البشري في حقّها وإخضاعها إلى تجارب وحشيّة"، مشدّدة لـ"العربي الجديد" على "ضرورة الكشف عن الأطراف التي تقف وراء هذه العملية والمختبر الذي تقاضى أموالاً مقابل تسهيل تلك التجارب". أضافت مليكة أنّ "تعثّر تفعيل قانون حماية الحيوانات يسهّل كلّ الانتهاكات التي تحصل في حقّ الكلاب أو غيرها من الحيوانات التي صارت معرّضة إلى مخاطر متعدّدة، بما في ذلك القنص البوليسي للكلاب السائبة وقلّة الرعاية البيطرية".
في المقابل، نفى مدير عام معهد باستور الحكومي في تونس الهاشمي الوزير ما يُتداوَل حول إخضاع الكلاب لعمليات قطع الحبال الصوتية أو تعريضها إلى خطر بسبب التجارب، مشيراً لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "البحث الجاري يأتي في إطار تطوير دواء ضدّ مرض الليشمانيا المنتشر في تونس بين الأطفال". أضاف أنّ "كلّ الأدوية تُجّرب في المراحل السريرية الأولى على حيوانات من أجل التأكد من مدى نجاعة العلاج"، مؤكداً أنّ "الكلاب في صحة جيدة وتتمّ رعايتها من قبل أطباء بيطريين". وتابع الوزير أنّ "معهد باستور يجري بحوثاً في إطار شراكات دولية تهمّ أكثر من 60 مشروع بحث تحترم القوانين والمواثيق الدولية"، لافتاً إلى أنّ "اختيار معهد الصحة القومي الأميركي تونس لإجراء التجارب الحالية المتعلقة بمرض الليشمانيا هو بسبب اكتساب تونس خبرة طويلة في البحوث العلمية في مكافحة هذا المرض".
ومع أنّ القانون التونسي يعاقب من يعذّب الحيوانات بالسجن 15 يوماً وبغرامة قدرها 4500 دينار تونسي (نحو 1600 دولار أميركي)، فإنّ هذا القانون لم يُفعَّل، في حين ترتفع نسبة قتل الحيوانات.