كشف عضو في هيئة الدفاع عن النشطاء الأعضاء في "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات" المحكوم عليهم الشهر الجاري بالسجن لمدة تتراوح ما بين 5 سنوات والمؤبد، عن وصول معلومات مؤكدة لديهم بإصابة عائشة خيرت الشاطر المحكوم عليها في القضية بالسجن المشدد 10 سنوات، بمرض خطير وتدهور حالتها الصحية، من دون السماح بزيارتها.
أضاف، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه في الجلسة السابقة لجلسة النطق بالحكم في القضية، وردت إلى هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم التقارير الطبية الخاصة بتوقيع الكشف الطبي على بعض المعتقلين في القضية، بناء على طلب هيئة الدفاع الموكلة عنهم. وأثبت القاضي خلال الجلسة التقارير الطبية وكان يقرأها على مسامع الحضور. لكن عندما جاء دور التقرير الطبي للمعتقلة عائشة خيرت الشاطر، صمت القاضي ورفض قراءة التقرير، وعقب نصاً قائلاً: "إنتي عايشة ازاي بالحالة ديه (كيف تعيشين في هذه الحالة؟)".
ورغم ذلك، رفض القاضي إطلاع هيئة الدفاع على التقرير الطبي الخاص بها، كما أنه رفض طلب هيئة الدفاع إخلاء سبيلها على ذمة القضية، أو نقلها ووضعها في أحد المستشفيات المتخصصة لتدهور حالتها الصحية.
وقال عضو هيئة الدفاع إنهم حصلوا على معلومات مؤكدة حول التقرير الطبي الخاص بها، تضمن تدهور حالتها الصحية نتيجة لإصابتها بمرض مزمن في الدم، تحوّل إلى حالة مرضية "شديدة الخطورة". وتابع أن هيئة الدفاع بصدد التقدم بطلب رسمي إلى الجهات المختصة لأخذ نسخة رسمية من التقرير الطبي، بعدما تأكدت من محتواه، ثم التقدم بطلب لنقلها إلى مستشفى طبي متخصص لتلقي العلاج اللازم بحالتها، كما تبحث إمكانية التقدم بطلب "عفو طبي" عنها بسبب التدهور الكبير في حالتها الصحية.
وقالت منظمة العفو الدولية، في بيان سابق لها، إنه يجب على السلطات المصرية أن تضع حداً فورياً لتعذيب المحتجزة عائشة الشاطر التي تعاني من حالة صحية حرجة. تابع البيان أنه بعد اعتقالها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، أبلغت مصادر منظمة العفو الدولية أن عائشة تعرضت للضرب المبرح والصدمات الكهربائية والاختفاء القسري، ولم تنته محنتها عندما أمرت السلطات بنقلها إلى سجن القناطر النسائي في أواخر يناير/ كانون الثاني 2019. بدلاً من ذلك، تعرضت للحبس الانفرادي المطول في ظروف تصل إلى حد التعذيب.
ووفقاً للمصادر الطبية بحسب البيان، فهي تعاني من حالة مرضية تعرف باسم "فقر الدم اللاتنسجي"، وهي حالة نادرة وخطيرة تؤثر على الدم، وقد تدهورت صحتها بسرعة، وتم نقلها لتعرّضها لنزيف حاد إلى مستشفى القصر العيني، حيث عولجت بالصفائح الدموية. مع ذلك، تتطلب حالتها علاجاً متخصصاً ومكثفاً ومستمراً في مرفق طبي مجهز بشكل مناسب. ففي حالتها الحالية، لا تزال حياتها عرضة لخطر شديد بسبب احتمالية تعفن الدم أو النزيف.
#عائشة_الشاطر
— ☠️EMA إيما (@ghost_girl2023) March 11, 2023
لم تحرك فيكم شعرة بمرضها وحرمانها من الزيارة ورؤية أولادها من نوفمبر٢٠١٨ وذلك بسبب الخصومة السياسية مع والدها
دخلت سليمه والآن مصابة بمشكلة ف النخاع الشوكي ولم يشفع لها🙂
اي البشر أنتم وأي القلوب التي تحملونها بداخل صدوركم
حسبنا الله ونعم الوكيل#سجن_بدر #الخُراج pic.twitter.com/0o0l4LrwZx
وقالت مديرة الحملات في منظمة العفو الدولية نجية بونعيم، إن "الظروف اللاإنسانية التي تُخضع لها السلطات المصرية عائشةَ إنما تعرّض حياتها لخطر جسيم. نشعر بقلق بالغ إزاء تدهور حالتها الصحية والظروف المروعة والمهينة التي تُحتجز فيها". أضافت: "يجب على السلطات المصرية ضمان نقل عائشة، فوراً، إلى مستشفى فيه الإمكانيات اللازمة لتلقيها رعاية طبية كافية. وينبغي على السلطات أيضاً إنهاء الحبس الانفرادي، والسماح لها بتلقي زيارات عائلية بصورة منتظمة".
وأوضحت أن "عائشة نُقلت إلى سجن القناطر النسائي، عقب قرار بنقلها في أواخر يناير/ كانون الثاني 2019، حيث وضعتها السلطات قيد الحبس الانفرادي المطول في زنزانة صغيرة سيئة التهوية، وهي محتجزة في الزنزانة لأكثر من 23 ساعة في اليوم، من دون وجود مرحاض، ولكن دلو فقط للاستخدام بدلاً من ذلك، ولا يُسمح لها بمغادرة المكان سوى مرتين في اليوم لمدة تقل عن 30 دقيقة لاستخدام الحمّام. ومنذ احتجازها، منعت السلطات عائشة من الزيارات العائلية، والتواصل مع أسرتها ومحاميها في السجن. وتصل هذه المعاملة إلى حد التعذيب وفقًا للقانون الدولي".
وفي سياق متصل، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية إنه "ينبغي على السلطات المصرية إلغاء أحكام السجن القاسية ضد النشطاء الحقوقيين الصادرة في 5 مارس/ آذار الجاري، بعد محاكمة جماعية جائرة لـ 29 رجلاً وامرأة بسبب نشاطهم السلمي في الملف الحقوقي، وذلك من دون قيد أو شرط".
منظمة العفو الدولية تطالب بالإفراج عن عائشة الشاطر وزوجها pic.twitter.com/88Jnc6Rvwq
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) June 16, 2022
وحُكم على النشطاء الأعضاء في منظمة "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات" الحقوقية المستقلة بالسجن لفترات تتراوح ما بين 5 سنوات والمؤبد، من خلال محكمة استثنائية لا يجوز الطعن على أحكامها، وهي محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ)، إثر اعتقال جهاز الأمن الوطني في وزارة الداخلية العديد منهم في أواخر عام 2018.
وقال نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة إريك غولدستين، إن "أحكام السجن القاسية بحق المحامي الحقوقي عزت غنيم وزملائه في التنسيقية المصرية للحقوق والحريات تقدم دليلاً آخر على أن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي ليست جادة بشأن الإصلاحات (السياسية)". أضاف: "بالنسبة للسلطات المصرية، يجب قمع النشاط السلمي ومعاقبته".
ومن بين النشطاء المدانين المدير التنفيذي للمنظمة عزت غنيم، والعضو السابقة في "المجلس القومي لحقوق الإنسان" الحكومي في مصر، وهدى عبد المنعم، والمحامي محمد أبو هريرة، وزوجته عائشة الشاطر.
وواجه المتهمون في القضية رقم 1552 لسنة 2018 تهماً بموجب قانوني العقوبات ومكافحة الإرهاب، هي "قيادة منظمة إرهابية، أو الانضمام إليها (التنسيقية المصرية للحقوق والحريات)"، التي زعمت السلطات أنها جزء من جماعة الإخوان المسلمين، بحسب بيان لمنظمة "هيومن رايتس ووتش".
وجميع التهم، في قرار إحالة النيابة، مرتبطة فقط بعمل المنظمة في توثيق ونشر انتهاكات حقوق الإنسان على موقعها في الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، وتقديم المساعدة القانونية وغيرها للمحتجزين السياسيين.
وتضمنت القضية 30 متهماً، 14 منهم رهن الحبس الاحتياطي المطول، وغير القانوني، منذ أواخر عام 2018. فيما برأت المحكمة متهمة واحدة، ودانت جميع المحتجزين وغيرهم غيابياً، إذ حُكم على 17 منهم بالسجن المؤبد، وعلى 7 بالسجن لمدة 15 عاماً، بينهم غنيم وأبو هريرة.
كما حكمت المحكمة على 4 نشطاء، بينهم عائشة الشاطر، بالسجن 10 سنوات، وعلى عبد المنعم بالسجن 5 سنوات. وأمرت المحكمة بوضع جميع المتهمين الـ29 تحت مراقبة الشرطة لمدة 5 سنوات أخرى بعد إنهاء محكومياتهم، ووضعهم على قائمة الإرهاب المصرية، وهو تصنيف يؤدي تلقائياً إلى مصادرة جميع الأصول المملوكة لهم، ومنعهم من السفر خارج البلاد.
وفي يوليو/ تموز 2021، قالت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان ماري لولور، إن "احتجاز العديد من النشطاء في هذه القضية يشكل إساءة لاستخدام قوانين مكافحة الإرهاب والأمن القومي في مصر، بغرض تجريم عمل المدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد".
وكانت 9 منظمات حقوقية مصرية ودولية قد أعلنت رفضها للأحكام الصادرة في القضية، قائلة إن "أفعال السلطات المصرية تظهر عكس ما تطلقه من تصريحات حول احترام الفضاء المدني، وحرية التعبير، وتكوين الجمعيات، وأن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها السيسي عام 2021 هي بمثابة لافتة دعائية يروجها النظام لتحسين وجهه أمام المجتمع الدولي".
يشار إلى أن عائشة الشاطر هي ابنة القيادي البارز في جماعة "الإخوان المسلمين" خيرت الشاطر المعتقل منذ يوليو/ تموز 2013، عندما أطاح الجيش بالرئيس السابق محمد مرسي، وتعتقد منظمة العفو الدولية أن معاملة عائشة مرتبطة بعلاقتها بخيرت الشاطر.
وفي الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، اعتُقلت عائشة الشاطر البالغة من العمر 44 عاماً، مع ما لا يقل عن 18 شخصًا آخر، من بينهم زوجها محمد أبو هريرة. وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، مثلت أمام نيابة أمن الدولة العليا، واحتُجزت رهن الحبس الاحتياطي، ريثما يتم التحقيق معها بسبب "الانتماء إلى جماعة إرهابية". ومنذ ذلك الحين، جددت النيابة، والقاضي فيما بعد، احتجازها في جلسات استماع شبه تلقائية حتى صدر حكم بسجنها المشدد لمدة 10 سنوات.