في الأشهر الأولى من من ظهور وباء كورونا نصّب الدكتور محمد أوز، الطبيب المشهور الذي يقدم برنامجاً تلفزيونياً على قناة "فوكس نيوز" نفسه كأحد المروجين الرئيسيين لعقار علاج الملاريا، هيدروكسي كلوروكين. بالطريقة نفسها التي استخدمها سابقاً للترويج للعلاجات الإعجازية في إنقاص الوزن في برنامجه "الدكتور أوز شو"، حيث تعمّد التلاعب بعدد الدراسات المحدودة التي قال إنها أظهرت وعوداً عجيبة على قدرة العلاج، بحسب تقرير موسع لصحيفة "نيويورك تايمز".
وفي أكثر من 25 ظهوراً على "فوكس نيوز" في مارس/آذار وإبريل/نيسان من عام 2020، روّج أوز للهيدروكسي كلوروكين. قبل أن تظهر مجموعة كبيرة من الأدلة أن العقاقير لم تكن فعالة في علاج كورونا، بل كانت تنطوي على مخاطر حقيقية.
وعندما أظهرت دراسة طبية أن مرضى كورونا الذين عولجوا بهيدروكسي كلوروكوين كانوا أكثر عرضة للوفاة من المرضى غير المعالجين؛ توقف أوز عن الترويج لعلاجه "السحري" بشكل مفاجئ.
في الشهر الماضي أعلن أوز أنه سيرشّح نفسه إلى الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لمجلس الشيوخ في ولاية بنسلفانيا، رابطاً ترشيحه بسياسة الوباء. لاعباً على وتر غضب المحافظين من القيود وعمليات الإغلاق، ومن "الأشخاص المسؤولين" الذين، كما قال، "سلبوا حريتنا"، بحسب ما نقلت عنه "نيويورك تايمز".
وقد ساهم إعلان أوز نيته دخول معترك السياسة في إعادة فتح سجلّه، بوصفه واحداً من أشهر أطباء أميركا الذين لديهم تاريخ طويل في تقديم النصائح الطبية المشكوك فيها.
على مر السنين، واجه الدكتور محمد أوز، 61 عاماً، وهو ابن لمهاجرين أتراك، أطلق منذ عام 2009 برنامجه التلفزيوني؛ توبيخاً من الحزبين أمام لجنة في مجلس الشيوخ، بسبب مزاعم أدلى بها حول حبوب إنقاص الوزن، بالإضافة إلى معارضة بعض أقرانه من الأطباء، من بينهم مجموعة من 10 أطباء سعوا إلى طرده من قائمة خريجي كلية الطب بجامعة كولومبيا في عام 2015، بحجة أنه "أظهر احتقاراً متكرراً للعلم والطب القائم على الأدلة".
حذر أوز الآباء من أن عصير التفاح يحتوي على مستويات غير آمنة من الزرنيخ، وهي نصيحة وصفتها إدارة الغذاء والدواء الأميركية بأنها "غير مسؤولة ومضلّلة". وفي عام 2013، حذّر النساء من أن حمل الهواتف المحمولة في صدرياتهن يمكن أن يتسبب في الإصابة بسرطان الثدي، وهو ادعاء لم يثبت أمام النقاش العلمي أيضاً، وفي عام 2014، قامت المجلة الطبية البريطانية بتحليل 80 توصية من التوصيات التي أطلقها أوز في برنامجه، وخلصت الدراسة إلى أن أقل من نصفها كان مدعوماً بالأدلة العلمية.
في عام 2014، استجوب أعضاء مجلس الشيوخ الدكتور أوز بشأن مزاعم كاذبة قدمها عن منتجات إنقاص الوزن، فقال: "وظيفتي في البرنامج أن أكون مشجعاً للجمهور". مضيفاً أن من حقه في برنامج تلفزيوني استخدام لغة غير علمية.
وعلى الرغم من أن الدكتور أوز دعم بقوة استخدام الأقنعة واللقاحات على شبكة "فوكس"؛ فإنه أيّد بشدة العلاجات غير المثبتة، التي ناقضت أقوال خبراء الأمراض المعدية مثل دكتور أنطوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني الأميركي للأمراض المعدية، الذي حثّ على توخي الحذر.
وفي وقت مبكر من انتشار الوباء، دعا إلى إعادة فتح المدارس، لأن الوباء قد يتسبب في وفاة 2 إلى 3 في المئة "فقط" من السكان، ثم تراجع في وقت لاحق عن البيان.
وفي ظهوره عام 2014 أمام اللجنة الفرعية لحماية المستهلك في مجلس الشيوخ، اعترف بأن مزاعمه عن علاجه "السحري" لإنقاص الوزن والذي كان معتمداً على مستخلص البن الأخضر؛ "لا تمتلك الحافز العلمي لتقديمها كحقيقة"، تم التراجع في وقت لاحق عن دراسة استشهد بها حول مستخلص حبوب البن الأخضر، ووصفها الخبراء الفيدراليون بأنها "معيبة بشكل ميؤوس منه". ودفع مورّد المستخلص غرامة بقيمة 3.5 ملايين دولار، في تسوية مع لجنة التجارة الفيدرالية.
بعد فضيحة الهيدروكسي كلوروكين، تضاءل ظهور الدكتور أوز على قناة "فوكس". ولكنه عاد للظهور في 30 نوفمبر/تشرين الثاني للإعلان عن ترشحه، واغتنم الفرصة للرد على منتقدي مسيرته الطبية، قائلاً: "يشعر الأشخاص الذين لديهم أفكار جيدة بالخزي، ويتم إسكاتهم، ويتعرضون للتنمر، ويتم إقصاؤهم"!