"رايتس ووتش": إغلاق المخيمات في العراق يترك النازحين بلا مأوى

02 ديسمبر 2020
خروج النازحين من المخيمات بمهلة أقل من 24 ساعة، سيزيد من ضعفهم (سبنسر بلات/Getty)
+ الخط -

 

انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش، الإجراءات التي تتّبعها الحكومة العراقية، بإغلاق مخيمات النازحين، مؤكّدة أنّها تركت العائلات بلا مأوى، ما سبّب حالة من التشرّد والفقر، فيما أكّدت الأمم المتحدة قلقها إزاء تلك الإجراءات.

وأقدمت السلطات العراقية، أخيراً، على إغلاق عدد كبير من مخيمات النزوح، فيما تتوجّه لإغلاق جزء آخر منها، على الرغم من وجود تأكيدات لعدم توافر البيئة الملائمة لعودة جميع النازحين إلى مناطقهم.

وقالت الباحثة الأولى في شؤون الأزمات والنزاعات في المنظمة، بلقيس والي، إنّ "إعادة دمج العائلات التي قضت سنوات في المخيمات في المجتمع العراقي، لتتمكن من بدء حياة طبيعية هي خطوة إيجابية، لكن النهج الحالي المتمثّل بإجبار الأشخاص على الخروج من المخيمات التي وفّرت لهم الطعام والمأوى والأمن لسنوات، بمهلة أقل من 24 ساعة، سيزيد غالباً من ضعفهم".

ووثّقت تقارير المنظمة، كيف أنّ "السلطات العراقية اتخذت قرارات بشأن المكان الذي يمكن أن تعيش فيها تلك العائلات دون التشاور معها كما ينبغي، وقرّرت إمّا ترك العائلات في المنطقة التي فرّوا منها أو نقلها إلى مخيم آخر، أو إجبارها على العودة إلى المناطق التي توجد فيها منازلها، حتى الآن"، وأضافت أنّ "الحكومة لم تنظر في الوضع الخاص لكلّ أسرة ونقاط ضعفها قبل طردها من المخيمات".

 

ونقلت المنظمة عن عمّال الإغاثة أنّ "الحكومة تحاول وضع خطة لعمليات العودة تراعي هذه العناصر، لكنها لم تضعها بعد. كانت حملة الحكومة الأخيرة لإغلاق جميع المخيمات الباقية، من السرعة بحيث أجبرت الأشخاص على المغادرة دون مهلة كافية لكي يعرف هؤلاء ما إذا كان ذلك آمناً لهم، أو كيف سيحصلون على سكن".

وأضافوا أنّ "جميع العائلات التي قابلناها تخشى العودة إلى ديارها بسبب مخاوف على سلامتها الشخصية".

وشدّدت المنظمة على أنّ "العراق ملزم بموجب القانون الدولي بحماية واحترام الحق في مستوى معيشي لائق، بما في ذلك ضمان حصول كلّ فرد على ما يكفي من الغذاء والماء وخدمات الصرف الصحي والسكن، إذ تنصّ المادة الـ30 من الدستور العراقي على أنّ الدولة تكفل للفرد وللأسرة، وبخاصة الطفل والمرأة، الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية لعيش حياة حرّة كريمة، تؤمّن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم".

ودعت المنظمة السلطات العراقية إلى أن "تكفل لكلّ شخص في العراق حقّ استصدار وثائقه المدنية، وأن توقف جميع المساعي الرامية إلى طرد السكان من المخيمات حتى تجدّد السلطات وثائق هويتهم". وشدّدت على أن "تمنح السلطات، قبل إغلاق أي مخيم، مهلة العائلات في المخيمات 30 يوماً على الأقل، وإعطاءها معلومات كافية لتحدّد المكان الذي تريد الانتقال إليه، مع توفير وسيلة نقل ميسّرة إلى المكان الذي تفضله، فضلاً عن ضمان تزويد العائلات التي تضرّرت منازلها بالموارد المالية لاستئجار عقار، كما مساعدتها في إعادة بناء منازلها، وعليها أن تكفل للعائلات التي لا تستطيع دفع ثمن الغذاء والماء والكهرباء والخدمات الأساسية الأخرى الحصول على كل هذه الخدمات دون مقابل".

وقالت والي: "بينما يبدو أنّ الهدف من هذه الحملة الجديدة لإغلاق المخيمات تعزيز الاستقرار في جميع أنحاء البلاد، إلّا أنّ حرمان الناس الوسيلة الوحيدة المتاحة لهم للحصول على المأوى والطعام والماء، والتسبّب للآلاف في مزيد من النزوح سيكون له تأثير معاكس في الواقع".

من جهتها، أعربت منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية، إيرينا فوياشكوفا سوليورانو، عن قلقها، إزاء نقل آلاف النازحين العراقيين خلال الستة أسابيع الأخيرة، من مخيماتهم، في وقت لم يجدوا فيه مساكن جديدة.

وقالت في بيان أصدرته قبل يومين: "أغلقت الحكومة العراقية 11 مخيماً، وأعلنت اثنين من المخيمات، مواقع غير رسمية منذ منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول، ما أثّر في أكثر من 27000 شخص، 78 بالمائة منهم هم من النساء والأطفال"، واعتبرت أنّ "سلامة هؤلاء مثار قلق، على وجه التحديد في ضوء استمرار جائحة كورونا وبداية فصل الشتاء". 

وشدّدت على أنّ "هذا الأمر لا يتعلق بإغلاق المخيمات، ولكن يتعلق بما سيحدث لهؤلاء العراقيين وسلامتهم ورفاههم ومستقبلهم"، مؤكدة أنّ "30 بالمائة من هؤلاء لا يملكون مساكن آمنة أو كريمة، ولا يزالون عرضة للخطر، في وقت لا يزال فيه التوتر الاجتماعي وانعدام الأمن ووجود الذخائر غير المنفجرة والمتفجرات من مخلفات الحرب، والافتقار إلى الوثائق المدنية والسكن والخدمات والمساعدات النقدية وفرص كسب العيش، جميعها عوائق تحول دون عودتهم".

وشكّلت الحكومة أخيراً فرق عمل لتنفيذ إغلاق مخيمات النازحين، من دون أن تعمل على تأمين مناطقهم، التي ما زال "الحشد الشعبي" يسيطر على العديد منها، ويمنع عودة النازحين، وقد أعلنت الحكومة، بعد إجراءاتها تلك، خلوّ بعض المحافظات، ومنها ديالى وكركوك من أي مخيمات.