- هدى عبد المنعم وأيمن موسى يمثلان حالات مختلفة من الاعتقال السياسي في مصر، حيث تواجه هدى احتجازًا احتياطيًا بعد انتهاء مدة سجنها، وأيمن يقضي عقوبة 15 عامًا بعد القبض عليه عشوائيًا، مما يسلط الضوء على قسوة الأحكام ومعاناة الحبس الاحتياطي.
- أحمد دومة، الناشط السياسي والسجين السابق، يصف مشاعر العيد داخل السجن بأنها من أقسى الأوقات، مشيرًا إلى التضييقات والحرمان من الحقوق الأساسية، معكسًا التحديات الواسعة التي يواجهها السجناء السياسيون في مصر والدعوات للحرية والعدالة.
على مدار الأيام القليلة الماضية، وفي خضم الاحتفال بعيد الفطر، كانت هناك مقاعد فارغة في الكثير من البيوت المصرية، أصحابها سجناء سياسيون يقضون مدداً متفاوتة في السجون؛ يحلّ محلهم مزيج من المشاعر المختلطة من الألم والفقد والعجز.
مشاعر أهل السجين السياسي، عبّر عنها الكثيرون، منهم خالد بدوي، زوج المحامية الحقوقية البارزة، هدى عبد المنعم، الذي كتب "إلى هدانا الزوجة والحبيبة رفيقة العمر وشريكة الحياة وأم بناتي الحبيبات.. إلى النعمة التي أنعم الله تعالى بها علينا بعد توفيقه لتقواه.. إلى الأسيرة الأثيرة في كلمة حق في يوم الفطر الذي لم نعد نستشعر طعمه منذ أن انتزعت من بيننا بجسدك الذي غيّر السجن ملامحه؛ وإن بقيت روحك شامخة شماء ملؤها الإيمان بحكمة الله البالغة واليقين في تحقيق موعوده والتي ما تركتنا لحظة من ليل أو نهار فأنت معنا دائماً في غدونا ورواحنا، في يقظتنا ومنامنا، في مطعمنا ومشربنا، في ركوعنا وسجودنا، وصيامنا وفطرنا، في كل أحوالنا".
وتابع بدوي "نعم جاء عيد الفطر للسنة السادسة ونحن محرومون من هذا النور الذي كان ينبعث من نشاطك وأنت تجوبين الآفاق لإطعام مسكين وكسوة فقير وإعانة محتاج، ونصرة مظلوم، وصلة رحم وغرس خلق نبيل، وإشاعة الحب والمودة بين الناس كل الناس. سلوانا أن الله عز وجل اختارك وصنعك لتكوني نموذجاً ومثالاً في الصبر والاحتساب لتنالي من الولاية لله درجات، هكذا نحسبك والله حسيبك".
وأنهى بدوي رسالته لزوجته بالقول: "أكتب إليك ويقيني أن الله عز وجل ألقى في روعك روح كلماتي لتشاركينا عيداً نسأل الله عز وجل أن يختمه بتفريج كرب الأمة وكشف الغمة ورد الغائبين ونصر المستضعفين في كل مكان؛ إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.. زوجك الذي يشكو لربه ضعف قوته وقلة حيلته وهوانه على الناس؛ زوجك العاجز عن نصرتك واستنقاذك، موقناً أن قدر الله غالب ولكن أكثر الناس لا يعلمون".
وهدى عبد المنعم مسجونة احتياطياً على ذمة قضية سياسية بعد انتهاء مدة حبسها قانوناً على ذمة قضية سياسية أخرى، إذ كان من المفترض أن تنال حريتها في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بعد قضاء خمس سنوات في السجن، منذ القبض عليها في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، في القضية رقم 1552 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا المعروفة بـ"قضية أعضاء التنسيقية المصرية للحقوق والحريات"، لتجد نفسها يتم التحقيق معها على ذمة القضية 730 لسنة 2020 حصر أمن الدولة العليا، بالتهم السابقة، لتبدأ معاناة جديدة من دوامة التدوير والحبس الاحتياطي، وتعود لسجن العاشر بمحافظة الشرقية.
ليس أهل السجناء السياسيين فقط هم من يذكرون ذويهم، بل أصدقاؤهم أيضاً. فعبد الرحمن الجندي، الذي ترك مصر قبل سنوات عدة ليقيم في الولايات المتحدة الأميركية بعيداً عن كل تداخلات وتشابكات ومخاطر العمل السياسي والعام في مصر، لم ينس صديقه أيمن موسى، وكتب عنه في كل مناسبة ودون مناسبة.
ومع حلول العيد، كتب الجندي لصديقه موسى القابع في ظلمات الحبس "كل سنة وأنت طيب يا أيمن. 11 سنة سجناً، 30 سنة من العمر. مفيش كلام يتقال". وقبلها كتب "كل سنة وإنتو طيبين والحرية للمعتقلين". وقبلها بأيام قال: "ادعوا لأيمن في العشرة الأواخر من رمضان.. يا رب تكون معانا في العيد يا أيمن. الحرية لأيمن موسى".
أيمن موسى، كان طالباً جامعياً في واحدة من الجامعات الدولية الخاصة ورياضياً فريداً في أحد أرقى النوادي المصرية، قبل الحكم عليه بالسجن 15 عاماً، بعد أن ألقت قوات الأمن المصرية القبض عليه عام 2013 عشوائياً ضمن عشرات الشباب من محيط منطقة رمسيس بوسط العاصمة القاهرة، لتفريق مظاهرات اندلعت عقب إطاحة الحكم المدني برئاسة الرئيس الراحل محمد مرسي، بعد مذبحتي رابعة العدوية والنهضة في أغسطس/ آب من العام نفسه.
أيمن موسى، وعمره حينها 19 عاماً؛ كان ضمن عشرات الشباب الذين ألقي القبض عليهم، ليتم ضمه للقضية رقم 10325 لسنة 2013 جنايات الأزبكية (أحداث الأزبكية – رمسيس)، مع 67 آخرين، وتجرى محاكمتهم حكماً جماعياً باتاً بالسجن 15 عاماً، بعد رفض نقض الحكم بالجملة لجميع المتهمين في القضية التي خرج منها نحو 30 بشكل متفرق، في قوائم عفو رئاسي بين عامي 2016 و2018.
أما مشاعر العيد بالنسبة للسجين السياسي، فوصفها الناشط السياسي والسجين السابق أحمد دومة، بالقول: "المناسبات، والأعياد بخاصّة، واحدة من أقسى الأوقات على السجين/الأسير.. ليس استدعاءً للذكريات والأحبّة والأمكنة فحسب؛ لكن لأنّ سجّانهم - وسجّاننا معهم - يمعنُ في التكدير والجريمة، ويغلق الأبواب لأسبوعٍ بلا أي فرصة للشمس أو التهوية والتريّض. هذا عمن يطاولون شيئاً يسيراً من هذا الحق، فما بالنا بمئات الممنوعين منذ سنين طوال من حق التريض اليومي، والزيارة والرسائل وغيرهم؟! الحريّة للكلّ".
كان دومة قد خرج من السجن للمرة الأولى منذ عام 2013، بعد تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 348 لسنة 2023، بالعفو عن العقوبة المقضي بها على المحكوم عليهم في قضايا محددة، وكان قد أُدين وصدر ضده حكم بالسجن لمدة 15 عاماً، على خلفية مُشاركته في احتجاجات مُناهِضة للحكومة، بعد محاكمتين حرَّكَتهما دوافع سياسية، في القضية رقم 8629 لسنة 2011 (جنايات السيدة زينب) المعروفة إعلامياً بـ"أحداث مجلس الوزراء"، وأيّد الحكم في إبريل/ نيسان 2014، بحبسه 15 عاماً وإلزامه بدفع ستة ملايين جنيه، ليصبح حكم إدانته نهائياً.