حصل المهندس الجزائري الشاب سامي جبلي (22 عاماً) على المرتبة الأولى في المسابقة الدولية للهندسة المعمارية التي تنظمها أكاديمية الهندسة المعمارية الفرنسية في العاصمة باريس. وبعد فوزه، بات أكثر طموحاً لتحقيق المزيد من الإنجازات العالمية، خصوصاً أن ملايين الطلاب من مختلف أنحاء العالم شاركوا في هذه المسابقة. وعن المشاركة في هذه المسابقة الدولية، يقول لـ "العربى الجديد" إن أستاذه عثامنية خالد "هو الذي اقترح عليه وعلى غيره من الطلاب المشاركة على الرغم من إقصائنا العام الماضي خلال إحدى المراحل. إلا أن إصرارنا على الفوز دفعنا إلى المشاركة مرة أخرى مع إحداث تعديلات وتطوير بعض الجوانب على المشروع المقترح المتمثل في ربط حي بلوزداد الشعبي والعريق بقلب العاصمة من خلال خليج الجزائر مباشرة، مع تهيئة مساحات خضراء والقضاء على التشوهات التي أحدثتها بعض المباني القديمة. ومن خلال التصميم النهائي لهذا المشروع بخصائصه البيئية والطبيعية المميزة، نحاول أن نعطي حياة جديدة للمنطقة والزائر للعاصمة، ليكون مرتاحاً على الصعيد النفسي ويتخلص نوعاً ما من الضغط الناتج عن الازدحام في العاصمة".
الفوز بهذه المسابقة يعني الكثير لجبلي، ويسعى من خلاله للدخول إلى العالمية من أبوابها الواسعة، لافتاً إلى أن النجاح الذي حققه لم يكن سهلاً في ظل مشاركة آلاف الطلاب من شتى أنحاء العالم، والذين يدرسون في أعرق وأشهر الجامعات. بداية، اختير مشروعه من بين أفضل عشرة مشاريع في العالم، قبل أن يحتل المرتبة الأولى.
عام 2018، كرّمه الرئيس عبد المجيد تبون بعد حصوله على شهادة البكالوريا بمعدل 18.64 في شعبة تقني رياضي فرع الهندسة المدنية، الأمر الذي زاد من عزيمته لتحقيق نجاحات في ميدان الهندسة. ولم تكن مسيرة جبلي في الجامعة صعبة على حد قوله، وقد حقق حلمه من خلال اختيار تخصص الهندسة المعمارية والتحق بالمدرسة العليا للهندسة المعمارية والعمران في الحراش، ولم يتأخر أساتذته في اكتشاف موهبته في هذا المجال، واختير مرات عدة من بين أفضل الطلاب الذين يملكون أفكاراً إبداعية وقدرات تساعدهم على التألق مستقبلاً، بعد نجاحه في تصميم عدة مشاريع سياحية وإدارية بطريقة فريدة من نوعها، علماً أنه لا يزال في سنته الرابعة.
ومن بلدته الصغيرة بمدينة أحمر العين بمحافظة تيبازة (تبعد 70 كيلومتراً عن الجزائر العاصمة)، وبدعم من أسرته ووالده خير الدين، الرئيس السابق للفريق المحلي لكرة القدم، يحاول صنع نموذجه الخاص للنجاح. ويوضح خلال حديثه لـ "العربي الجديد" أن "ميوله وحبه للإبداع الفني والرسم الهندسي يعود إلى الصغر، وقد طوره في المرحلة الثانوية وأصبح يشارك في ورشات هندسية في الداخل والخارج لتبادل الأفكار وتطوير مهاراته. بدأ محاولاته في التصميم الغرافيكي والفني وتعلم البرامج الخاصة قبل سنوات، وتلقى تشجيعاً من قبل عائلته، وخصوصاً والده الذي وفر له كل الإمكانيات. وقد تأثر بالمهندس السويسري بيتر زومثور. الأخير حاصل على العديد من الجوائز المرموقة بما في ذلك جائزة Mies van der Rohe الأوروبية للهندسة المعمارية (1998)، وجائزة Praemium Imperiale اليابانية (2008)، والميدالية الذهبية من المعهد البريطاني للفنون المعمارية (2012). ومنذ 2009، أصبح العضو الفخري الأجنبي بالأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم.
على عكس الكثير من الطلاب والشباب الجزائريين، يرفض جبلي الهجرة والاستقرار في الخارج، بل يرغب في البقاء في بلده ووضع بصمته وتطوير العمران وتصميم العديد من المشاريع الهادفة فيها. وهنا يشير إلى الاهتمام الذي أصبح يحظى به هذا القطاع مؤخراً في البلاد، سواء من قبل المواطنين أو الجهات الرسمية وذلك مع انطلاق البرامج التنموية الكبرى. يضيف أنه "حان الوقت للقضاء على الفوضى في العمران من خلال توعية المواطنين على ضرورة الاستعانة بمهندسين معماريين قبل الشروع في البناء، لضمان الجانب الجمالي والهندسي والتقني بالإضافة إلى الحصول على الوثائق الرسمية التي تسهل عملية الحصول على قروض من الدولة أو البيع أو التأجير".