غالباً ما يكون المعلمون في الخطوط الأمامية عندما يتعلق الأمر بملاحظة متى يحتاج الطالب إلى دعم على صعيد الصحة العقلية، في حين تعتمد مدارس في دول متطورة نظاماً طويل الأمد لدعم الصحة العقلية للأطفال والمراهقين.
في تقرير نشره موقع "سترايتس تايمز"، تؤكد ليزا لي، مستشارة المدارس في وزارة التعليم بسنغافورة، أن "معلمينا يملكون قلباً للجلوس مع طالب بعد الفصل الدراسي ويسألونه عن حاله".
وهذا القلب الحسّاس جعل على سبيل المثال معلماً ينبه مستشاراً في مدرسة إلى تشتت ذهن تلميذ وتخلّفه عن واجباته، فتلقى مساعدة من متخصص في الصحة العقلية والرعاية المجتمعية، في حين قدم مركز خدمة الأسرة مشورة ومساعدة مالية لعائلته.
ويوجد في مدارس سنغافورة تحديداً مستشارون قادرون على إحالة طلاب معرضين لخطر إلى محترفين يعملون مثل فرق للاستجابة والتدخل المبكر، وتقييم الصحة العقلية المجتمعية، أو وكالات الخدمة المجتمعية، ويطبقون حلولاً ناجحة للتعامل مع مشكلات الصحة العقلية الواسعة والشديدة، وسلبيات اللعب المفرط والخروج مع الأصدقاء، وتحديات المراهقين، إلى جانب الإجهاد واضطرابات الأكل والاكتئاب.
وتؤكد وزارة التعليم في سنغافورة أن الصحة العقلية أدرجت باستمرار في المناهج الدراسية، إلى جانب نقل القيم والتفكير في هدف حياة الفرد. ويوجه أحد برامج الصحة العقلية الطلاب إلى إدارة الأفكار السلبية التلقائية، ويحاول مساعدتهم في التمييز بين التوتر والضيق، كما يعلمهم برنامج آخر كيفية التعامل مع التنمر عبر الإنترنت وضغوط الخوف من الضياع.
ويعطي المستشارون أهمية كبيرة للأنشطة المشتركة في المناهج الدراسية، وبينها الرياضة والمعسكرات الخارجية التي تخلق فرصاً لتواصل الطلاب وتنمية الصداقات وحل المشكلات، وبناء مرونة في العلاقات.
وتتمثل الرؤية الكبرى لواضعي برامج الصحة العقلية في أن كل طالب يجب أن يحظى بمعلم أو مستشار داعم يراجعه بانتظام، مع التركيز على أن الشبان يجب أن يتجنبوا حل مشكلات الصحة العقلية مع أصدقائهم، بل مع أشخاص كبار يمكن الوثوق بهم.
وفي النموذج السنغافوري، جرى تلقين جميع المعلمين مهارات الإرشاد الأساسية لتعزيز مراقبتهم طلابهم بعناية، والاستماع إليهم والتواصل معهم إذا شعروا بأن الأمور تسير في طريق الخطأ.
لكن ذلك لا يزيل واقع أن قضايا الصحة العقلية معقدة وتخضع لضوابط في الإفصاح عنها، لذا تقول المستشارة في كلية "جورونغ بايونير جونيور" بسنغافورة، ايلين تاي، إن "نهج التعاون بين كل الأطراف مفيد. واليوم، يشير مزيد من الطلاب إلى أصدقائهم المتعثرين، ما يدل على انفتاح أكبر لطلب المساعدة".