سورية: نازحو مخيم الركبان يودعون رمضان ويستقبلون العيد بلا تحضيرات
- جميلة المحسن من سكان المخيم تبتكر وصفات بديلة للأطعمة التقليدية لإسعاد أطفالها، معبرة عن الإبداع في مواجهة الفقر والحفاظ على الأمل بمستقبل أفضل.
- الحياة تحت الحصار تتطلب من النازحين مقاومة يومية وإبداعاً في التكيف مع الظروف القاسية، حيث يعيش أكثر من عشرة آلاف نازح في ظل تحديات تتعلق بالغذاء، الماء، والرعاية الصحية.
بينما يستعد قاطنو مخيم الركبان السوري لتوديع شهر مضان، بدأت معاناتهم من جديد مع استقبال عيد الفطر، تحت حصار مشدد يجعل العيد القادم أقسى من سابقيه، نتيجة الوضع المعيشي المتردي في المخيم الواقع على الحدود السورية الأردنية. وتقول عائشة المحمد لـ"العربي الجديد": "لا العيد كالعيد ولا الاستعدادات له تدل على قرب حلوله، نمر بوضع صعب ومرير، فالدعم الأممي المقدم تراجع كثيراً عن السابق، وأطفالنا مغبونون وحياتهم لا تشبه حياة أقرانهم، فكل الأسعار مضاعفة، ولا قدرة لنا على شراء مستلزمات العيد، لا حلويات ولا ملابس".
ملابس وحلوى العيد على بوابات النظام
وتضيف المحمد أن "ثياب الأطفال التي تدخل المخيم تحت أتاوات نقاط النظام التي تضرب حصاراً منذ أكثر من ست سنوات، باهظة وليس لدي القدرة على شرائها، حيث تتراوح أسعار الخامات المتدنية منها إلى ما يفوق 250 ألف ليرة (17.8 دولاراً)". أما عن حلوى العيد فتشير إلى أن الحلويات تقتصر على بعض أنواع الكراميل والملبس من الجودة الرديئة وبأسعار تصل إلى 50 ألف ليرة للكيلو (3.5 دولارات)، بالإضافة إلى الهريسة التي تصل بوضع غير صحي تماماً، ويصل الكيلو منها إلى حد 60 ألف ليرة (4.2 دولارات)، مضيفة قد نلجأ إلى شراء القليل عسى أن نرضي الأطفال.
أمنيات العيد في المخيم لم تختلف عما يتمناه باقي السوريين النازحين، حيث تتمنى الشابة مرام ساير أن يكون عيدها المقبل في ضيعتها في ريف دمشق، كما تتمنى أن يكون ما تعيشه الآن "مجرد كابوس ستستيقظ منه ذات يوم في بلاد يعمها السلام وتحظى فيها بالعيش الكريم"، وفق ما أوضحت لـ"العربي الجديد". ويتمنى الشاب علي عمر، شقيق مريم الأصغر، أن يحل العيد القادم بزوال من سبّبوا تفقير السوريين وتهجيرهم ونزوحهم.
النازحون يودعون رمضان قاسياً
وواجه الصائمون في مخيم الركبان تحديات وصعوبات عديدة خلال رمضان، فالأحياء افتقدت إلى المسحراتي، والطعام المتوفر كان محصورا ببعض الخضراوات التي تصل بحالة يرثى لها وبأسعار كبيرة أيضاً. وقال سالم العويد، أحد سكان المخيم، لـ"العربي الجديد": "لا يمكن أن نتجاهل مياه الشرب غير الصحية، وصعوبات أخرى كالضعف المادي الذي يجعل الصائم يصوم نوبتين، نوبة الصيام المطلوبة شرعاً، ونوبة نصف الصيام المفروضة نتيجة الفقر".
شاورما مارتديلا.. ابتكار من الفقر
جميلة المحسن تحدثت بدورها لـ"العربي الجديد" عن كيفية تجاوز شهر رمضان بعدة "حيل منزلية"، لتخطي الواقع المرير وتحسينه، قائلة: "صنعت الكبة التي يشتهيها أطفالي من البرغل والبطاطا، وصنعت الكفتة من العدس، تلك مأكولات استحدثها فقراء قبلي، لكن الجديد في الأمر عندما رأى أطفالي عبر التلفزيون سيخ الشاورما وسألوني عن مذاقها، فكرت إلى أن خطر في بالي فكرة، فقمت باستحداث شاورما جديدة من نوعها قد لا يكون مذاقها كمذاق الشاورما، لكنها أدت الغرض المرجو". وعن وصفة الشاورما التي اخترعتها المحسن، أوضحت أنه بعد تفكير ذهبت إلى البقال وأحضرت علبة مرتديلا وبهارات الشاورما وبعض اللبن، وقطعت المرتديلا وتبّلتها بخلطة البهارات واللبن، ثم شوتها ولفّتها بالخبز، وأقنعت أطفالها بأنها شاورما.
يذكر أن الحياة في مخيم الركبان صعبة في ظل حصار يدوم لأكثر من 3 آلاف يوم، يعانيها قاطنو المخيم، ويتشارك بها أكثر من عشرة آلاف نازح من مختلف المحافظات السورية الذين نزحوا هرباً من بطش القوى المتصارعة على الأرض، وطمعاً بتلقي العون عبر الحدود التي أغلقتها الأردن، لتكون جزءاً من الحصار المطبق عليهم.