كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، اليوم الأربعاء، شهادتين لأسيرين قاصرين يوضحان من خلالهما تفاصيل اعتقالهما القاسية على يد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وما تعرضا له من تنكيل وأذى جسدي ونفسي.
ونقلت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقرير لها وصلت نسخة منه إلى "العربي الجديد"، شهادة للأسير القاصر أمجد وعري (17 عاماً) ويقبع حالياً بالقسم الـ(4) في معتقل "الدامون" ، يوضح فيها ظروف اعتقاله، حيث اعتُقِل بعد اقتحام قوات الاحتلال لمنزله في بلدة بيت حنينا شمال القدس المحتلة فجراً، واقتياده إلى مركز توقيف "المسكوبية"، وهناك أجبره جنود الاحتلال على الركوع على ركبتيه داخل أحد الممرات، وهو مقيَّد اليدين لساعات طويلة، ولم يسمحوا له بالحركة بتاتاً.
فيما بعد نقل جنود الاحتلال الفتى القاصر وعري إلى غرف التحقيق، وحُقق معه لـ4 ساعات متتالية، واستُجوِب ثلاث مرات، وفي كل مرة لم يسلم من الضرب والصفع والإهانة على أيدي المحققين، نُقل بعدها إلى زنازين المسكوبية، وبقي فيها 17 يوماً، وأُصيب هناك بحساسية سببت له ظهور حبوب صغيرة في معظم أنحاء جسده، بسبب الأغطية القذرة المليئة بالجراثيم التي تقدمها إدارة المعتقل للأسرى الموجودين في القسم، ولا يزال الفتى وعري يعاني من هذه الحساسية حتى الآن.
أما عن الفتى زيد فقها (17 عاماً) من بلدة عنبتا شرق طولكرم شماليّ الضفة الغربية، فقد اعتُقِل على حاجز "عناب" العسكري المقام على أراضي طولكرم، وبعدها نقله جنود الاحتلال إلى حاجز "جبارة" العسكري المقام على أراضي طولكرم، وهناك أبقوه على كرسي مقيد اليدين والقدمين في الخارج تحت المطر والبرد الشديد لساعات طويلة، وبعدها نُقل إلى معسكر "سالم" المقام على أراضي غرب جنين شماليّ الضفة لاستجوابه، ومن ثم اقتيد إلى مركز توقيف "حوارة" المقام جنوب نابلس شماليّ الضفة، وبقي فيه 16 يوماً، عانى خلالها كثيراً، حيث احتُجِز داخل غرفة صغيرة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الآدمية. كذلك تعمد السجانون إذلاله، فلم يسمحوا له باستخدام الحمام إلا مرتين خلال اليوم، وبعدها نُقل إلى قسم الأسرى الأشبال "الأطفال" في سجن "مجدو" حيث يقبع الآن.
ولفتت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تتفنن بالتنكيل بالأسرى والمعتقلين، ولا سيما الأطفال، وتتعمد إهانتهم وإذلالهم في أثناء عملية اعتقالهم واستجوابهم في مراكز التحقيق الإسرائيلية، بشكل يخالف المواثيق الأخلاقية التي كفلتها اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية حقوق الإنسان.
في سياق منفصل، أكدت الهيئة أنّ الأسرى القابعين في عزل مركز توقيف الجلمة، يعانون أوضاعاً مأساويّة وقاهرة تخالف كل الشرائع الآدمية وحقوق الأطفال، حيث إن الأسرى هناك، وخاصة القاصرين، يعانون من نقص بالفرش والأغطية والملابس الشتوية والملابس الداخلية، ويشتكون من قذارة المكان والرّائحة الكريهة، والبرد القارس والشديد للغاية، ومن سوء الطعام المقدم لهم كمّاً ونوعاً، ومن تغييبهم عن العالم الخارجي بشكل كامل.
وأشارت الهيئة إلى أنّ الأسرى القاصرين الموقوفين هناك، اشتكوا من المعاملة المهينة والسيئة، ومن عزلهم في زنازين انفرادية ضيقة ذات لون غامق وجدران خشنة للغاية، وفيها ضوء مشتعل على مدار الساعة ليل نهار، وبدون أي شبابيك تذكر.
وحذرت الهيئة، من خلال متابعة محاميها للمعتقلين هناك، من أن بعض الأسرى الأطفال قد هددوا إدارة المعتقل بالانتحار بسبب سوء الأوضاع والظروف الحياتية والاعتقالية التي يعانونها في الجملة.
وطالب رئيس الهيئة قدري أبو بكر، المؤسسات القانونية والإنسانية الدولية بضرورة اتخاذ خطوات عملية وفعلية في تشكيل لجان حقوقية مختصة، مهمتها زيارة المعتقلات الإسرائيلية ومراكز توقيفها، ومتابعة ما يحدث من انتهاكات صارخة لحقوق الطفولة وحقوق الأسرى.
على صعيد آخر، أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، اليوم الأربعاء، أن سلطات الاحتلال نقلت الأسير المسن اللواء فؤاد الشوبكي (82 عاماً) إلى قسم الحجر الوقائي في أحد السجون الإسرائيلية، وذلك بعد مخالطته للسجان الذي يقود ما تسمى عربة "البوسطة"، والذي تبينت إصابته لاحقاً بفيروس كورونا.
وأوضحت الهيئة أن إدارة سجون الاحتلال كانت تنوي نقل الأسير الشوبكي إلى أحد المشافي الإسرائيلية لإجراء عملية في عينيه، وفي أثناء نقله داخل "عربة" البوسطة، اختلط بذلك السجان، وأُخذت عيّنة من الأسير الشوبكي وأُخضِع للحجر الاحترازي.
ولفتت الهيئة إلى أن الأسير الشوبكي الملقب بـ"شيخ الأسرى"، أكبر المعتقلين سناً القابعين داخل سجون الاحتلال، وهو من قطاع غزة ومعتقل منذ عام 2006 ومحكوم بالسجن لـ 17 عاماً، ويعاني من وضع صحي صعب للغاية، فهو يشتكي من سرطان البروستات، ومن عدة أمراض في القلب والمعدة والعينين، وبحاجة ماسة لعناية طبية لحالته.
وحمّلت الهيئة سلطات الاحتلال المسؤولية كاملة عن حياة الأسرى ومصيرهم، ولا سيما المرضى والكبار في السن، في ظل تصاعد انتشار العدوى بين صفوف الأسرى، مشيرة إلى أن إدارة معتقلات الاحتلال تتعمد تحويل هذا الوباء إلى أداة قمع وتنكيل بحق الأسرى، فهي تواصل إهمال أوضاع الأسرى بشكل مقصود بحرمانهم وسائل الوقاية والسلامة العامة، كالمطهرات ومواد التنظيف والتعقيم، كذلك تماطل بأخذ العيّنات من الأسرى في حال ظهور أعراض الفيروس عليهم، فضلاً عن زجهم بظروف اعتقالية قاسية تجعل من السجون بيئة خصبة لانتشار المرض.