ألقت أجهزة الأمن في مصر القبض على "تشكيل عصابي" متخصّص في تجارة الأعضاء البشرية خارج إطار القانون، ومؤلّف من رئيس قسم الكلى في أحد مستشفيات القاهرة الشهيرة، وأستاذ مسالك بولية في كلية الطب، وأستاذ تخدير بإحدى الجامعات، ومدير إدارة في معمل خاص للتحاليل الطبية، وموظفة في معهد الكلى، وممرّض في مستشفى خاص، و4 أشخاص آخرين.
وأفادت تحرّيات الشرطة، الأربعاء، بأنّ التشكيل تخصّص في تجارة الأعضاء البشرية، لا سيما في مجال زراعة الكلى، مستغلاً الظروف الاقتصادية الصعبة لبعض البسطاء، والمرضى الذين يواجهون مشاكل صحية تحتاج إلى إجراء عمليات جراحية، ولا تسمح أوضاعهم المادية بإجراء تلك العمليات.
وأضافت التحريات أنّ أفراد التشكيل أقنعوا العديد من المرضى بأنه يمكنهم إجراء العمليات التي يحتاجونها بالمجان، نظير تبرّعهم بإحدى كليتيهم، والضغط عليهم مستغلّين ظروفهم المرضية، للموافقة على نقل إحدى الكليتين مقابل إجراء جراحة أخرى، أو مقابل مبالغ مالية زهيدة تتراوح بين 20 و30 ألف جنيه (أقل من ألفي دولار أميركي).
وأشارت إلى حصول أفراد التشكيل، في المقابل، على مبالغ مالية ضخمة نظير بيع الكلية الواحدة، وتبدأ من 250 ألف جنيه (16 ألف دولار تقريباً) من المتبرّع له. وفي سبيل ذلك، زوّر بعض المتّهمين الأشعة والتحاليل الطبية، بغرض الحصول على موافقة الأجهزة المعنية لإجراء العمليات الطبية، في حالات كون المجني عليهم لا تتوافر فيهم الاشتراطات الصحية اللازمة.
وحصل أفراد التشكيل على موافقات كتابية من المجني عليهم، وتمّ تصويرهم بمقاطع فيديو تتضمن إقرارهم بموافقتهم على التبرّع من دون مقابل مادي، على خلاف الحقيقة، وذلك حتى يتمكنوا من إجراء عمليات زرع الكلى من دون مساءلة قانونية.
وأظهرت التحريات أنّ أفراد التشكيل أجروا نحو 120 عملية زراعة كلى بالطريقة ذاتها، خلال عامي 2019 و2020، ما دفع أجهزة الأمن في القاهرة إلى القبض على المتهمين، وإحالة القضية برمتها إلى النيابة العامة لتولي التحقيق في ملابساتها.
من جهتها، استمعت نيابة شرق القاهرة الكلية لأقوال المجني عليهم، والذين قالوا إنّ المتهمين، وهم أطباء معروفون في مجالهم، وآخرون من أصحاب المؤهلات العليا، أوهموهم بأنّ تبرّعهم هذا سيساعد مرضى الفشل الكلوي، وأنّهم لن يتعرّضوا لأي آثار جانبية ناتجة عن عملية التبرع بأعضائهم.
وحسب شهادات المجني عليهم أمام النيابة، فإنّ القائمين على إحدى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالاتجار في الأعضاء البشرية تواصلوا معهم، لإقناعهم بإجراء عمليات نقل للأعضاء البشرية، مقابل سعر زهيد، يبدأ من 20 ألف جنيه للكلية الواحدة، وبحد أقصى يصل إلى 30 ألف جنيه.
والعام الماضي، ضُبطت شبكة دولية تنشط في مجال الاتجار في الأعضاء البشرية، مؤلفة من ثمانية أفراد، من بينهم أطباء من كليتي الطب في جامعتي القاهرة وعين شمس، ومن مستشفى أحمد ماهر التعليمي، ومعهد الكلى، ومختبرات ومعاهد خاصة.
وكانت الشبكة تعمل على استقطاب المرضى الأجانب الذين هم في حاجة إلى عمليات زرع كلى، لقاء مبالغ تصل إلى 150 ألف جنيه (نحو 9600 دولار).
وتشير الإحصاءات إلى إجراء ألف عملية نقل كلى سنوياً في المستشفيات المصرية، وأنّ العمليات التي تنال موافقة الوزارة والأجهزة المعنية، بما فيها نقابة الأطباء، لا تتجاوز نسبة 10 في المائة من مجموع تلك العمليات، ليجري الباقي خارج إطار القانون.
وتجرى عمليات نقل الأعضاء داخل المستشفيات الخاصة في مصر بعد إجراء اتصالات بشخصيات عربية وأجنبية في حاجة إلى عمليات زرع كلى أو فصوص أكباد في مقابل مبالغ مالية كبيرة. وتلك المبالغ يتقاضاها الأطباء، ومعاونوهم، فضلاً عن الوسيط، في حين يحصل صاحب العضو على مبلغ صغير من المال في نهاية الأمر.
وفي أغسطس/آب 2017، نشرت قناة (بروشايبن) الألمانية تحقيقاً مصوراً بالكامل داخل مصر بكاميرات خفية، أعده الصحافي تيلو ميشكي، بعنوان (تجارة الدم)، يوثّق فيه من خلال لقاءات حية وشهادات مسجّلة "مافيا" تجارة الأعضاء البشرية في مصر، والتي تعدّ واحدة من أهم ثلاث دول في العالم في مجال تجارة الأعضاء.