يشعر بعض البشر بالغيرة من الطيور كالعقبان والصقور وغيرها بسبب قدرتها على الطيران. وذلك ليس بأمر جديد، فالتاريخ يخبرنا عن محاولات عباس بن فرناس للطيران كما الطيور. ولعلّ هذه الغيرة هي التي جعلت الإنسان يقلد الطيور من خلال صناعة الطائرات البدائية وصولاً إلى تطوير الطائرات الحديثة، فلقد أخذ منها الكثير.
وفي الوقت نفسه، قد نشعر بالأسى تجاه بعض أنواع الطيور التي لا تستطيع الطيران، خصوصاً بسبب كبر حجمها وصغر جناحيها بالنسبة لوزنها، ما يجعل من إقلاعها عن الأرض أمراً مستحيلاً. فالنعامة التي يصل ارتفاعها إلى نحو 3 أمتار ووزنها إلى نحو 150 كيلوغراماً وتعيش حالياً بنوعيها (ذات الرقبة الحمراء وذات الرقبة الزرقاء) في أفريقيا، كانت تعيش سابقاً في الشرق الأوسط، حتى إنّه تم العثور على بيضها المتحجر في لبنان. ولأنّها لا تستطيع الهرب من عدوها بالطيران، تعوض هذا النقص بكونها عدّاءً رائعاً يمكنه الركض بسرعات تصل إلى 72 كم/ ساعة في المتوسط، مع ذروة 97 كم/ ساعة خلال فترات قصيرة، وخطوات تصل إلى 3.7 أمتار، لتكون النعامة أسرع حيوان على قدمين.
وفي حال اضطرت إلى القتال، تهاجم عدوها وترفسه بقدميها رفساً إلى الأمام. وسبق لها أن قلبت سيارة صغيرة رباعية الدفع في حديقة حيوان في لندن برفسها المدعوم باندفاعة جسمها. أما طائر الإيمو الأسترالي الذي يشبه النعامة لكنّه أصغر (يصل ارتفاعه إلى 1.9 أمتار)، فيستطيع السفر لمسافات طويلة. وعند الضرورة، يمكنه الركض بسرعة 50 كم/ ساعة، وقد يستمر لأسابيع من دون تناول الطعام. يعد الإيمو رمزاً ثقافياً مهماً لأستراليا، ويظهر على شعار النبالة والعملات المعدنية المختلفة وفي الأساطير الأسترالية.
أما طائر الريا، فيعيش بنوعيه في أميركا الجنوبية، وهو مفيد جداً للمزارعين، خصوصاً الريا الكبيرة التي تأكل الحشرات الضارة بالمحاصيل، لكن لا يمكنها تحمل أكل الحبوب والكينا. ويمكن أن تصل سرعة الريا إلى 60 كم/ ساعة. ويستخدم سكان الجبال الريا كالدواب لحمل الأمتعة ويركبونها في السباقات الشعبية.
وهناك طائر الكسوري من مواليد أستراليا والجزر المحيطة، وهو من فئة الوزن الثقيل. الطائر الوحيد الأثقل من الكسوري هو النعامة. ولطائر الكسوري مخلب يشبه الخنجر ويمكن أن يصل طوله إلى 10 سنتمترات على إصبع القدم الأوسط، وقد عُرف عنه أنّه يقتل البشر إذا ما شعر بالخطر، وهناك المئات من الجرحى بسبب هجماته. وله خوذة ملونة مصنوعة من الكيراتين (مثل مادة الأظافر) يستخدمها ليفتح لنفسه طريقاً في الأدغال الكثيفة وهي تحمي رأسه.
بالإضافة إلى ما سبق، لا ننسى أنّ جميع أنواع البطاريق الـ 18 غير قادرة على الطيران أيضاً، وهي في الواقع مصممة بشكل أفضل للسباحة والغوص. أرجلها القصيرة وبنيتها الممتلئة تمنحها مشياً مميزاً. هذه الطيور أيضاً رومانسية بشكل ملحوظ، فهي أحادية الزواج إلى حد كبير وتبحث عن نفس الأصدقاء كلّ موسم، حتى بين مئات أو آلاف الطيور التي قد تعيش في مستعمرتها.
من ناحية أخرى، هناك ثلاثة من أصل أربعة أنواع من البط البخاري التي لا تطير. اكتسبت هذه الأنواع من البط من أميركا الجنوبية اسمها بسبب جريها على الماء بدلاً من الطيران وضرب أجنحتها مثل العجلات على باخرة بخارية نهرية. ومن المعروف أنّ البط البخاري الذي يشتهر بالعدوانية يخوض معارك دموية ملحمية بعضه مع بعض بسبب النزاعات على الأراضي، حتى إنّه معروف بقتل الطيور المائية الأكبر منه عدة مرات. وهناك خمسة أنواع من الكيوي، وهي طيور بنية بحجم الدجاج توجد في نيوزيلندا، لديها أجنحة مخبأة وريش ناعم يشبه الشعر. على عكس الطيور الأخرى، فإنّ أنف الكيوي على طرف منقارها، بدلاً من القاعدة. الببغاء البومة، أو الكاكابو، لا يطير، وهو أيضاً من نيوزيلندا. هذا الببغاء الليلي له وجه بومة ومشية بطة. إنّه أثقل ببغاء في العالم. أما التكاهي، فهو طائر متوسط الحجم في نيوزيلندا ويعدّ سيد لعبة الغميضة. كان يُعتقد أنّه انقرض من أواخر القرن التاسع عشر حتى تم اكتشافه فجأة في عام 1948. وأخيراً نذكر آخر الأنواع التي لا تطير وهي نوع ويكا الذي يشبه الدجاج لكنّه سباح ماهر وأيضاً سارق لأغراض.
(متخصص في علم الطيور البرية)