- مدينة زليتن تواجه أزمة بيئية بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية، مما أدى إلى نزوح سكان وتضرر الأراضي الزراعية والأشجار، بالإضافة إلى مشكلات صحية ناجمة عن انتشار الحشرات.
- إعصار قوي في سبتمبر الماضي يسبب فيضانات غير مسبوقة وخسائر بشرية ومادية كبيرة، مما يعكس تأثير التغير المناخي العالمي على ليبيا ويستدعي تدخلات عاجلة ومستدامة.
تتزايد تداعيات التغير المناخي المرتبطة بتضاريس الأرض والمياه الجوفية في ليبيا، فمنذ الإعصار دانيال الذي ضرب مناطق شرقيّ البلاد في العام الماضي، برزت عدد من الظواهر البيئية التي يشكو السكان من إهمال السلطات معالجتها.
ظهرت تشققات أرضية كبيرة في أنحاء منطقة السبيعة، جنوب شرقيّ العاصمة الليبية طرابلس، ومع انتشار صور تلك التشققات على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر كثير من المواطنين عن قلقهم إزاء هذه الظاهرة التي لم يعرفوها من قبل.
يقول عمر الختالي، وهو أحد سكان السبيعة، لـ"العربي الجديد"، إن "هذه الشقوق بدأت بالظهور في عدة أراضٍ زراعية في حيّ أبوعائشة منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، وكانت في البداية على شكل فتحات وحفر صغيرة عمقها ضحل، لكنها باتت أعمق وأطول خلال الشهر التالي. سكان المنطقة رصدوا بعض الشقوق التي يصل عمقها إلى خمسة أمتار، وبعضها عرضه يصل إلى مترين".
ويؤكد الختالي أن "هذه الظاهرة غريبة، ولم نسمع عنها من آبائنا أو أجدادنا، ولا يوجد ما يشير إلى حدوثها في السابق، وبعض الشقوق يزيد طولها على 50 متراً، ولو حدثت في السابق لظل أثرها قائماً، أو روى لنا أجدادنا عنها. هذه الظاهرة الغامضة تثير الذعر في المنطقة، وعلى السلطات العمل سريعاً على تفسير أسبابها، ووضع حلول لها".
وأعلنت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس تشكيل لجنة تحقيق في أسباب الظاهرة، تضم مختصين من وزارة البيئة والحكم المحلي، فيما أعلنت وزارة البيئة زيارة فريق تابع لها للمنطقة، ورصده الظاهرة في إحدى الأراضي الزراعية، وأن الفريق بصدد إعداد تقرير مفصل.
ولا تزال منصات التواصل الاجتماعي تتداول مقاطع فيديو تظهر تلك التشققات، التي تتباين تعليقات المواطنين حولها، ولا سيما سكان السبيعة، لكن القلق هو السمة الشائعة، ويخشى البعض من مخاطر بيئية في المنطقة، ما قد يؤدي إلى أضرار بشرية.
ويؤكد الختالي ضرورة اهتمام السلطات بهذه الظاهرة، وعدم التعامل معها إعلامياً فقط، من دون وجود عمل جدي على أرض الواقع، معتبراً أن الكشف عن أسبابها هو السبيل الوحيد لطمأنة السكان الذين يفكر بعضهم في ترك مزرعته، كذلك إن استمرار السكوت الرسمي يعزز انتشار الشائعات التي تعيد إلى الأذهان حالة الارتباك الذي كانت عليه البلاد خلال الأيام الأولى من الإعصار دانيال.
ويقول: "قبل أشهر حدثت هزة خفيفة في طرابلس، وتحدث عنها الإعلام وشعر بها كل المواطنين، وقد وقعت في الجانب الشرقي من طرابلس حيث تقع منطقة السبيعة، وعلى السلطات التوصل إلى أسباب ما يحدث سريعاً لتبديد الشائعات المنتشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي".
وغير بعيد عن السبيعة، تعاني مدينة زليتن من أزمة ارتفاع منسوب المياه الجوفية الذي أدى إلى نزوح العديد من سكانها من منازلهم، فيما لم تتوصل السلطات إلى أسباب تلك الظاهرة، على الرغم من تكليفها لجاناً مختصة في هذا الشأن.
وتفجرت أزمة ارتفاع المياه الجوفية في زليتن منذ يناير كانون الثاني الماضي، عندما أبلغ مواطنون عن خروج المياه عن منسوبها الطبيعي، وبدء تكون برك من المياه في أراضيهم الزراعية، في حين أعلنت حكومة طرابلس تشكيل لجان للكشف عن الأسباب، كذلك أعلنت حكومة مجلس النواب في الشرق أن زليتن مدينة منكوبة، وتخصيص ميزانية للتغلب على الأزمة.
وتواصل الشركة العامة للمياه والصرف الصحي حتى الآن أعمال شفط المياه من المدينة، خصوصاً من منازل المواطنين التي غمرتها المياه الجوفية، وهي ذات الآلية التي بدأت بها بلدية المدينة مواجهة الأزمة عند حدوثها.
ويؤكد علي محيسن، وهو أحد السكان المتضررين، لـ"العربي الجديد"، أنه لم يطرأ أي جديد، ويقول إن "الضجة الإعلامية جعلت الاهتمام كبيراً في البداية، لكننا حالياً نواجه الأمر وحدنا، وليست هناك حلول، والأراضي الزراعية أصبحت تربتها موحلة بشكل دائم، وتضررت أشجارها، ونزح بعض السكان بعد أن أصبح العيش فيها مستحيلاً مع زيادة انتشار الحشرات الضارة التي تعيش على برك المياه، والتي أجبرت أصحاب المنازل على ترك البيوت حرصاً على صحة أطفالهم".
وعلى الرغم من إعلان السلطان استعانتها بخبراء من بريطانيا واليونان، إضافة إلى الخبراء المحليين، لكنها لم تعلن بعد أسباب الظاهرة غير المسبوقة في زليتن، التي انتقلت إلى منطقة بير الغنم في جنوب طرابلس، وسط شكاوى المواطنين من انتشار الحشرات الضارة فيها أيضاً.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، شهدت مناطق شرقيّ البلاد إعصاراً قوياً سبّب فيضانات غير مسبوقة أغرقت مناطق واسعة، ودمرت سد وادي درنة، ما أدى إلى مداهمة المياه للمدينة، وأودى بحياة الآلاف، وجرف نحو ثلث المدينة إلى البحر، وسط تحليلات ترجّح مسؤولية التغير المناخي العالمي عن تلك الفاجعة.