عائدون من لبنان إلى شرقي سورية

19 أكتوبر 2024
مواطنون سوريون يعودون إلى سورية من لبنان، 9 أكتوبر 2024 (بلال الحمود/ فرانس برس)
+ الخط -

أجبر تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان عائلات سورية عديدة، لاجئة في البلد الجار، على العودة. وقد توجّه قسم من تلك العائلات إلى مناطق سيطرة الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية، ولم يكن من خيار أمامها سوى اللجوء إلى المخيمات في المنطقة. وبلغ عدد المواطنين السوريين العائدين إلى مناطق سيطرة الإدارة الذاتية نحو 20 ألف شخص، وفقاً لآخر الإحصاءات الصادرة في 16 أكتوبر/ تشرين الثاني الجاري، وقد دعت الإدارة المنظمات الدولية إلى تقديم الدعم للعائدين بسبب الحرب.

والعائلات السورية العائدة من لبنان، يتحدّر عدد منها من مناطق لا يمكن العودة إليها في الوقت الراهن، مثل المناطق التي تخضع لسيطرة "الجيش الوطني" في شمال محافظة الرقة (تل أبيض)، وأجزاء من ريف محافظة الحسكة الغربي (منطقة رأس العين)، بالإضافة إلى مناطق يسيطر عليها النظام السوري في ريف الرقة الجنوبي.
وصعوبة العودة إلى منطقة رأس العين دفعت إبراهيم عادل (43 عاماً) وعائلته إلى التوجّه إلى مخيم رأس العين في ريف الحسكة، الذي أُنشئ بعد العملية العسكرية التركية التي أُطلقت في المنطقة في عام 2019. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "السبب الذي دفعني إلى البقاء في لبنان، مع أطفالي الثلاثة وزوجتي، كان ملفّاً لنا في الأمم المتحدة". يضيف: "كنّا نأمل بإعادة التوطين، لكنّ هذا الأمر لن يتحقّق بحسب ما يبدو"، مشيراً إلى أنّ "العودة تهريباً إلى بيت عائلتي في رأس العين صعبة ومكلفة، لذلك لجأت إلى المخيم". ويتابع عادل: "حالياً، ننتظر الحصول على خيمة، أو أن يشيّدوا لنا مخيماً نأوي إليه في الشتاء. فليس لدينا سوى الملابس التي جئنا بها، والطريق لم يكن سهلاً".
في هذا الإطار، كان عبد الرزاق المحمد، من القائمين على مخيم رأس العين، قد صرّح لقناة روجافا المقرّبة من الإدارة الذاتية، بأنّ 109 عائلات وصلت إلى المخيم قادمة من لبنان. وأضاف المحمد أنّ 33 عائلة من بينها نُقلت إلى مخيم نوروز، لافتاً إلى أنّ الوضع في المخيم مزرٍ، مع رفض المنظمات الإنسانية تقديم الدعم.

من جهتها، تقول صالحة الحسين (50 عاماً)، التي وصلت مع عائلتها إلى المخيم، لـ"العربي الجديد" إنّه "على الرغم من عدم توفّر المساعدات، فإنّ وجود إخوتي في المخيم هو ما دفعني إلى المجيء. صحيح أنّ الخيام بالكاد تكفي إخوتي، لكنّنا لا نملك أي خيار آخر، فنحن لا نستطيع العودة إلى رأس العين، ولا نملك القدرة على استئجار منزل".
وبخصوص الدعم الذي يحصل عليه النازحون العائدون من لبنان، يشرح شيخموس أحمد، من القائمين على مكتب شؤون النازحين واللاجئين لدى "هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل" في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية، لـ"العربي الجديد": "ثمّة دعم مقدّم من قبل منظمات غير حكومية، وكذلك من منظمات محلية، لكنّ حاجة النازحين كبيرة، نظراً إلى الأعداد الكبيرة في المخيمات، وهم في حاجة إلى مساعدات دولية وأممية". يضيف أحمد أنّ "المساعدات تصل مباشرة من دون ابتزاز أو تسلّط من أي جهة في خارج المنطقة. ومع ذلك، فإنّ الدعم المقدّم إلى مناطق شمال وشرق سورية مقارنة بباقي المناطق قليل جداً ولا يكفي لتلبية الاحتياجات. لذلك، ناشدنا ونناشد المنظمات الدولية، ولا سيّما وكالات الأمم المتحدة، لدعم قطاعات الصحة والتعليم والإغاثة في مخيمات شمال وشرق سورية مثلما هي الحال في المناطق الأخرى". ويتابع أحمد: "نطالب بفتح معبر اليعربية لإدخال المساعدات والتواصل مع العالم الخارجي، وبدعم الإدارة الذاتية في تنظيم المخيمات العشوائية المنتشرة بكثرة في دير الزور والرقة والطبقة ومنبج التي تحتاج إلى دعم أممي".
حسين الحمدان (55 عاماً)، من بين المواطنين السوريين الذين عادوا إلى سورية، يشير إلى أنّه وصل أخيراً إلى مدينة الرقة مع زوجته وأبنائه الخمسة. ويخبر "العربي الجديد": "أقمت منذ عام 2013 في لبنان، والمنطقة التي اتحدّر منها تقع تحت سيطرة النظام. عند عودتنا من لبنان، دفعنا رشوة لضباط عند المعبر لكيلا يعتقلوا اثنَين من أبنائي اللذَين بلغا سنّ الخدمة الإلزامية. دفعنا نحو 90 دولاراً أميركياً، وهذا أمر شائع؛ يتوجّب على كلّ مطلوب للخدمة الإلزامية الدفع". ويقول الحمدان: "لن أعود إلى بلدتي التي يسيطر عليها النظام، لأنّهما سوف يُعتقلان في كلّ الأحوال ويُجنّدان. وهذا كان من بين أسباب بقائنا في لبنان". ويؤكد "لذلك، أفضّل البقاء في مخيم العدنانية حالياً. وإذا تمكّنا من إيجاد عمل في المستقبل، قد أستأجر منزلاً لنقيم فيه. الأوضاع في المخيمات صعبة بحسب ما سمعنا، والمساعدات قليلة ولا تلبّي الحاجة".
في سياق متصل، يؤكد مصدر خاص، مقرّب من الإدارة الذاتية في مدينة الرقة، لـ"العربي الجديد" أنّ "ثمّة عائلات سورية عائدة من لبنان اتّجهت إلى المخيمات"، ويوضح أنّ "عائلات كثيرة، سبق أن لجأت إلى لبنان، أُجبرت على العودة إلى البلاد. ومن بين هذه العائلات قسم عاد إلى مناطق شمال شرقي سورية". ويبيّن المصدر نفسه أنّ الإدارة الذاتية شكّلت خليّة أزمة شاركت فيها "هيئة الشؤون الاجتماعية" و"هيئة المعابر" و"هيئة الداخلية"، وذلك من أجل "تسهيل أمور المواطنين العائدين، ومنها استثناء بطاقة الوافد المطلوبة لدخول مناطق شمال شرقي سورية".

ويكمل المصدر نفسه أنّ "مخيم عبور فُتح أمام الذين لا يستطيعون الوصول إلى مناطقهم، مثل مناطق نبع السلام وتل أبيض، وتلك التي يسيطر عليها النظام في ريف الرقة الجنوبي. وقد سجُلت عائلات فقيرة عديدة على قوائم المساعدات، للاستفادة ممّا تقدّمه المنظمات الإنسانية، وذلك بإيعاز من مكتب المنظمات التابع للإدارة الذاتية". ويشرح المصدر أنّ "ثمّة فرقاً تطوعية بدأت بالفعل بمساعدة المواطنين السوريين العائدين"، مثل فريق "صنائع المعروف" التطوّعي، ومنظمة "إنقاذ الطفل"، ومنظمة "سوليدارتي". ويلفت إلى "بروز دور فريق صنائع المعروف خصوصاً، الذي قدّم وجبات غذائية للعائدين لمدّة ثلاثة أيام متتالية، سواء في الكراجات أو في مخيم العدنانية. ويعمل الفريق منذ فترة على مساعدة العائلات الفقيرة والمحتاجين في مدينة الرقة".

المساهمون