لا تزال عائلة أبو الهوى المقدسية تُواجه خطر استيلاء المستوطنين على منزلها في بلدة الطور في القدس المحتلة، رغم تمكنها قبل أيام من استصدار قرار قضائي احترازي يمنع المستوطنين من السيطرة عليه، حيث لا تزال القضية قائمة. ويؤكد المحامي مارون سرور من طاقم الدفاع عن منزل عائلة أبو الهوى، لـ "العربي الجديد"، أن طاقم الدفاع تمكن بعد مداولات طويلة من استصدار أمر احترازي ضد المستوطنين المحتلين لمنزل عائلة أبو الهوى، يقضي بإخلائهم المنزل لصالح المواطنة ابتسام أبو الهوى وقريبها المستأجر، وذلك لبطلان ادعاءات المستوطنين بخصوص ما زعموا من ملكيتهم للمنزل وتسليمه لأصحابه الشرعيين إلى حين البت بصورة نهائية في القضية.
من جهته، يؤكّد المحامي نبيل ازحيمان من طاقم الدفاع أيضاً عن عائلة أبو الهوى، لـ "العربي الحديد"، أن القرار الحالي يمنع المستوطنين من استخدام المنزل الواقع في محلة الخلوة في جبل الطور، والذين اقتحموه قبل أقل من شهرين ويقضي بإخلائهم من المنزل المذكور، ليؤكد القرار الحالي السماح لأبناء عائلة أبو الهوى بالعودة إلى المنزل واستخدامه، وهو قرار ضمن الإجراءات بصفة الاستعجال التي بادر إليها أبناء عائلة أبو الهوى".
ويشير ازحيمان إلى أن المستوطنين استأنفوا القرار المذكور، ولم يتم تحديد موعد للنظر في الاستئناف. ويعني قرار استئناف المستوطنين أن صراع عائلة أبو الهوى في محاكم الاحتلال الإسرائيلي لا يزال مستمراً ولم تغلق القضية، لكن العائلة بادرت بالعودة إلى المنزل بعد أقل من شهرين على اقتحامه، والاستيلاء عليه من قبل مجموعة من المستوطنين فجر السادس عشر من سبتمبر/ أيلول الماضي، قي خطوة استباقية للتصدي لمحاولات المستوطنين السيطرة على المنزل.
وتدهورت الحالة الصحية لصاحبة المنزل ابتسام أبو الهوى بعد الاستيلاء على المنزل قبل أقل من شهرين، لكن القرار الاحترازي لمنع المستوطنين من الاستيلاء على المنزل أعاد لها عافيتها مجدداً.
بعد صدور القرار، دخلت أبو الهوى إلى بيتها تتفقد كل ركن وزاوية فيه وتتأمل ما أحدثه المستوطنون. تقول لـ "العربي الجديد: "لقد سرقوا كل شيء، بما في ذلك ثلاجة قريبي أحمد أبو الهوى الذي كان قد ملأها بلحم الضأن والحلويات من بقايا عرس نجله، عشية اقتحام بيت العائلة التي كانت منشغلة بزفاف نجلها".
أحمد أبو الهوى أسير محرر أمضى في سجون الاحتلال نحو عشر سنوات. وبعد الإفراج عنه، استقر وعائلته في بيت قريبته الحاجة ابتسام مستأجراً. يقول لـ "العربي الجديد": "تمت عملية الاستيلاء على البيت قبل شهرين فقط، حين فوجئنا باقتحامه من قبل عشرات المستوطنين بحماية شرطة الاحتلال التي مكنتهم من تحويل البيت إلى محمية وثكنة أحاطوها بالأسلاك الشائكة، وغيروا الأقفال وحصّنوا الأبواب الخارجية والداخلية بالحديد، كما استولوا على ما كان داخل البيت من أثاث وأدوات كهربائية".
منذ ذلك الوقت وعائلة أبو الهوى تصارع من أجل تخليص منزلها واسترجاعه من المستوطنين. ويقول أحمد أبو الهوى: "توجهنا إلى المحكمة الابتدائية الإسرائيلية، وحصلنا على قرار بإخراجهم منه، لكنهم استأنفوا القرار، فتوجهنا إلى المحكمة المركزية للاحتلال التي أصدرت قراراً بإخلائهم لعدم ثبوت ملكيتهم للبيت كما يزعمون، ثم عادوا مرة اخرى ليستأنفوا القرار، لكننا توجهنا مرة ثانية إلى تلك المحاكم التي أصدرت قراراً نهائياً باخلائهم منه، وهو ما حصل فعلاً، فدخلنا فوراً إلى المنزل الذي كان خالياً منهم لأنهم لم يقطنوا فيه أصلاً، وباشرنا إزالة كل ما وضعوه من أسلاك شائكة وتحصينات حديدية".
بالنسبة للمواطن أبو الهوى، فإن استرجاع البيت كان انتصاراً على ادعاءات المستوطنين ومزاعمهم بملكيته، واليوم تتهيأ عائلته للإقامة فيه بعد تنظيفه من مقتنيات المستوطنين وإزالة كل أثر لهم فيه. حكاية هؤلاء المستوطنين، كما يشير، تحمل الكثير من التفاصيل عن سلوكيات المقتحمين وممارساتهم واعتدائهم على البيت والأرض المحيطة به، والتي أحدثوا فيها هدماً وتخريباً، وحاولوا من خلالها فرض واقع جديد يستلب حقوق أصحاب البيت والأرض الشرعيين.
يقول: "ننتظر أن يخرِج هؤلاء كل ما تركوه في البيت من أثاث، وقد أمهلوا حتى يوم الأربعاء (أمس) لنتمكن من تنظيفه من كل آثارهم".
صاحبة البيت والمتصرفة الوحيدة في ملكيته المسنة المقدسية ابتسام أبو الهوى، تعرب لـ "العربي الجديد" عن الكثير من مشاعر الفرح، بعدما استردت بيتها عقب معاناة كبيرة جراء عملية الاستيلاء عليه قبل نحو شهرين، ما أدى إلى تدهور صحتها. تقول: أشعر بالسعادة وقد استرجعت البيت. كنت مريضة وأتلقى الدواء، والحمد لله تعافيت اليوم. المنزل هو جهد أهلي وتعبهم. الحمد لله أن المنزل عاد". ووفقاً للحاجة ابتسام، "فقد شيدت عائلتها بيتها قبل أكثر من ستين عاماً، وهي اليوم المتصرفة الوحيدة فيه منذ خمسة وثلاثين عاماً بعد رحيل والديها".
يشار إلى أنه على مدى السنوات العشر الماضية، تمكن المستوطنون من الاستيلاء على عدد من الشقق السكنية في بلدة الطور، وتحديداً إلى جوار بيت عائلة أبو الهوى، وسط انتقادات وجهت إلى السلطة الفلسطينية نتيجة غياب أي استراتيجية لمواجهة عمليات تسريب العقارات في القدس، والتي تقف وراءها جهات عديدة وبعض السماسرة، ما دفع برئيس الهيئة الإسلامية العليا الشيخ عكرمة صبري، إلى إصدار فتوى بتحريم بيع وتسريب العقارات للمستوطنين وتجريم من يقوم بذلك ومقاطعته اجتماعياً".
بيد أن انتقاداً حاداً وجه إلى السلطة الفلسطينية من القيادي في حركة "فتح"، حاتم عبد القادر، الذي قال لـ "العربي الجديد" في وقت سبق الاستيلاء على منزل عائلة أبو الهوى، إن "السلطة الوطنية الفلسطينية ليست لديها أية استراتيجية فعالة لمنع تسريب العقارات والأراضي في القدس المحتلة، وهي استراتيجية يجب أن تقوم على مكونين: أولهما مكّون الردع لمن تورطوا ويتورطون في عمليات التسريب هذه، بل إن بعضهم لا يزال يتحرك بحرية حتى في مناطق السلطة، فيما يتمثل المكوّن الثاني في عدم الاهتمام الاستخباري من قبل أجهزة السلطة المختلفة بأوضاع العقارات في مدينة القدس".
ويقول عبد القادر: "في واقع الحال، ليس هناك اهتمام من قبل السلطة الفلسطينية بشراء العقارات من أصحابها، وقد كنا اقترحنا في السابق إنشاء صندوق فلسطيني يتولى شراء تلك العقارات من أصحابها. ولكن للأسف الشديد، هذا لم يكن في وارد السلطة".