- خال الضحية يشير إلى تعرض ياسين لمضايقات وإهانات من قبل الأمن، ويروي الظروف التي أدت إلى الحادثة، بما في ذلك خلاف بسيط تطور إلى اقتياده للمركز.
- الحادثة أثارت غضبًا واحتجاجات في المنطقة، مع مطالبات بالعدالة ومحاسبة المسؤولين، وتسلط الضوء على أزمة الثقة وفقدان الأمل في المجتمع التونسي.
تعتزم عائلة وأصدقاء الشاب التونسي ياسين السالمي، البائع المتجول الذي توفي أمس الخميس بعد إضرام النار في جسده أمام مركز أمني في منطقة بوحجلة بمدينة القيروان، وسط تونس، تنفيذ وقفة احتجاجية للتعبير عن غضبهم والمطالبة بكشف حقيقة إقدامه على وضع حد لحياته. وتوفي ياسين السالمي متأثراً بحروق بالغة من الدرجة الثالثة طاولته بعدما أضرم النار في جسده أمام مركز أمني في المنطقة، الثلاثاء الماضي. وأفاد شهود بأن "الواقعة حصلت إثر خلاف نشب بين الشاب وعنصر أمني، ما أجج غضبه وجعله يشعل النار في جسده".
وقال خال الضحية، نجيب السالمي، لـ"العربي الجديد "، إنهم ينتظرون وصول جثمان قريبهم من العاصمة إلى بوحجلة لدفنه، موضحا أنه بعد الجنازة سيشاركون في وقفة احتجاجية رمزية أمام مركز الأمن. وأضاف المتحدث أن "ياسين بائع متجول يقتني عادة بعض السلع من القصرين، وسط غرب تونس، ليبيعها، ولكن كثيرا ما يتعرض لمضايقات من قبل بعض عناصر الأمن، وأن واحداً منهم كان يستفزه ويوجه له كلاما جارحا وإهانات تصل أحيانا إلى حد الابتزاز"، بحسب تعبيره.
وبيّن المتحدث أنه "يوم الواقعة (الثلاثاء الماضي) كان ياسين برفقة جاره في سيارته وتوجها لاقتناء بعض الحاجيات العائلية، لكنهما تعرضا في الطريق لخلاف بسيط مع سائق من أبناء المنطقة بسبب الأحقية في الأولوية. ورغم بعض المناوشات تم فض المشكل، لكن عون الأمن كان يراقب الوضع وقرر اقتياد الجميع للمركز، ورغم إصرار الجميع أن لا علاقة لياسين بما حصل، إلا أن العون أصر على جره معهم وفتْح بحث في الموضوع" .
وأوضح السالمي أنه "في مركز الأمن تعرض ياسين للسب والشتم ما أجّج غضبه لأنه شعر بالظلم والإهانة، فقرر سكب البنزين على نفسه مهددا بوضع حد لحياته لأنه وصل إلى قمة القهر، ومع ذلك لم يتم التدخل لمنعه"، مبينا أن "عدة سكان سبق أن قدموا عريضة ضد عون الأمن بسبب استفزازاته للأهالي، ولكن لم يحصل أي شيء في الشكاية، وهم يريدون إظهار حق ياسين، ومحاسبة من قاده إلى حرق نفسه"، مشيرا إلى أنهم "دعاة سلم وشعارهم لا للظلم، لا للاضطهاد، لا لسوء المعاملة"، وأنه "من المفروض أن يكون الأمن في خدمة المواطن، وأن تكون علاقة الأمني بالمواطن جيدة".
وأشار إلى أنه "إثر الاحتقان والغضب الذي حصل أمس من بعض أبناء المنطقة وأصدقاء الشاب بسبب عدم قبولهم بما حصل، فإنهم طلبوا التهدئة وطوقوا حالة الاحتقان لكي لا يتطور الغضب ويقود إلى ما لا تُحمد عقباه"، مشيرا إلى أنهم "واعون ومتمسكون بالقانون والعدالة ودعاة سلم، ويطلبون أن تكون صورة الأمني جيدة وغير قائمة على الاضطهاد" .
الانتحار حرقاً
من جهته، قال المختص بعلم الاجتماع، سامي نصر، لـ"العربي الجديد"، إن "الانتحار حرقا ظاهرة خطيرة، وتزايد الضغط وأزمة الثقة وفقدان الأمل كلها عوامل تدفع الفرد، الذي لا يمكن أن يقوم برد الفعل على السلطة، إلى استهداف ذاته"، مبينا أن "حالات الانتحار حرقا ما هي إلا إعادة إنتاج لما وقع للبوعزيزي رفضا للظلم والقهر".
ومنذ أكثر من 13 عاماً، اندلعت الثورة التونسية حين أضرم الشاب محمد البوعزيزي النار في نفسه احتجاجاً على الظلم، ليصبح رمزاً للحرية وشعلة الربيع العربي. وتوفي طارق الطيب محمد البوعزيزي، الذي وُلد في 29 مارس/آذار 1984، في 4 يناير/كانون الثاني 2011. كان يعمل بائعاً متجولًا يبيع الخضراوات والغلال. في يوم الجمعة 17 ديسمبر/كانون الأول عام 2010، أضرم النار في جسده أمام مقر محافظة سيدي بوزيد احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية عربته.
ولفت سامي نصر إلى أن "الانتحار حرقا رسالة أن لا شيء تغيّر منذ وفاة البوعزيزي، وهذه ليست مسألة اعتباطية، فالظواهر تستبطن رسائل رغم أن صاحبها لم يفكر في ذلك أو يقصده، وهي موجهة لكل الأطراف في السلطة"، مشيرا إلى أنه "من الخطأ الاعتقاد أن نفس الحادثة قد تقود للنتيجة نفسها، لأن عود الكبريت يشتعل مرة واحدة ولن يكون هناك تأثير للحدث نفسه على المجتمع"، مشيرا إلى أن "ما وقع في حادثة البوعزيزي كان في حالة الغليان، وكان المجتمع مستعدا للانفجار، ولكن عندما تتغير الظروف فإن الحوادث تتكرر ولكن لا تقود إلى النتائج نفسها".