الابتكارات الهندسية هواية رافقت عامر درويش منذ الطفولة، وطورها في الأعوام الأخيرة، حتى تمكن هذا العام من ابتكار جهاز لمكافحة فيروس كورونا الجديد، مع تسجيله باسمه
عامر أحمد درويش، شاب من قرية نحف في قضاء عكا، بفلسطين المحتلة، ولد لاجئاً في لبنان عام 1988 في مخيم البداوي، بطرابلس (شمال) وما زال يقيم فيه مع عائلته.
حصل عامر على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، مع متابعة هوايته في الابتكارات الهندسية المتنوعة. فعلى هذا الصعيد، أنجز عامر ثلاثة اختراعات في مشاريعه الهندسية. المشروع الأول كان "Blue drive 48" الذي يعمل على قيادة الآليات الثقيلة عبر الهواتف الذكية. والمشروع الثاني كان منظومة إطفاء وإنقاذ فلسطينية، وهي عبارة عن روبوت إطفاء مع بيت حاضن له يعمل عبر الطاقة الشمسية بالإضافة إلى سكة رافعة، ليتمكن الروبوت من تسلق المباني المشتعلة والدخول إليها لإنقاذ المعرضين للخطر داخلها، وأطلق عليه اسم "Pulse fire fighter 48". أما المشروع الأخير وهو "Corona fighter 48" فيعمل على التعقيم من خلال الأجهزة الذكية لمكافحة عدوى فيروس كورونا.
وعن هذه الاختراعات، يقول عامر لـ"العربي الجديد": "الدمج بين علوم الإدارة والاقتصاد والابتكارات الهندسية مفيد لناحية قدرة الإنسان على التنبؤ بحاجة المستهلك، ومن هذا المنطلق بدأت أفكر بما يحتاجه الناس في ظل انتشار وباء كورونا، وكانت الحاجة الأولى هي المعقم، فرحت أبحث عن كيفية حلّ مشكلة توفيره للناس، وكان لدي دافعان لابتكار هذا الجهاز، أحدهما محلي والآخر دولي". يتابع أنّ الدافع المحلي "رؤيتي لأبناء المخيمات يعانون من انتشار هذا الوباء، في ظلّ قدرة القطاع الصحي المحدودة بحكم تقلص دعم "أونروا" ما شكل ضغطاً كبيراً على الطواقم الطبية. أما الدافع العالمي فهو تزايد الإصابات بالفيروس يومياً".
أما عن عمل الجهاز، فيقول: "يعمل هذا الجهاز كمعقم ومعطر، إذ يحول السوائل فيه إلى رذاذ. ويمكن استخدامه لمرضى الربو وغيرهم ممن يستعملون بخاخاً، إذ يمكن ملء خزانه بالسوائل الطبية واستخدامها عند الحاجة". يتابع: "هو جهاز إلكتروني صغير، يضاف إلى الهواتف الذكية، ويقوم بمهمتين أساسيتين، الأولى هي عملية الشحن اللاسلكية لهذه الهواتف، والثانية عملية التعقيم. وهكذا تجري إعادة تعبئته بالسائل المعقم الرخيص نسبياً مع إضافة الكمية المناسبة للجهاز".
يضيف: "حصلت على براءة اختراع للأجهزة الثلاثة التي اخترعتها من وزارة الاقتصاد والتجارة في الجمهورية اللبنانية، وهي تحمي محلياً لعشرين عاماً، ويجب أن تتبع ببراءة اختراع دولية لكي تحميها تجارياً على المستوى العالمي، لكنّ هذا التحويل للنطاق الدولي فيه صعوبات كثيرة، كوني لاجئاً فلسطينيّاً، وليس لي وطن، لذلك يتوجب عليّ أن أوكل شخصاً ينوب عنّي، ما يعني أنّني لن أتمكن من تسجيل الاختراعات دولياً باسمي".
وتواجه عامر صعوبات عدة في عمله، منها عدم تمكنه من الحصول على تأشيرات للمشاركة في مؤتمرات خارج لبنان، بسبب جواز السفر الذي يحمله، وهو جواز سفر اللاجئين، علماً أنّ مهنته تحتاج إلى السفر لكي يؤمن أدوات يستخدمها في اختراعاته، مما لا يتوفر في لبنان. ويقول: "أتلقى العديد من الدعوات من المهندسين، لحضور مؤتمرات دولية للمشاركة فيها، لكنّ العائق أمامي هو الحصول على التأشيرة". يضيف عامر: "تلقيت طلبات كثيرة للحصول على الجهاز والذي أسعى لتحويله إلى منتج، وهذه الطلبات هي من لبنان وخارج لبنان، ومن مؤسسات كبيرة، لكنّي أحتاج وقتاً للتواصل مع المستثمرين أو المختصين في مجال التصنيع، فكلّ شيء صعب في المخيم فأنا أحتاج إلى جهة حاضنة للمشروع تثبت ملكيته دولياً وتساعد باللقاء مع المستثمرين حتى يصل إلى مرحلة المنتج التجاري وتلبية الطلبات".
أما عن الوقت الذي استغرقه الاختراع، فيقول: "استغرق العمل نحو ثلاثة أسابيع متواصلة، وكان ذلك في فترة الحجر الصحي من 21 أغسطس/ آب حتى 7 سبتمبر/ أيلول الماضيين ومعظم أجزاء المشروع صنعت يدوياً، فيما الأجزاء الأساسية استخرجتها من ماكينة فحص الضغط الطبية".
تسنت له زيارة بلدته في فلسطين مرة واحدة وكان طفلاً عام 1994، بتصريح وتنسيق مع الصليب الأحمر، إذ كان يسمح لكبار السن بزيارة أقاربهم، في فلسطين، بعد اتفاق أوسلو، فذهب مع جدته، واستمرت الزيارة ثلاثة أشهر، وظلت معالمها تعيش في ذاكرته كالحلم، فتراوده فكرة العودة إليها مجدداً. تعلقه بفلسطين دفعه لربط الرقم 48 بكلّ اختراعاته. يعلق على ذلك: "هذا الرقم مرتبط في اللاوعي الفلسطيني بالنكبة (1948) لكنّني أحاول أن أزرع بعض التفاؤل فيه من خلال ربطه بالإنجازات العلمية، ومصالح وطننا المستقبلية"