سلّطت حادثة اعتراف رجل عراقي بقتل زوجته ورميها في نهر الفرات بمدينة بابل، جنوبي العراق، ثم عودتها إلى منزلها بعد أقل من شهر حيّة ترزق، الضوء على تأثير العنف والتعذيب اللذين يتعرض لهما المتهمون بالجرائم والمشتبه بهم من قبل الجهات الأمنية لانتزاع الاعتراف بالقوة.
هذه الحادثة الغريبة خلقت الجدل بين العراقيين، وتداول الآلاف من النشطاء المقطع المصور الذي أظهر اعتراف الزوج وتمثيله عملية قتل الزوجة والتخلص من جثتها. وتساءل البعض عما إذا كان قد قدّم هذا الاعتراف الكاذب تحت ضغط تعذيب المحققين.
وكانت محطة تلفزيونية عراقية قد عرضت قبل نحو شهر، مقطعاً لمتهم بقتل زوجته، وقد لاقت الاعترافات استهجان عموم العراقيين، الأمر الذي دفع مراصد ومنظمات حقوقية لإصدار بيانات تهدف لتقنين العنف الأسري، لكن صحافيين وناشطين حقوقيين من مدينة بابل، أكدوا عودة المرأة إلى منزلها بعد أيام من اعتراف زوجها بقتلها، وقد خرج الأخير من السجن.
وتحدَّثت مصادر محلية من بابل لـ"العربي الجديد"، عن أن "مشاكل أسرية دفعت الزوجة إلى مغادرة منزلها بطريقة اختفت فيها تماماً عن كل الأماكن والمناطق التي يعرفها الرجل، وذهبت لأقارب بعيدين، الأمر الذي دفع ذويها إلى تقديم شكوى بحق الزوج"، مبينة أن "اعتراف الزوج بشأن عدم معرفة مصير زوجته لم يكن مقنعا بالنسبة للمحققين، كما يبدو أن التعذيب والضرب دفعاه في النهاية إلى اختلاق قصة غير حقيقية في سبيل الخلاص من التعنيف".
كما نقلت وسائل إعلام عراقية عن مدير إعلام قيادة شرطة بابل، العميد عادل الحسيني، قوله إن "القضية أثارت استغرابنا بعد اعتراف المتهم بقتل زوجته ومن ثم العثور عليها حيّة ترزق"، مبيناً أن "المتهم أبلغ ضابط التحقيق بأنه قتل زوجته التي كانت مختفية، وظهر على وسائل الإعلام وشرح تفاصيل الحادث، وأن التحقيق جارٍ في القضية لمعرفة ملابسات اعترافات المتهم التي لم تتطابق مع الحقيقة".
وتابع أنه "بعدما تم تعميم القضية وانتشارها في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، قام مواطنون بالإبلاغ عن موقع وجود الزوجة، الأمر الذي دفع القوات الأمنية إلى التوجه إليها وإلقاء القبض عليها، ما أدى إلى تغيير فحوى القضية، وتبين أن هناك مشاكل عائلية بين الزوجين ربما تكون قد دفعت المرأة للهرب أو ما شابه".
ولفت إلى أنه "على أثر ذلك اتخذنا إجراء بحق الضابط القائم بالتحقيق، وذلك بتدخل القضاء بهذا الأمر لمعرفة حقيقة القضية، وما إذا كان قد حصل تعذيب أثناء التحقيق"، موضحاً أن "قائد شرطة المحافظة والسلطات، يحققون حالياً في ما إذا كان المعني في القضية قد تعرض إلى التعذيب خلال التحقيق، وقضيته ستكون متروكة للقضاء".
وتداول ناشطون وصحافيون منشورات وتغريدات عن الحادثة، معتبرين أن التعذيب هو أساس اعتراف كثيرٍ ممن يُتهمون بقضايا جُرمية، فيما تساءل بعضهم عن أعداد العراقيين الذين أعدموا نتيجة اعترافات انتزعت بالقوة.
وغرَّد الصحافي العراقي عمر الجنابي، عبر "تويتر"، قائلاً: "المسكين مضطر إلى صنع مشهد يرضيهم وسرد قصة قتل كاملة لم تحصل! والله قهر.. بلد لا قانون ولا عدالة ولا إنصاف والظلم بكل مكان، شاب من مواليد 1993 اضطر للاعتراف بقتل وحرق زوجته، تحت ظروف لا يعلمها إلا الله، ولولا عودة زوجته إلى البيت لما كشفت مسرحية ضباط الشرطة! ماذا يفعلون بالشعب؟".
المسكين مضطر على صنع مشهد يرضيهم وسرد قصة قتل كاملة لم تحصل!
— عمر الجنابي (@omartvsd) September 20, 2021
والله قهر.. بلد لا قانون ولا عدالة ولا إنصاف والظلم بكل مكان
شاب مواليد ١٩٩٣ أضطر للاعتراف بقتل وحرق زوجته، تحت ظروف لا يعلمها إلا الله، ولولا عودة زوجته إلى البيت لما كشفت مسرحية ضباط الشرطة!
ماذا يفعلون بالشعب؟ pic.twitter.com/0p5YMBjjUE
أما الباحث والمحلل العراقي نجم القصاب، فقد قال: "كم من المواطنين يتم إعدامهم وسجنهم وهم أبرياء، الشخص أمامكم لم يقتل زوجته ولا أحرقها، لكن من التعذيب اعترف وبعدها ظهرت زوجته....".
كم من المواطنين يتم اعدامهم وسجنهم وانهم ابرياء -الشخص امامكم لم يقتل زوجته ولا يحرق لكن من التعذيب اعترف وبعدها ظهرت زوجته - العجيب مقدم البرنامج كأنما يؤدي دور ضابط أمن وثانيا يرتدي رباط أحمر كنت اعتقد معزوم بعرس وفي المشي يتقدم على قائد الشرطة - pic.twitter.com/ZoWXEvkQne
— نجم القصاب (@JM1vW6ftLY1tlGF) September 21, 2021
نموذج لألية تطبيق القانون في #العراق
— هاشم حمزه الجبوري (@hashemaljubori) September 21, 2021
مواطن ابلغ عن اختفاء زوجته فيتم
اعتقاله وتدوين اعترافات له بالاكراه بانه قتلها واحرق جثتها فيُحكم عليه بالاعدام
ثم يتفاجأ الجميع بعودة زوجته الى المنزل
وبكل سهولة تتم تبرأته واطلاق سراحه #اين_القانون الذي سيحاكم القاضي وضباط التحقيق ؟ pic.twitter.com/6ZKvKkvgZ3