تشهد مناطق شمال غربي باكستان أعمال عنف تتزامن مع ارتفاع وتيرة الجرائم، ما يجعل بعض المواطنين يخشون مغادرة منازلهم في فترات المساء. وبينما تعجز السلطات عن التصدي لموجة العنف المسلح، فإن كثيرين يتهمونها بالفشل في مكافحة العصابات، ما أدى إلى تفشي جرائم السرقة والنهب والخطف.
لا توجد إحصائية شاملة لأعداد جرائم السرقة والنهب في تلك المناطق المحاذية للحدود مع أفغانستان، لكنها بالعشرات يومياً بحسب رموز القبائل، كما لا ينكر المسؤولون الأمنيون ذلك، رغم تأكيدهم أن المساعي متواصلة من أجل مكافحة جرائم العصابات التي تؤرق حياة المواطنين.
يقول الزعيم القبلي في منطقة جمرود الواقعة بين مدينة بشاور ومدينة خيبر، مدثر خان، لـ"العربي الجديد"، إن "جرائم السرقة والنهب والخطف باتت أمرا واقعا ضمن تفاصيل حياة سكان مناطق شمال غربي البلاد، إذ لا يمر يوم من دون أن نسمع عن عشرات الحوادث في القرى والأرياف، والظاهرة أكبر في المدن الرئيسية، مثل بشاور، رغم أن التركيز الأمني أكبر، والشرطة بطبيعة الحال عاجزة عن التصدي، فالقائمون بهذه الجرائم مدججون بالأسلحة، والشرطة لا تستطيع مواجهتهم، كما أن النظام الأمني في البلاد بشكل عام متدهور، ما يجعلنا لا نتوقع من الشرطة الكثير".
ويوضح خان أن "هناك وقائع قتل فيها أشخاص لسرقة مبلغ صغير من المال، أو جهاز هاتف جوال، ومن هؤلاء أحد الشباب من عشيرتي، والذي كان قد سحب مبلغاً من البنك قدره 120 ألف روبية باكستانية (417 دولارا تقريباً)، وعندما كان في طريقه من البنك نحو المنزل، أوقف اللصوص الدراجة النارية التي كان يقودها، وطلبوا أخذ المبلغ، فرفض، فقرروا أخذ المال بالقوة، فتشاجر معهم، فأطلق أحدهم الرصاص عليه، ثم أخذوا المال والجوال، وحاولوا أخذ الدراجة النارية لكنهم لم يتمكنوا من ذلك بسبب تجمع الناس، فلاذوا بالفرار، وتوفي الشاب على إثر جراحه، بينما الأجهزة الأمنية اكتفت بإجراءات روتينية لا طائل من ورائها، لذا فإن العصابات الإجرامية لا تخاف، ويتجول أفرادها في الشوارع مدججين بالأسلحة".
يضيف: "مع ارتفاع وتيرة العنف والتفجيرات، ارتفعت وتيرة جرائم السرقة والنهب والخطف، ولعل السبب انشغال أجهزة الأمن بمواجهة المسلحين، كما أن تلك الأعمال العنيفة تعطي العصابات الإجرامية الجرأة للقيام بما يحلو لها، كما لا يستبعد أن تكون بعض تلك العصابات مرتبطة بالجماعات المسلحة، خاصة تلك التي تقوم باختطاف الأثرياء ومسؤولي الحكومة والأمن، أو ذويهم، من أجل الحصول على الفدية المالية، وفي بعض الأحيان تنتهي تلك الأحداث بموت المختطفين، خاصة عندما تتأخر الأسر في دفع الأموال، أو ترفض المبالغ المطلوبة، والتي تكون عادة كبيرة".
ولا تقتصر تلك الوقائع على شمال غربي باكستان، بل امتدت إلى مناطق جنوب غربي البلاد، حيث يعاني إقليم بلوشستان هو الآخر من موجة عنف طاولت كل المناطق، خاصة منطقة تشمن، ومدينة كويتة مركز الإقليم.
ويبين التاجر في مدينة كويتة، عبد الغفور خان، لـ"العربي الجديد"، أن "الوضع مأساوي، خاصة بالنسبة للتجار والأثرياء، وإن متوسطي الدخل من المواطنين والتجار يفكر كثيرون منهم في مغادرة البلاد إذا استمر الوضع على هذا الحال، حتى أن البعض يفكرون في المغادرة إلى أفغانستان المجاورة، والتي باتت أكثر آمناً في الفترة الأخيرة، وبعد أن عادت العلاقات القبلية بين البلدين إلى طبيعتها، عاد تبادل المعلومات بين الأفراد، وكثير من التجار يؤكدون أنهم يعيشون في جو من الأمن في أفغانستان. قد تكون هناك بعض الجرائم، لكن لا يمكن مقارنتها مع ما يحدث في باكستان، لأن حكومة طالبان تتعامل بحزم مع عصابات السرقة والنهب والخطف، بينما الشرطة الباكستانية فشلت في ذلك، وأجهزة الأمن منشغلة بمواجهة الجماعات المسلحة".
بدوره، يقول الضابط في شرطة مدينة بشاور، عمر حيات، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك ارتفاعا كبيرا في معدلات جرائم السرقة، وغيرها من جرائم الشوارع، وخلف ذلك أسباب كثيرة، لكنها لا تعني أن أداء الشرطة غير مجد، فالحقيقة أن الشرطة تقوم بما هو واجب عليها، غير أن التحديات كثيرة وتزداد مع تفشي العنف، ولا ننسى أن جزءا من المسؤولية يقع على عاتق المواطنين، وعليهم على أقل تقدير التعاون مع الشرطة من خلال الإبلاغ، والسماح بالتفتيش، وغيرها من الأمور المهمة لضبط الأمن، لكن ذلك لا يحصل عادة".