هل يوجد علاج ضد فيروس كورونا الجديد؟ عندما بدأ الناس في مختلف أنحاء العالم يطرحون هذا السؤال، كانت منظمة الصحة العالمية تقول: "لا يوجد علاج محدد للمرض الذي يسببه فيروس كورونا. إلا أنه يمكن علاج العديد من أعراضه، وبالتالي يعتمد العلاج على الحالة السريرية للمريض، وقد تكون الرعاية الداعمة للأشخاص المصابين بالعدوى ناجعة للغاية". وبعد مرور نحو عامين على ظهور كورونا، تتغيّر الأجوبة وتتبدل بوتيرة سريعة، وتتسابق شركات الأدوية العالمية والعلماء لابتكار العلاجات المناسبة وتطويرها.
في السابع من شهر ديسمبر/ كانون الأول عام 2021، أصدرت منظمة الصحة العالمية المبادئ التوجيهية الحية بالنسخة السابعة بالتعاون مع مؤسسة النظام الايكولوجي للبيانات "ماجيك" (MAGIC)، والمتعلقة بعلاجات كورونا لمساعدة الأطباء في مواجهة المرض واتخاذ أفضل القرارات. وتشير هذه المبادئ إلى وجود أكثر من 5070 تجربة عالمية تتعلق بالتدخلات في مواجهة كوفيد-19.
"بلازما النقاهة"
وأوصت منظمة الصحة العالمية بعدم استخدام علاج "بلازما النقاهة" إذ لا يزيد هذا العلاج من فرص البقاء على قيد الحياة، ولا يقلل الحاجة إلى استخدام جهاز ميكانيكي للمساعدة على التنفس، كما أن إدارته مكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً. وترتكز تقنية العلاج ببلازما النقاهة على استخدام دم الأشخاص المتعافين من المرض من أجل مساعدة الآخرين على التعافي، مع العلم أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) كانت قد أصدرت في شهر أغسطس/ آب الماضي تصريحاً طارئاً لاستخدام تقنية بلازما النقاهة لعلاج كوفيد-19.
أما بالنسبة للمبادئ الأخرى، فأوصت المنظمة بإعطاء عقار "رونابريف" وهو مزيج من عقاري "كازيريفيماب" و"إيمديفيماب" المصنّع من قبل شركتي "روش" السويسرية و"ريجينيرون" الأميركية للحالات المهددة بالدخول إلى المستشفى والتي لم تطور أجساماً مضادة طبيعية ضد كوفيد-19. والعقار عبارة عن أجسام مضادة أحادية النسيلة (بروتينات مصنوعة في المختبر تحاكي قدرة الجهاز المناعي على محاربة مسببات الأمراض الضارة مثل الفيروسات) موجهة بشكل خاص ضد البروتين التاجي لفيروس كورونا (SARS-CoV-2) لمنع دخول الفيروس إلى الخلايا البشرية. وكانت إدارة الغذاء والدواء الأميركية قد أصدرت أيضاً في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تصريحاً عاجلاً لاستخدام الدواء لعلاج حالات كورونا الخفيفة والمتوسطة لدى البالغين والأطفال المعرّضين لمضاعفات شديدة بسبب كورونا.
نسبة وفاة أقل
وأكّد التقرير أن أدوية حاصرات مستقبلات انترلوكين-6 تخفف نسبة الوفاة والحاجة إلى أجهزة التنفس الاصطناعي. وتعتبر هذه الأدوية منقذة للأرواح، وتعطى للمرضى المصابين باعتلالات وخيمة أو خطيرة ناجمة عن كوفيد-19، وخصوصاً في حال إعطائها مع الكورتيكوستيرويدات (نوع من الأدوية المضادة للالتهاب)، وهي من الأدوية الأولى التي اعترفت المنظمة بنجاعتها ضد مرض كوفيد-19. وكانت قد أوصت بإعطاء الكورتيكوستيرويدات في سبمتبر/ أيلول 2020. إلا أن هذه الأدوية ما زالت غير متاحة وكلفتها باهظة في مختلف أنحاء العالم. وتدعو المنظمة الشركات المصنعة إلى تخفيض الأسعار وإتاحة الإمدادات للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
أما بالنسبة لاستخدام دواء إيفرميكتين (عامل مضاد للطفيليات له استعمالات واسعة)، لم تغير منظمة الصحة العالمية من توصياتها السابقة إذ إنها ما زالت تنصح بحصر علاج إيفرميكتين في إطار التجارب السريرية. واستناداً إلى بيانات جمعت من 16 تجربة سريرية، فقد خلص فريق الدراسة إلى أن البيانات التي تشير إلى أن دواء إيفرمكتين يقلل احتمالات الوفاة والحاجة إلى التنفس الاصطناعي ودخول المستشفى والوقت الذي يستغرقه مرضى كوفيد-19 لتحسن أعراضهم السريرية هي بيانات مستوى اليقين فيها منخفض جداً.
أدوية لا ينصح بها
ولا توصي منظمة الصحة العالمية باستخدام علاج الهيدروكسي كلوروكين لعلاج مرضى كوفيد-19، إذ لم يؤد استخدامه إلى خفض الوفيات أو الحاجة إلى التنفس الاصطناعي، بل قد يؤدي تناول الهيدروكسي كلوروكين لعلاج مرض كوفيد-19 إلى زيادة مخاطر الإصابة بمشاكل نظم القلب والاضطرابات الدموية واللمفية وإصابة الكلى وفشل الكبد. إلا أن استخدام الهيدروكسي كلوروكين والكلوروكين ما زال مأموناً لدى المرضى المصابين بأمراض المناعة الذاتية أو الملاريا وليس كوفيد-19.
من جهة أخرى، أوصت منظمة الصحة العالمية بعدم استخدام دواء لوبينافير (Lopinavir) مع ريتونافير (Ritonavir) لعلاج كوفيد-19. وهذا الدواء هو مضاد لفيروس نفص المناعة البشرية (HIV) ينتمي إلى عائلة الأدوية المثبطة لأنزيم بروتياز. كما حذرت من استخدام دواء ريمديسفير (Remdisivir) إذ لم تثبت البيانات وجود أثر مهم على معدّل الوفيات والحاجة إلى التنفس الاصطناعي والفترة اللازمة للتحسن السريري لدى مرضى كوفيد-19.
علاجان أميركيان
أما بالنسبة لاستعمال الكوركتيكوستيرويدات (ومنها ديكساميثازون)، فتوصي المنظمة بإعطائها عن طريق الفم أو الوريد لعلاج المرضى المصابين بحالات وخيمة وحرجة بينما لا تنصح باعطائها لعلاح الحالات غير الوخيمة.
وإلى جانب التوصيات الجديدة لمنظمة الصحة العالمية في ما يتعلق بعلاجات كورونا، ما زال الدواءان "مولنوبيرافير" الذي يحمل العلامة التجارية (Lagevrio) من شركة "ميرك" الأميركية، و"باكسلوفيد" من شركة "فايزر" الأميركية، الأكثر تقدماً في مواجهة كورونا. ويعتبر الدواءان من مضادات الفيروسات، ويحدان من قدرة كورونا على التكاثر وبالتالي يساهمان في إبطاء المرض.
وأوضحت "فايزر" ان أقراص "باكسلوفيد" قللت بنسبة 89 في المائة من خطر دخول المستشفى أو الوفاة، بينما أظهرت نتائج شركة "ميرك" أن الدواء قلل بنسبة 30 في المائة من نسبة الاستشفاء والوفيات لدى المرضى ذوي المخاطر العالية الذين تناولوا الدواء بعد فترة زمنية قصيرة من الإصابة بالفيروس.
ووافق الاتحاد الأوروبي على استخدام دواء "مولنوبيرافير" للحالات الطارئة قبل الموافقة الرسمية للتسويق. كما أن السلطات الأميركية والأوروبية تدرس معطيات دواء "باكسلوفيد". ونشرت المجلة العلمية العالمية "ذا لانسيت"، في الأول من شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري، دراسة علمية في شأن دواء "الباريسيتينيب"، وهو دواء لالتهاب المفاصل الروماتويدي منحته إدارة الدواء والغذاء الأميركية ترخيصاً طارئاً لعلاج بعض حالات كورونا. وأظهرت الدراسة أن الدواء لا يؤدي إلى انخفاض وتيرة تطور المرض بشكل عام، وهناك رابط بين تناول الدواء بالإضافة إلى دواء مضاد الالتهاب "ديكساميثازون" وانخفاض الوفيات عند مرضى كورونا البالغين في المستشفيات.
تفاؤل بعلاج "باكسلوفيد"
أعلنت شركة "فايزر" الأميركية للصناعات الدوائية أن عقارها المضاد لكوفيد-19 يُخفّف بنسبة 89 في المائة احتمال الاستشفاء والوفاة من الإصابة بفيروس كورونا الجديد لدى الأشخاص المعرّضين للخطر، إذا أُخذت الحبّة في الأيام الأولى التي تلي ظهور عوارض المرض، بحسب الاختبارات السريرية. وأشارت إلى أن علاجها الذي سيسوق تحت إسم "باكسلوفيد" يفترض أن يكون فعالاً أيضاً ضدّ متحور "أوميكرون".