بأشتال الورد والإضاءة الملونة، يزين الفلسطيني أحمد اللوح الشارع المقابل لمنزله في منطقة الصبرة، جنوبي مدينة غزة، بهدف إزالة تجاوزات المواطنين، وتحويل المشهد القاتم، إلى لوحات فنية متكاملة، يزينها الدهان والألوان.
تلك اللمسات الفنية، شَدّت انتباه أهالي المنطقة، والذين اجتمعوا لإتمام العمل التطوعي، وتطويره إلى مبادرة أهلية جماعية، يشارك فيها سكان شارع (الثلاثيني)، بغرض تحويل شارعهم البسيط، إلى مكان يلفت المارة بجمال تفاصيله.
وانطلقت المبادرة من مفترق الطيران غربًا، وامتدت نحو مفترق عسقولة شرقًا، فيما اقتدى بالنشاط عدد من أهالي الشوارع الفرعية، وحوّلوها من شوارع باهتة، إلى فضاءات تنبض بالجمال، والزينة المُبهرة، والتي أكسبتها رونقًا مختلفًا.
ويُلاحظ المار من الشارع، التحول الكبير الذي طرأ عليه، إذ تبدل مشهد العربات والشاحنات المتوقفة في جزيرة منتصف الشارع (وهي جزيرة واسعة يمكن أن تستوعب نسبة من العربات)، إلى مشهد آخر، يضج بالزينة والزهور، والكراسي الإسمنتية المزينة و الإضاءة الملونة، المُعلقة على أغصان الأشجار.
وتبدلت أرضية الشارع، من اللون الأسود، إلى اللون الأخضر، بعد ردم الحفر والتشققات، بهدف إضفاء لمسة طبيعية على المكان، فيما تم زراعتها بأشتال الورد، والشجر، وأحبال الزينة والإضاءة الملونة، كما تم وضع بعض الكراسي والطاولات الملونة للاستمتاع بالمشهد.
ولم يمتنع أصحاب المحال التجارية على الجانبين الشمالي والجنوبي للشارع، من المشاركة في المبادرة، إذ ساهم بعضهم في تزيين مداخل متاجرهم، عبر زراعة الأشجار، وتزيين محيطها بالحصى (الزلط) الطبيعي، وتثبيت جسور الألمنيوم التي أعطت لمحة عصرية مميزة.
ويقول صاحب اللمسة الأولى، أحمد اللوح، إنه كان منزعجًا من مشهد عربات الكارو التي تجرها الحمير، وحاويات وأكوام القمامة والرائحة السيئة للمكان، صاحب الألوان الباهتة، ما دفعه إلى البدء بشكل فردي وبتمويل ذاتي، دون أي مساندة رسمية.
ويوضح أنه بدأ العمل في الشارع قبل نحو خمسة أشهر، بمساعدة ابنه عوض 13 عامًا، إذ كان ينطلق للعمل مع حلول ساعات المساء، بفعل انشغاله في عمل آخر خلال فترة النهار، مضيفاً: "كنت حريصا على أن يستيقظ أهالي المنطقة على مشهد إضافي كل يوم، بهدف تشجيعهم على الانضمام للمبادرة، وتطويرها، وهو ما حدث بالفعل".
وتواصل العمل في تزيين الشارع وتطويره خلال فترة حظر التجول في مدينة غزة، والتي أعلن عنها رسميًا مع اكتشاف إصابات بفيروس كورونا خارج مراكز الحجر الصحي وداخل المجتمع، رغم الخطر، وذلك حِرصًا على استمرار نظافة الشارع، حيث يرى أن الإهمال ولو ليوم واحد، يمكنه أن يعود بالضرر، ويؤثر سلبًا على المشهد الجَمالي الذي تم الوصول إليه.
كذلك انشغل الشاب العشريني أحمد القصاص بتزيين واجهة منزله برفقة إخوانه، حيث تم تبديل مشهد القمامة بآخر زُينت فيه الجدران والجوانب المؤدية إلى منزل عائلته، بالألوان الزاهية والمميزة.
ويبين القصاص لـ "العربي الجديد" أنه وعلى الرغم من الإمكانيات المتواضعة لجميع المواطنين، إلا أنه من الضروري المحافظة على النظافة، إلى جانب إضفاء لمسات جمالية، تهذب الروح، وتحسن من الحالة النفسية السيئة التي يمر فيها نسبة من أهالي قطاع غزة، بفعل الحصار الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ أربعة عشر عامًا، وما نتج عنه من أزمات في مختلف النواحي المعيشية.
إلى الشرق قليلًا، وبالقرب من مفترق المُغربي، بدأ كذلك المواطن محمد خزيق، بتزيين واجهة منزله، والشارع المقابل له، وإلى جانبه عدد من أقاربه وجيرانه، في محاولة منهم لإكمال المشهد الجمالي، والذين باتوا مقتنعين بضرورة أن يستمر كي يشمل جميع المناطق وألا يتوقف في منطقة دون غيرها.
وبدأت المبادرة بزراعة الأشجار والورود، بهدف منع العربات والحيوانات من الدخول إلى جزيرة الشارع، ومن ثم تزيين الأشجار بأحبال الإضاءة والزينة، ومحيط الأشجار بقوالب إسمنتية ملونة وبالصخور البحرية الصغيرة، ودهان الأرضية، إلى جانب إضافة بعض اللمسات الفنية المميزة.