في خطوة للتخلص من النفايات ومكبات الطمر الصحي التي تخنق المناطق السكنية في أغلب المحافظات العراقية، لجأت إدارة محافظة كركوك إلى فرض غرامات مالية على المواطنين لمنعهم من الرمي العشوائي للنفايات، متوعدة إياهم بعقوبات أشد في حال عدم الالتزام، وسط شكاوى من الأهالي من مخاطر تلك النفايات اليومية.
وتعاني جميع المحافظات العراقية من انتشار مساحات واسعة في أغلب مناطقها، مخصصة للطمر الصحي للنفايات، والتي يضطر الأهالي الى إضرام النار فيها للتخلص منها ومن الروائح الكريهة المنبعثة منها، ما يتسبب بتصاعد الأبخرة السامة في تلك المناطق، والتي تتسبب باختناقات بين الأهالي، وهو ما دفع الكثير منهم إلى تقديم شكاوى إلى وزارة البيئة لتخليصهم من تلك المكبات الملوثة.
وكانت وزارة البيئة العراقية، قد كشفت منتصف فبراير/ شباط الماضي، أن كميات النفايات من بقايا الطعام في البلاد تصل الى 20 مليون طن يوميا بعموم المحافظات، مؤكدة السعي لإطلاق مشروع تدوير النفايات، وسط شكاوى من مكبات الطمر الصحي التي تخنق المناطق السكنية.
وأقدمت مديرية بلدية محافظة كركوك على وضع خطة للتخلص من تلك النفايات، تمثلت بتفعيل مفارزها الرقابية وفرض الغرامات بحق المحال والمطاعم والمجمعات التجارية المخالفة، في ما يخص رمي النفايات بشكل عشوائي في الشوارع العامة.
ووفقا لمدير بلدية كركوك، فريدون عادل، فإن "محافظ كركوك راكان الجبوري وجه بتفعيل مفارز رقابية لمحاسبة المخالفين قانونيا، وفرض الغرامات المالية بحق أصحاب المحال والمطاعم والمجمعات التجارية التي تخالف التعليمات التي أصدرتها البلدية بشأن رمي النفايات في أماكنها المحددة من قبل البلدية"، مؤكدا في تصريح لوكالة الأنباء العراقية (واع)، مساء أمس الأحد، أن "المحافظ وجه أيضاً دوائر ومؤسسات القطاع النفطي بالمساهمة بدعم جهود التنظيف والحفاظ على جمالية كركوك ضمن المواقع التي تقع على طول مسارات مؤسساتهم ومنشآتهم في عموم مدينة كركوك، مع وجوب تعاون جميع المؤسسات الحكومية ومساندة دائرة البلدية في ملف التنظيفات".
وأشار إلى أن "مفارز بلدية كركوك ستبدأ عملها منذ صباح، اليوم الأربعاء، وستوجه الجميع إلى ضرورة الالتزام بالتعليمات التي أصدرتها البلدية، وفي حال عدم الالتزام ستضاعف الغرامات على المخالفين".
وفي مارس/ آذار 2022، أعلنت وزارة البيئة العراقية أنها بصدد الانتهاء من إعداد مشروع قانون خاص بإدارة النفايات، في محاولة لمعالجة التلكؤ الحاصل منذ أن احتل الأميركيون العراق عام 2003 في مجال الطمر الصحي، والذي تسبب بحدوث مشاكل بيئية، إلا أنها لم تنجز شيئا بهذا الاتجاه.
الخبير البيئي، ظاهر البياتي، حذر من خطورة إهمال ملف الرمي العشوائي للنفايات ومكبات الطمر الصحي في المناطق السكنية، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، أن "الملف خطير جدا من خلال انبعاث الغازات السامة من تلك النفايات التي يقدم الأهالي على إحراقها أحيانا، وأن هناك تقصيرا من قبل الدوائر الخدمية بعدم إنهاء هذه الظاهرة، وتفعيل جهد خدمي يومي ينهي الرمي العشوائي للنفايات".
وأكد أن "الغرامات المالية خطوة جيدة، سيما وأن المواطن يتحمل جزءا مهما من المسؤولية، إلا أن الخطوة لا تمثل الحل بأكمله"، مشددا على "ضرورة وضع خطط شاملة للتخلص من مكبات الطمر أولا، ومن ثم توفير جهد خدمي يعمل بشكل يومي، وإنشاء مشاريع تدوير النفايات، ومن ثم تفرض الغرامات على المخالفين".
ويشتكي الأهالي من التأثيرات الصحية لتلك النفايات القريبة من منازلهم، وقال محمد المحمداوي، وهو مختار أحد أحياء منطقة الشعب شمال شرقي بغداد: "قدمنا شكاوى كثيرة لمديريات البلدية بشأن مكبات الطمر الصحي التي تحاصر مناطقنا"، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن "هناك إهمالا خدميا كبيرا بهذا الملف الذي يشكل تهديدا صحيا علينا".
ونبه إلى أنه "لا نلمس أي تعاون من الدوائر الخدمية لتخليص مناطقنا من تلك المكبات التي تنتشر بين المنازل السكنية".