غزيون يتخلصون من الضغوط النفسية بممارسة الرياضة

07 يونيو 2024
الرياضة والقفز يخففان المأساة عن الغزيين (محمود حمص/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في ظل الحرب على غزة، قرر الكابتن محمد عيسى إعادة افتتاح صالته الرياضية في مخيم النصيرات، متحديًا الظروف الصعبة ونقص المواد الغذائية، لتوفير دخل لعائلته واستجابة لرغبة الرياضيين في ممارسة الرياضة.
- شهدت الصالة الرياضية إقبالاً متزايداً من الشباب، ما يعكس رغبتهم في تفريغ الضغط النفسي والحفاظ على صحتهم البدنية والنفسية رغم استمرار الحرب، مبرزين قوة الإرادة والتصميم.
- تواجه الصالة تحديات كالنقص في المواد الغذائية والصعوبات اللوجستية، لكن الرياضة تظل ملاذًا للشباب لتفريغ الطاقة السلبية والتغلب على الضغوط، مؤكدة على أهمية الرياضة في تعزيز الصمود والتكيف مع الحياة تحت الحصار.

لم تثن الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة الكابتن محمد عيسى، وهو مدرب كمال الأجسام، عن إعادة افتتاح صالته الرياضية في مخيم النصيرات في المحافظة الوسطى، رغم الأوضاع الأمنية الصعبة والظروف القاسية التي يعيشها الفلسطينيون.

وأخذ عيسى قرار إعادة افتتاح صالته الرياضية قبل شهر تقريباً، رغم التحديات والمخاوف التي ساورته، بسبب استمرار القصف الإسرائيلي العنيف على مخيم النصيرات والنقص الشديد في المواد الغذائية والظروف المادية الصعبة التي يعيشها السكان والمهجرون بفعل استمرار الحرب.

ويقول عيسى: "كانت هناك مخاوف كبيرة بسبب الأوضاع الخطيرة واستمرار القصف الإسرائيلي على المخيم، وأحياناً في المناطق المحيطة بصالة النادي، لكن محبي رياضة كمال الأجسام والقوة البدنية شجعوني على اتخاذ هذا القرار". يضيف أن "الإقبال على الاشتراك في الصالة الرياضية قبل شهر كان ضعيفاً وخجولاً. لكن مع مرور الوقت، بدأ الإقبال يتزايد من قبل الشباب ومحبي الرياضة رغم الحرب".

ويعزو إعادة افتتاح الصالة الرياضية إلى توفير مصدر دخل تعتاش منه عائلته، بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على الحرب، في ظل الأزمة الاقتصادية في القطاع، فضلاً عن مطالبات وصلت إليه من رياضيين بضرورة إعادة فتح الصالة لاستئناف ممارسة الرياضة بعد انقطاع طويل.

يضيف عيسى: "وصلنا في غزة إلى مرحلة التكيف مع الظروف المحيطة، وخصوصاً أن أمد الحرب طال كثيراً، والشباب باتوا يبحثون عن طريقة لتفريغ الضغط النفسي وإعادة بناء أجسادهم من جديد، ونحن شعب يحب الحياة ويتكيف مع كل الظروف الصعبة التي يمر بها".

وخلال الأشهر السبعة الأولى من الحرب، اضطر عيسى إلى تحويل الصالة الرياضية إلى مأوى لعائلته بعد قصف الجيش الإسرائيلي منزلهم قبل أن يقرر إعادة افتتاحها من جديد في مايو/ أيار الماضي.

أحلام مفقودة

ويقول عيسى إنه عكف قبل الحرب على تجهيز سبعة رياضيين فلسطينيين للمشاركة في بطولة محلية لكمال الأجسام. يتابع: "كنت أحد أفراد هذه المجموعة التي كانت تطمح للمشاركة في بطولة فلسطين التي كانت ستقام على أرض غزة في 30 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لكن الحرب حالت دون انطلاق البطولة وفقد الشباب حلمهم بالمشاركة فيها". كما كان هؤلاء الرياضيون "يطمحون للتسجيل في البطولة الدولية التي ستقام في آسيا وتمثيل فلسطين في المحافل الدولية"، على حد قوله. 

ويوضح أن الحرب كانت سبباً كبيراً في إفشال مشاركتهم في هذه البطولة، لافتاً إلى أن بعضاً من الرياضيين الذين دُرِّبوا قُتِل خلال الحرب والجزء الآخر تعرض لإصابات مختلفة، وأما الجزء الثالث فقد غادر إلى خارج القطاع وفقد حلمه.

تحديات وصعوبات

تترتب عن إعادة افتتاح الصالة الرياضية في ظل استمرار الحرب مجموعة من التحديات، يلخص عيسى أبرزها بـ"حاجة الرياضي إلى نظام غذائي دقيق ومتكامل، تتوفر فيه بروتينات وكربوهيدرات وفيتامينات وعناصر غذائية". لكن توفر هذا النظام يبقى تحدياص صعباً وكبيراً، خصوصاً في وقت يعاني فيه قطاع غزة من نقص شديد في المواد الغذائية، لا سيما اللحوم والخضراوات والفاكهة، بحسب عيسى.

ويعتمد سكان القطاع ومن بينهم الرياضيون على المواد الغذائية المعلبة التي توفرها بالعادة المساعدات الغذائية الإغاثية التي تُوزع من مؤسسات دولية. ويبين عيسى أنه في حال توفر المواد الغذائية المطلوبة، فإن أسعارها تكون مرتفعة جداً، ما دفع الرياضيين إلى البحث عن بدائل مناسبة في المعلبات الغذائية.

تفريغ الطاقة السلبية

يقول عيسى إن ضغوط الحياة اليومية في ظل الحرب المستمرة تدفع الشباب للتوجه إلى الصالة الرياضية، كونهم يشعرون بالراحة النفسية ويعملون على تفريغ الطاقة السلبية خلال ممارستهم الرياضة.

رجل الأعمال الفلسطيني علاء بدوان النازح من مدينة غزة يمارس رياضة اللياقة البدنية داخل الصالة الرياضية، لتخفيف الضغوط النفسية وتفريغ طاقته السلبية. ويقول: "أعشق الرياضة بجميع أشكالها وألوانها، وبمجرد أن سمعت بافتتاح نادٍ في النصيرات توجهت لزيارة المكان، وتعرفت عليه وقمت على الفور بحجز بطاقة مشاركة والتحقت به، وما زلت مستمراً للأسبوع الثالث على التوالي من دون انقطاع". يضيف: "لا يختلف أحد على أننا نعيش ظروفاً قاسية وصعبة، ونفسية مدمرة، فكان لا بد من البحث عن وسيلة لتفريغ الطاقة السلبية. لا يوجد بديل في الوقت الحالي إلا النادي، ولم أتردد في التوجه إليه لتفريغ الهم والكبت". ويوضح أن اللاعب أثناء التمرين يخرج عن البيئة المحيطة والأجواء التي يعيشها ويركز بشكل كامل في ممارسة الرياضة.

ويحث بدوان جميع الشباب على ممارسة الرياضة للتخفيف من الضغوط النفسية التي خلفتها الحرب، معرباً عن آماله في انتهاء الحرب وعودة السكان إلى حياتهم الطبيعية.

القفز عن المعيقات

بدوره، يقول الفنان الفلسطيني محمود زعيتر إنه كان يمارس الرياضة قبل الحرب فضلاً عن اهتمامه بالنظام الغذائي. يضيف: "التمارين الرياضية كانت كالإدمان بالنسبة لنا، لم نستطع تركها أو التخلف عنها، لكن بفعل الحرب، اضطررنا بشكل قسري لتركها وانشغلنا بقضايا الحياة اليومية". ويوضح أن اشتراكه في النادي أعاد إليه ذكريات "سنوات طويلة من ممارسة رياضة رفع الأثقال واللياقة البدنية"، لافتاً إلى "التزامه الحالي بالتمارين الرياضية".

ويستكمل حديثه قائلاً: "ممارسة الرياضة في الصالات الرياضية في غزة كان أسلوب حياة للشبان قبل الحرب، والآن أصبح بالإمكان العودة إلى ممارسة الرياضة مجدداً رغم المخاوف الكثيرة التي تساور البعض من الوضع الأمني وإمكانية استهداف المكان أو المنطقة المحيطة". ويشير إلى نجاحه في القفز عن كافة المعيقات التي تواجهه خلال ممارسته الرياضة في الوقت الحالي، خصوصاً في ما يتعلق بالمواصلات كونه من سكان مدينة دير البلح التي تبعد عن المخيم نحو 4-5 كيلومترات.

ومنذ بداية الحرب ومع شح توفر الوقود بسبب إغلاق المعابر، تبقى مهمة الحصول على مواصلات عامة صعبة للغاية، وقد استبدل السكان هذه المواصلات بالعربات التي تجرها حيوانات. ويختم زعيتر حديثه قائلاً إنه تجاوز أيضاً عقبة عدم توفر غذاء صحي متكامل من خلال حصوله على البدائل البسيطة التي تحتوي على البروتينات كمعلبات "التونة والفول"، وخصوصاً أنها في متناول الجميع.

(الأناضول)