أثارت حادثة وفاة "طفل بدون"، يعمل بائعاً للورود، بعد تعرّضه لعملية دهس غير مقصودة، سخطاً كبيراً في الشارع الكويتي بسبب ما اعتبروه "انتشاراً للفقر بين مجتمع البدون" واضطرار أطفال للعمل باعة متجوّلين في الشوارع، في ظلّ تعرّضهم للظروف المناخية القاسية ومخاطر الدهس أو الاعتقال بسبب عمليات البيع غير النظامية.
وتوفي الطفل، الذي يدعى جراح عايد بن جشعم الشمري، الجمعة الماضي، عقب تعرّضه للدهس "عن طريق الخطأ" من قبل سيارة مسرعة كانت تطارد سيارة أخرى في شارع دمشق بمنطقة الروضة، أحد أرقى أحياء العاصمة الكويت، وأُسعف عن طريق طبيب كان ماراً بالصدفة إلى المستشفى الأميري، لكنه فارق الحياة فيه، مخلفاً وراءه مبلغ 8 دنانير كويتية كانت حصيلة مبيعاته ليوم.
ودفن جراح، البالغ من العمر 15 سنة، في مقبرة الجهراء شمال الكويت، فيما قال ابن عمه، لـ"العربي الجديد"، إنّ جراح كان المعيل الوحيد لعائلته المكوّنة من خمسة أفراد، بمن فيهم والده ووالدته، بعد أن طرد والده من عمله بسبب الظروف الاقتصادية التي رافقت فيروس كورونا.
واضطر جراح للعمل في الشارع لمساعدة والده على تحمّل الأعباء المعيشية، بعد طرد عائلته من شقتها المؤجرة بسبب عدم دفع الإيجار، واضطرار والده للسكن مع أخيه إلى حين إيجاد مسكن ملائم للعائلة.
ولا يحمل جراح، بحسب ما تقول عائلته، أي إثبات يدل على هويته، إذ إنه ينتمي لفئة "بدون البدون"، وهي فئة داخل مجتمع البدون لا تملك بطاقات هوية، أو شهادات ميلاد، ما جعل جراح يُحرم من استكمال تعليمه المدرسي، وفق تصريح لعائلته.
ووجدت إدارة المستشفى الأميري صعوبة في تسليم جثمان الطفل جراح عايد إلى عائلته، بسبب عدم امتلاكه بطاقة هوية، قبل أن تتدخل وزارة الصحة مانحة استثناءً للعائلة يمكّنها من دفن ابنها.
ونعى الناشطون الكويتيون الطفل جراح عايد، واصفين إياه بـ"الشهيد". وأطلق مستخدمون في وسائل التواصل هاشتاغ (استشهاد طفل بدون).
وقالت الصحافية والشاعرة سعدية مفرح: "كل الساكتين عن حق البدون مسؤولون عن اضطرار طفل بهذا العمر لأن يعمل تحت درجة حرارة تتجاوز الـ50 درجة أحياناً، ليجد قوت يومه بدولة من أغنى دول الكرة الأرضية".
قوافل موت #البدون المجاني تسير ، والظالمون في ظلمهم مستمرون! #جراح_عيد #استشهاد_طفل_بدون #وفاة_طفل_بدون_دهسا pic.twitter.com/49LAZRCo5z
— سعدية مفرح (@saadiahmufarreh) June 5, 2021
فيما قال الناشط فواز فرحان: "الطفل الكويتي المحروم من حق المواطنة جراح عايد تعرض للدهس وفارق الحياة وهو يبيع الورود لمساعدة أهله على شظف العيش.. قضية الكويتيين البدون جرح نازف لن يندمل حتى استرجاع هذه الفئة لكل حقوقها الإنسانية".
الطفل الكويتي المحروم من حق المواطنة #جراح_عايد تعرض للدهس وفارق الحياة وهو يبيع الورود لمساعدة أهله على شظف العيش..
— Fawaz Farhan (@fawazfarhan) June 5, 2021
قضية #الكويتيين_البدون جرح نازف لن يندمل حتى استرجاع هذه الفئة لكل حقوقها الإنسانية.. #استشهاد_طفل_بدون pic.twitter.com/pkaPOoPqhC
د.ميثم الحسين: الا يوجد رجل عاقل ويخاف الله بهؤلاء البدون المساكين؟
— جريدتكم (@ImeGrop) June 5, 2021
حاولت انعاش الطفل البدون ولكن للأسف ذهبت روحه الطاهرة إلى ربها.. ذهب الي ربه وبجيبه (٨) دنانير ...
إلى متى يعاني #البدون في بلد الإنسانية.. طفل لا يتجاوز ال ١٢ عاماً توفى لكسب قوت يومه ؟#استشهاد_طفل_بدون pic.twitter.com/3HqCMIWUEf
وقال النائب في مجلس الأمة عبدالكريم الكندري: "وفاة طفل بعمر الزهور كالتي كان يبيعها دهساً بالحقيقة هو حادث قتل تتحمل مسؤوليته الحكومة التي ضيقت على البدون عن طريق جهازها المركزي ودفعتهم للعمل بظروف غير إنسانية رافضة الموافقة على قوانين تضمن حقوقهم المدنية وتسوي أوضاعهم كقانون جمعية المحامين".
النائب د. عبدالكريم الكندري:
— جريدة سبر الإلكترونية (@Sabrnews) June 5, 2021
وفاة طفل بعمر الزهور كالتي كان يبيعها دهساً بالحقيقة هو حادث قتل تتحمل مسؤوليته الحكومة التي ضيقت على #البدون عن طريق جهازها المركزي ودفعتهم للعمل بظروف غير انسانية رافضة الموافقة على قوانين تضمن حقوقهم المدنية وتسوي أوضاعهم كقانون جمعية المحامين. pic.twitter.com/C6UGFX4Ya0
ويعاني البدون من الكويت من مستويات مرتفعة من الفقر، في ظلّ منع الجهة المسؤولة عنهم، وهي الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، تجديد هوياتهم الأمنية، أو منحها للمواليد منهم، إضافة إلى مشاكل البطالة، خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة بسبب أزمة فيروس كورونا.
ويطالب البدون بحق المواطنة في الكويت، إذ إنهم لم يستطيعوا الحصول على الجنسية الكويتية أواخر خمسينيات القرن الماضي، بسبب سكنهم في المناطق النائية وعدم فهمهم لأهمية الهوية الكويتية، وفق ما يقول ناشطون منتمون لهذه الفئة. فيما تقول الحكومة إنّ البدون مهاجرون من دول مجاورة، وينتمون للقبائل البدوية الراحلة، والتي تتنقل من بلد إلى آخر، ويحملون هويات أخرى.