وجّه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، اليوم الأربعاء، انتقادات حادّة إلى شركات النفط الكبرى، إذ رأى أنّها "روّجت لأكذوبة كبيرة" بشأن دورها في الاحترار المناخي، وشدّد أمام منتدى دافوس الاقتصادي العالمي على ضرورة محاسبتها.
وفي حديثه أمام مجموعة من النخب الاقتصادية والسياسية من كلّ أنحاء العالم، رسم غوتيريس مقارنة ما بين ممارسات شركات النفط وتلك الخاصة بشركات التبغ التي واجهت دعاوى قضائية ضخمة على خلفية الآثار السلبية للسجائر. وقال: "علمنا الأسبوع الماضي أنّ ثمّة منتجين للوقود الأحفوري كانوا مدركين تماماً في سبعينيات القرن الماضي أنّ منتجهم كان يرفع حرارة كوكبنا". وكان غوتيريس يشير إلى دراسة نشرتها مجلة "ساينس" المتخصصة، وأفادت بأنّ "إكسون موبل" رفضت النتائج التي توصّل إليها علماء حول دور الوقود الأحفوري في تغيّر المناخ.
أضاف غوتيريس: "تماماً مثل قطاع التبغ، تجاهلت الحقائق العلمية التي تملكها"، لافتاً إلى الدعاوى القضائية التي توصّلت إلى أنّ شركات السجائر أخفت أخطار منتجاتها. وتابع أنّ "بعض كبار منتجي النفط روّج للكذبة الكبرى. وكما في صناعة التبغ، لا بدّ من محاسبة المسؤولين".
يُذكر أنّه في عام 1998، كسبت الولايات المتحدة الأميركية تسوية تاريخية ضدّ شركات التبغ بقيمة 246 مليار دولار أميركي تهدف إلى استرداد تكاليف علاج المدخّنين من الآثار الضارة للسجائر.
ووجدت الدراسة حول "إكسون موبل" أنّ علماء الشركة وضعوا نماذج وتوقّعوا الاحترار المناخي "بدقّة مخيفة"، غير أنّ "الشركة أمضت عقدَين في إنكار ذلك". وتواجه "إكسون موبل" دعاوى قضائية عديدة في الولايات المتحدة الأميركية.
ورداً على سؤال حول تقرير مجلة "ساينس"، قال متحدّث باسم المجموعة الأسبوع الماضي إنّ المسألة طُرحت مرّات عدّة في السنوات الأخيرة، وفي كلّ مرة، كانت إجابة الشركة أنّ "أولئك الذين يتحدّثون عن معرفة إكسون مسبقاً بذلك، مخطئون في استنتاجاتهم".
"We learned last week that certain fossil fuel producers were fully aware in the '70s that their core product was baking our planet...Some in Big Oil peddled the big lie."
— Geoffrey Supran (@GeoffreySupran) January 18, 2023
UN Secretary General @antonioguterres cites our new study at @Davos @wef #wef23. 1/n pic.twitter.com/HtDtgHaVsK
"عرقلة التقدّم"
في خطابه، حضّ غوتيريس العالم على "التوقف عن إدمان الوقود الأحفوري"، فيما حذّر من أنّ الهدف الطموح المتمثّل في حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية "بدأ يتبخّر". وشرح أنّ "منتجي الوقود الأحفوري ما زالوا يتسابقون لزيادة الإنتاج، وهم يدركون تماماً أن نموذج العمل هذا يتعارض مع بقاء الإنسان".
وقد لاقى خطاب الأمين العام للأمم المتحدة ترحيباً من قبل "مبادرة معاهدة عدم انتشار الوقود الأحفوري" المدعومة من توفالو وفانواتو، وهما دولتان جزيريتان تقعان في المحيط الهادئ. والمبادرة تسعى إلى وضع حدّ لمشاريع الوقود الأحفوري الجديدة والتخلّص التدريجي من الإنتاج الحالي.
وقال المدير التنفيذي للمبادرة أليكس رافالوفيتش في بيان إنّه "يتوجّب علينا وضع حدّ لأكاذيب شركات النفط والغاز والفحم الكبرى، والبدء بالعمل الجماعي للتخلّص منها تدريجياً". وأضاف أنّه "حتى الآن، كانت الإجراءات الحكومية بطيئة بصورة مدمّرة، ومشحونة بتأثير لوبيات الوقود الأحفوري التي تعرقل التقدّم من أجل الأرباح".
صافي الانبعاثات الصفري
كذلك، دعا غوتيريس قادة الأعمال الذين كانوا حاضرين إلى تقديم خطط "موثوقة وشفافة" بحلول نهاية عام 2023 الجاري، حول طريقة تحقيق صافي الانبعاثات الصفري.
وكان خبراء من الأمم المتحدة قد قدّموا في خلال مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 27) الذي عُقد في مصر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، توصيات قالوا فيها إنّه لا يمكن للشركات أن تدّعي بأنّها صافية الانبعاثات في حال استثمرت في وقود أحفوري جديد أو تسبّبت في إزالة غابات أو زادت الانبعاثات الكربونية بدلاً من تقليلها.
وشدّد غوتيريس على أنّه "من هنا، من دافوس، أدعو جميع القائمين على الشركات إلى التصرّف بناءً على هذه المبادئ التوجيهية". وأشار كذلك إلى أنّ النقاط المرجعية والمعايير في تعهدات الشركات "تكون في الغالب ملتبسة أو مبهمة" وفي إمكانها أن "تضلّل المستهلكين والمستثمرين والهيئات الناظمة بروايات كاذبة". وبالنسبة إليه فإنّ ذلك "يغذّي ثقافة المعلومات الكاذبة والارتباك في موضوع المناخ ويترك الباب مفتوحاً أمام الغسل الأخضر".
(فرانس برس)