حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من استمرار ارتفاع درجات الحرارة وتبعات تغيّر المناخ في العالم. وقال إنّ شهر يوليو/ تموز 2023 (الجاري) شهد أعلى درجات حرارة سُجّلت على الإطلاق في مثل هذا الوقت من العام.
وجاءت تصريحات غوتيريس في مؤتمر صحافي عقده في مقرّ منظمة الأمم المتحدة في نيويورك، بمناسبة صدور بيانات رسمية عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أكّدتها كذلك المفوضية الأوروبية. وأشار إلى تسجيل أعلى درجات خلال الشهر الجاري، كذلك في ما يخصّ حرارة المحيطات.
وتوقّف غوتيريس عند عواقب ذلك موضحاً أنّها واضحة ومأساوية، بما فيها "أطفال جرفتهم الأمطار الموسمية، وعائلات تهرب من النيران، عمّال ينهارون بسبب الحرارة الحارقة".
July 2023 is set to be the hottest month ever recorded.
— António Guterres (@antonioguterres) July 27, 2023
The consequences are tragic:
Children swept away by monsoon rains.
Families running from the flames.
Workers collapsing in scorching heat.
No more hesitancy or excuses.#ClimateAction - now.https://t.co/yQhWo26Uom
ووصف الأمين العام للمنظمة الأممية الوضع بأنّه "كارثي" للكوكب بأسره، مشيراً إلى أنّ العلماء حذّروا مراراً وتكراراً من ذلك، لكنّ المفاجأة الوحيدة هي "سرعة تغيّر المناخ... إنّه أمر مرعب، وهذه البداية فحسب".
وأكّد غوتيريس أنّ عصر الاحتباس الحراري انتهى، ليبدأ "عصر الغليان العالمي". لكنّه لفت إلى أنّه "ما زال من الممكن الحدّ من ارتفاع درجة الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية وتجنّب الأسوأ، إنّما فقط من خلال خطوات فورية وجوهرية". وهنا، تحدّث عن تحقيق تقدّم في بعض المجالات لمكافحة تغيّر المناخ، من قبيل الاستثمار والعمل على مصادر الطاقة المتجددة أو على بعض من الخطوات الإيجابية في قطاع الشحن، غير أنّه أشار في الوقت نفسه إلى أنّ ذلك لا يكفي ولا يحدث بالسرعة اللازمة.
ورأى غوتيريس أنّ الضرورة تقتضي أن يزيد القادة وتيرة عملهم حول الإجراءات المتعلقة بالمناخ والعدالة المناخية، لا سيّما دول مجموعة العشرين المسؤولة عن 80 في المائة من الانبعاثات العالمية. وتوقّف في هذا الإطار عند عدد من الخطوات التي يمكن اتّخاذها من ضمن أهداف وطنية جديدة للحدّ من الانبعاثات، خصوصاً من أعضاء مجموعة العشرين، مشدّداً على ضرورة أن تتّخذ الدول إجراءات تتماشى مع ميثاق التضامن المناخي وجدول أعمال التسريع.
بالنسبة إلى المسؤول الأممي، ثمّة ضرورة للتقدّم بسرعة، فتلتزم الدول بالوصول إلى انبعاثات صفرية في أقرب وقت ممكن من عام 2040 والاقتصادات الناشئة في أقرب وقت ممكن من عام 2050، بدعم من البلدان المتطوّرة، وذلك إلى جانب إسراع كلّ الجهات الفاعلة في الانتقال العادل من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجدّدة، فيُصار إلى وقف توسّع الاعتماد على النفط والغاز والفحم ووقف منح تراخيص جديدة ذات صلة.
وأكمل غوتيريس أنّ ثمّة دوراً لا بدّ من أن تؤدّيه الشركات الخاصة وكذلك السلطات المحلية في المدن، بالإضافة إلى حثّ المؤسسات المالية على التحرّك وتقديم الخطط الملائمة، مبيّناً هنا ضرورة أن تتوقّف المصارف والمؤسسات المالية عن توفير القروض والاستثمارات في الوقود الأحفوري والتحوّل إلى الطاقة المتجددة.
ولفت غوتيرس الانتباه إلى ضرورة دعم البلدان على الخطوط الأمامية التي لم تتسبّب في الأزمة والتي تملك موارد قليلة للتعامل معها، من قبيل الجزر الصغيرة والبلدان الفقيرة، في حين رأى ضرورة الاستثمار والتنسيق لدعم الدول النامية من أجل إنقاذ ملايين الأرواح ممّا وصفه بـ"المذبحة المناخية".
في السياق نفسه، تحدّث المسؤول الأممي عن ضرورة أن تطرح "البلدان المتطوّرة خريطة طريق واضحة وذات مصداقية لمضاعفة تمويل التكيّف بحلول عام 2025، كخطوة أولى نحو تخصيص ما لا يقلّ عن نصف تمويل المناخ للتكيّف"، لافتاً إلى ضرورة أن يكون كلّ شخص على الكرة الأرضية محميّاً بنظام إنذار مبكر بحلول عام 2027 من خلال "تنفيذ خطة العمل التي أطلقناها في العام الماضي". وفي ذلك إشارة إلى المؤتمر السابع والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 27) الذي عُقد في مدينة شرم الشيخ المصرية في أواخر عام 2022.
وشدّد غوتيريس على ضرورة الوفاء بالوعود التي قُطعت بشأن التمويل الدولي للمناخ، بما في ذلك البلدان المتطوّرة التي يتوجّب عليها أن تفي بالتزاماتها من خلال تقديم 100 مليار دولار أميركي سنوياً إلى البلدان النامية من أجل دعم المناخ وتجديد موارد الصندوق الأخضر للمناخ بالكامل. وفي هذا الإطار، تحدّث عن قلقه، إذ إنّ دولتَين فقط من "دول مجموعة السبع، هما كندا وألمانيا، قد قدّمتا تعهّدات بتجديد الموارد حتى الآن"، وركّز على ضرورة تفعيل صندوق الخسائر والأضرار في هذا العام وعدم التأخّر أكثر.