فرز أوروبي تمييزي لتأشيرات طلاب تونس

28 فبراير 2024
رفض دول أوروبية تأشيرات الطلاب التونسيين مستمر (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تضع قيود تفرضها دول أوروبية على منح تأشيرات السفر، عوائق أمام طلاب تونسيين يرغبون في إجراء تدريبات مهنية أو مشاريع تخرّج في بلدان منطقة اليورو. ويزداد قلق هؤلاء من ارتفاع نسب رفض التأشيرات المستمر منذ نحو سنتين.
وفي ظل الحرمان من حرية التنقل بين ضفتي المتوسط بسبب سياسة التشدد التي تفرضها الدول الأوروبية على التأشيرات الممنوحة للتونسيين، يوسّع الطلاب دائرة البحث عن تدريبات خارج منطقة اليورو، وتحديداً في كندا ودول آسيوية.
ويخبر محمد مزيد، الطالب في معهد للدراسات التكنولوجية، "العربي الجديد"، أنه حصل على فرصة جيدة للتدرب في مؤسسة بفرنسا، وقدم طلباً للحصول على تأشيرة إلى سفارة هذا البلد تضمّن كل الوثائق المطلوبة، لكنه تفاجأ برفض طلبه ما حرمه فرصة تنمية مهاراته في اختصاص هندسة الميكانيك. ويقول: "التدريبات المهنية جزء مهم في المسار التكويني للطلاب، ويعزز الحصول على هذا التدريب في الخارج فرص العمل لاحقاً". يتابع: "في السابق كان يسهل حصول الطلاب على فرص تدريب في المؤسسات الأوروبية، خصوصاً في اختصاصات الهندسة، لكن الأمر تغيّر مع تقييد منح تأشيرات السفر قبل نحو سنتين".

يعتبر طلاب تونسيون أن أسباب رفض منحهم التأشيرات غير مبرّرة

يقول بيرم بن مسعود لـ"العربي الجديد" إنه قدم طلباً للحصول على تأشيرة سفر إلى إيطاليا من أجل الالتحاق بجامعة "بوليتكنيكو دي تورين" تمهيداً لإنجاز المشروع الأخير لتخصصه في هندسة الكمبيوتر، لكن السفارة رفضت الطلب من دون تقديم أي مبرر.
ويذكر أن كليات الهندسة في إيطاليا تستضيف طلاباً من دول عدة بعد إخضاعهم لاختبارات أو مقابلتهم شخصياً. ومعظم هذه الكليات تدرّس الاختصاصات باللغة الإنكليزية، لكن السفارات تنفذ عملية فرز للطلبات تستند إلى الجنسيات.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، احتج طلاب من مختلف المستويات والاختصاصات التعليمية على رفض السفارة الإيطالية في تونس منحهم تأشيرات للالتحاق بكليات إيطالية. وأكد المحتجون أن السفارة رفضت عدداً كبيراً من الطلبات، رغم أن ملفاتها مكتملة وتحتوي على كل الوثائق المطلوبة، وأيضاً على موافقات من الكليات الإيطالية. وأراد بعض المحتجين مواصلة الدكتوراه في إيطاليا.

مئات من طلبات التأشيرات مرفوضة (فتحي بلعيد/فرانس برس)
يتكرر رفض مئات التأشيرات (فتحي بلعيد/فرانس برس)

وتحدث المحتجون أيضاً عن أن الكليات التي قبلت طلبات الالتحاق بها اتصلت بالطلاب لمعرفة سبب تأخرهم في استئناف الدروس، واعتبروا أن أسباب رفض منحهم تأشيرات واهية وغير مبررة.
ويشير عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلاب تونس، بلحسن العلوي، إلى أن تزايد رفض تأشيرات السفر يحرم الطلاب من فرص تدريب مهمة تسبق مرحلة دخولهم سوق العمل، ويقول لـ"العربي الجديد": "أصبح الحصول على تأشيرة سفر للدراسة أو إنهاء مشروع تخرّج في كندا أو دول آسيوية أكثر سهولة من الحصول على تأشيرة لدخول الفضاء الأوروبي، علماً أن التدريبات المهنية في المراحل الأخيرة للدراسة الجامعية أو مشاريع التخرج المشتركة مع مؤسسات أجنبية تنفذ غالباً بالتنسيق بين إدارات الجامعات ومنظمات دولية، وتحظى بعض الاختصاصات التقنية والهندسية بأولوية بالنسبة إلى الجامعات الأوروبية". ويوضح أن "القسم الأكبر من الطلبات المرفوضة للحصول على تأشيرات سفر تشمل الإقامة فترات طويلة نسبياً قد تصل إلى سنة، بينما يكون العدد أقل بالنسبة إلى مطالب التي إجراء تدريبات دراسية أو مشاريع تخرج قصيرة الأمد".

ومع استمرار الرفض غير المبرّر لمئات الملفات، تتفاقم أزمة حصول التونسيين على تأشيرات سفر إلى دول أوروبية، وتزداد تعقيداً بسبب طول مدة تحديد مواعيد إيداع الملفات لدى المكاتب المتخصصة. ويقول المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر لـ"العربي الجديد" إن "الاتحاد الأوروبي يمارس سياسة الفرز على أساس الجنسية في منح التأشيرات، وتعتبر حظوظ الطلاب التونسيين في قبول الطلبات أقل من طلاب باقي المنطقة المغاربية".
يتابع: "يبدي طلاب استياءهم من التضييق على حقوقهم في التنقل إلى دول الاتحاد الأوروبي، خصوصاً فرنسا وإيطاليا، وواضح أن دول الاتحاد الأوروبي تتعامل مع كل مقدمي طلبات التأشيرات باعتبارهم مشتبها بهم. وهكذا يمارس الاتحاد سياسة انتقائية للطلاب استناداً إلى تقييم أحادي يراعي مصالحه من دون الأخذ في الاعتبار مصالح الطلاب ومستقبلهم الدراسي والمهني". وينتظر التونسيون أسابيع لتحديد مواعيد لتقديم طلبات التأشيرات في المراكز المتخصصة بدرس الملفات وفرزها، ثم أسابيع أخرى للحصول على ردود.

المساهمون