استمع إلى الملخص
- نفى الضابط سعد العكاري صدور قرارات رسمية بشأن فرض الحجاب، موضحاً أن تصريحات الوزير تعبر عن هواجس أمنية، مشيراً إلى أن الجدل يهدف للتشويش على قضايا مثل تهريب الوقود.
- انقسمت ردود الفعل بين مؤيدين يرونها تعزيزاً للاستقرار ومعارضين يعتبرونها تعدياً على الحريات، حيث انتقدت الناشطة بدرية الحاسي التصريحات، بينما دعا فرج الفيتوري إلى وضع مدونة سلوك تضبط الحريات.
أثارت تصريحات وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية عماد الطرابلسي، بشأن فرض الحجاب وتقييد لباس المرأة، وتفعيل شرطة الآداب، جدلا واسعا في الأوساط المحلية الليبية والدولية، وسط انقسام الرأي حيالها بين مؤيد ورافض.
وأكد الطرابلسي، في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، ضرورة تفعيل العديد من الأجهزة الأمنية ودفعها للعمل، ومنها شرطة الآداب التي قال إنه لم يجد مسؤولا يوليه إدارتها ويمكن فهم ما وصفه بطبيعة أخلاق المجتمع الليبي، منتقدا العديد من السلوكيات التي اعتبرها دخيلة على المجتمع الليبي. وخلال حديثه، انتقد الطرابلسي ظاهرة الاختلاط في المقاهي وفي والمدارس والجامعات، و"توريد نوعيات من الملابس الشبابية الخادشة للحياء"، حاثا المرأة على ضرورة التقيد بلباس الحجاب، مستنكرا أن تتنشر مثل هذه السلوكيات تحت ذريعة الحريات، وقال "من يريد الحرية فعليه الذهاب إلى أوروبا"، وفق تعبيره.
واعتبر الطرابلسي أن "التعامل مع قضايا المرأة وحشمتها أمر بالغ الحساسية في المجتمع الليبي، وعليه فلا بد من أن تنشأ وحدة نسائية خاصة في شرطة الآداب تتولاها نساء لردع الأعمال المنافية للأداب"، بحسب قوله.
ونفى سعد العكاري، الضابط بمديرية الأمن، أن تكون وزارة الداخلية أصدرت أي قرارات أو تعليمات بشأن ما تحدث عنه الوزير، خاصة فرض الحجاب على النساء، أو مداهمة المقاهي ومنع الاختلاط فيها، مشيرا إلى أن الوزير كان يتحدث عن "هواجس وقلق في سياقات الأمن العام وضرورة العمل على ضبط مسارات الخارج منها عن المتعارف عليه، أو المخالف للقانون". وأوضح العكاري لـ"العربي الجديد" أن السلوكيات التي تحدث عنها الوزير "كانت في أثناء حديثه عن المستوى المأمول من الأمن، ولم يقتصر الحديث عن الحجاب واللباس والحشمة، بل في صور أخرى من الخروج عن المألوف، مما يهدد حصانة السلوك المجتمعي العام وأمنه".
العكاري: الجدل المحيط بتصريحات الطرابلسي غرضه التشويش على ملف تهريب الوقود
وانتقد العكاوي تركيز جهات إعلامية على جزء من تصريحات الوزير، قائلا: "هذه ليست المرة الأولى التي تركز وسائل ومنصات إعلامية على جانب في تصريحات أو قرارات دون أن تُجمل الأمر ليفهم السامع لماذا قيل هذا التصريح أو صدر هذا القرار"، معتبرا أن الجدل المحيط بتصريحات الطرابلسي غرضه "التشويش، ويجب لفت الانتباه إلى أن ظاهرة تهريب الوقود، محل المؤتمر الصحافي، ترتبط بجهات خارجية لها مصالح وأجندات من استمرار هذه الظاهرة التي أصبحت عابرة للحدود الليبية وتخدم مصالح خارجية".
جدل حول فرض الحجاب في ليبيا
وحفلت منصات التواصل الاجتماعي الليبية وغيرها بموجة من ردود الفعل المنقسمة على نفسها بين مؤيد ورافض لتصريحات الطرابلسي، فبينما اعتبرها البعض "إحياء للقيد والضابط المجتمعي لتعزيز الاستقرار"، بحسب عضو مجلس المصالحة الاجتماعية فرج الفيتوري، ترفض بدرية الحاسي، الناشطة الحقوقية، التصريحات وتعتبرها "تعديا صارخا على الحريات، وعرقلة لمسار التطور اللازم لأي مجتمع".
بدرية الحاسي وصفت تصريحات وزير الداخلية بشان الحجاب بأنها "تعدي صارخ على الحريات"
ويشرح الفيتوري، لـ"العربي الجديد" رأيه قائلا: "الانسلاخ من لبس الحجاب بالنسبة للمرأة لا يشكل ظاهرة في ليبيا، فالمجتمع يرفضه ويعتبره سلوكا غير مقبول، وقليلا ما تجد امرأة أو فتاة ليبية غير محجبة، وكلام الطرابلسي لا يدعو للقلق، ولا أراه أكثر من تنبيه للقيم الرادعة للخروج عن السائد في مجتمعنا". مضيفا: "ربما الأمر الوحيد الذي أستهجنه هو إنشاء شرطة للآداب لمجتمع شديد المحافظة، فردة الفعل حيال أي إجراء من قبل هذه الشرطة على امرأة أو فتاة سيكون قاسيا، وهو السبب في أن الطرابلسي لم يجد من قَبِل بهذه الوظيفة".
ويتابع الفيتوري حديثه: "قد يكون التعبير خان الطرابلسي أكثر من مرة، لكن في العموم كلامه صدى لقلق سائد ليس لدى الوزارة، بل في كل الأوساط حول ظاهرة المقاهي في طرابلس وبنغازي، وما يحدث فيها من اختلاط، ولو تم إجراء استبيان لكانت النتيجة لصالح رفض هذه الظاهرة"، مضيفا "أعتقد أن ما نحتاجه ليس تصريحات من وزارة أو حكومة، بل مدونة للسلوك تضبط الإيقاع وترجع الهيبة للروادع الاجتماعية التي قلّت فاعليتها، ففيها الكثير من الإنصاف لو أوكلت مهمة إعدادها لخبراء بشكل لا يحجم من الحريات، بل يضبطها".
في المقابل، تهاجم الحاسي تصريحات وزير الداخلية، معتبرة أنها "تعد صارخ على الحريات"، مشيرة إلى أن تصريحات الطرابلسي "تضمنت عبارات وتعبيرات على علاقة بالأدبيات السلفية"، مثل وصف "قصات الشباب عند الحلاقين بالقزع، وهو وصف مستوحى من مقولات دينية نحتاج تحديدا لمفهومها لتنطبق تحريمها على مثل هذه التسريحات والقصات، ما يجعلنا نقلق بالفعل ممن دفع الوزير إلى مثل هذه التضمينات في تصريحات".
وحول عدم صدور أي قرارات وإجراءات رسمية بشأن فرض الحجاب، وتقييد حركة المرأة، حتى الآن من قبل الوزارة، علقت الحاسي قائلة: "صدرت في السابق إجراءات تقيد سفر المرأة إلا إذا كانت مصحوبة بمحرم، وتحدث كثيرون عن ضرورة فرض الحجاب وألبسة معينة، والذي يتحدث الآن وزير يملك كل الصلاحيات التنفيذية، فلا يمكن فصل تصريحات عن رغبته في تنفيذها". وركزت الحاسي في استنكارها تصريحات الطرابلسي على دعوته للهجرة إلى أوروبا لمن يريد الحرية، مؤكدة أن التشريعات الليبية "لا يوجد فيها قانون واحد يحدد اللباس ويفرض الحجاب، ولا أي نص قانوني يعتبر ذلك تهديدا للأمن القومي ويستدعي تهجير الناس إلى خارج بلادهم".