أعلن المعلم الفلسطيني يوسف اجحا، من بيت لحم، جنوب الضفة الغربية، استلامه خطاباً الخميس الماضي، من وزارة التربية والتعليم، يتضمن توقيع عقوبة فصل من الخدمة بحقه، إثر دفاعه عن حقوق زملائه المعلمين الفلسطينيين.
وتضمّنت المخالفات التي ارتكبها اجحا وفقاً لخطاب الفصل: "مخالفة الأنظمة والقوانين والتعليمات المعمول بها في وزارة التربية والتعليم، والمتمثلة في القيام بالتحريض على وزارة التربية والتعليم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر المحطات التلفزيونية والإذاعية، والسعي إلى تشويه العملية التعليمية والتشويش عليها، وتحريض المعلمين على عدم تنفيذ قرارات نقلهم".
واستند قرار الفصل، وفقاً للخطاب المرسل، إلى نتائج وتوصيات لجنة تحقيق عقدت جلستها في 21 سبتمبر/ أيلول 2023، ومصادقة ديوان الموظفين ،العام استناداً إلى قانون الخدمة المدنية.
فصل على خلفية حراك المعلمين
في المقابل، أكد اجحا لـ"العربي الجديد" أن القرار جاء بعد ستة أشهر من الوقف عن العمل، بقرار غير مسبب صدر في 4 سبتمبر/ أيلول الماضي، جاء فيه أنه مستند للوائح المنظمة لقانون الخدمة المدنية، ويمتد لحين انتهاء لجنة التحقيق من أعمالها، دون ذكر سبب التحقيق، لتتم دعوته إلى جلسة للجنة تحقيق في 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، ويتفاجأ بتهمة "التحريض على الحكومة، وتحريض المعلمين بعدم الالتزام بقرارات الحكومة".
وتعود القرارات، بحسب اجحا، بسبب نشاطه في "حراك المعلمين"، وإضراب المعلمين العام الماضي، والاحتجاج على التنقلات التعسفية للمعلمين في بداية العام الدراسي الحالي، رغم عودة المعلمين للدوام دون إضراب في بداية العام الدراسي الجديد في أغسطس/ آب 2023، بعد إضراب استمر في العام الدراسي السابق، لقرابة 80 يوماً انتهى في شهر إبريل/ نيسان الماضي.
يقول اجحا إن الإضراب انتهى مع تعهّدات أعلنتها العديد من المؤسسات، منها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وأمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، وبيان من اتحاد المعلمين بإعطاء مهلة للحكومة حتى شهر يناير/ كانون ثاني 2024، بضمانات لحماية المعلمين وعدم اتخاذ أي إجراء تعسفي أو عقابي بحقهم على خلفية الإضراب.
وكانت احتجاجات المعلمين قد انطلقت في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، ضد تنقّلات اعتبروها تعسفية لهم، واعتبروا أنها على خلفية الإضراب السابق، وكان اجحا من المحتجين، وممن يدلون بتصريحات إلى وسائل الإعلام حول أزمة المعلمين خلال تلك الفترة.
بدوره، قال مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم الفلسطيني"، عمار دويك لـ"العربي الجديد"، إنه يأسف لهذا القرار بحق المعلم اجحا، وأن الهيئة تقف معه في قضيته وستستمر في متابعتها حتى العودة عن القرار، وتقوم بمتابعته مع الجهات ذات العلاقة في وزارة التربية والتعليم، وتأمل أن يجري التراجع عنه وتخفيضه.
وقال اجحا لـ"العربي الجديد" إنه ليس الوحيد فقد كان صدر قرار بعقوبة الإحالة للمعاش والتقاعد القسري بحق المعلمة جهاد أبو شرار من مديرية جنوب الخليل، مشيراً إلى أن ذلك ضمن سلسلة من الإجراءات التعسفية على خلفية الإضراب السابق، واحتجاج المعلمين على التنقلات التعسفية بحقهم، حيث جرت إحالة من 350 إلى 400 معلم إلى لجان تحقيق، واستدعاؤهم إلى رام الله، وفرض عليهم التوقيع على تعهدات كشرط للحفاظ على الوظيفة، ورغم توقيع معظمهم، فقد جرى تنسيب الإنذار بالفصل لهم.
يؤكد اجحا أنه سيتوجه للمؤسسات الحقوقية، لبحث الخطوات القانونية، وقد استعد مركز القدس للمساعدة القانونية بأن يترافع عنه بهذه القضية، مصراً على حقه في الحديث مع وسائل الاعلام، والاحتجاج بكل الطرق القانونية للتعبير عن رفضه هذا القرار المجحف والتعسفي، قائلاً: "هذه سابقة تسجل أن هناك حكومة فلسطينية تفصل معلماً عن العمل، وتقطع قوته لأنه يدافع عن حقه الذي كفله القانون".
وحول الأبعاد القانونية أشار اجحا إلى أن لجنة التحقيق عقدت جلسة واحدة له فقط، ولم يسمح له بالدفاع عن نفسه بأكثر من جلسة، وقد فوجئ بقرار الفصل، حيث إنه لم يجر التمهيد له، وحتى إن لجنة التحقيق وجهت له تهمة التحريض على الحكومة وليس وزارة التربية والتعليم، وقد رفض التهمة معتبراً أنها تهمة أمنية من اختصاص النيابة، وليست من اختصاص لجنة وظيفية في الوزارة.
وأشار اجحا إلى أن لجنة التحقيق لم تسلّمه بشكل مسبق توصياتها، ولم يبلغ بانتهاء عملها، ولم ينسب له إنذار أو تنبيه مسبق، ولم يبلغ بأي كتاب مسبق بمنعه من الظهور في الإعلام، مشيراً إلى أنه فوجئ بأن الخروج على الإعلام والدفاع عن حقوق المعلمين تهمة يعاقب عليها، وأن كتاب فصله ذكر أن قرار فصله اتخذ اعتباراً من تاريخ 5 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، أي بعد قرابة أسبوعين من جلسة لجنة التحقيق، بينما يشار إلى مصادقة ديوان الموظفين في 5 فبراير/ شباط، في حين يفترض القانون البدء بتنفيذ أي عقوبة بعد إبلاغ الموظف وليس بأثر رجعي.
وأسف اجحا من أن القرار يتخذ في ظل الظروف الحالية قائلاً: "أكثر ما يؤلم أن هذا الكتاب يأتي في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني".
واكد اجحا أن هذا القرار يبيّن كيف تتعامل الحكومة مع مطالب المعلمين بإقرار حقوقهم، حيث كانت طيلة أيام الإضراب تتهم المعلمين بعدم وجود عنوان واضح لهم (في إشارة إلى عدم إعلان حراك المعلمين شخصيات أو مدرسين يمثلونه ويفاوضون عنه خشية العقوبات ضدهم)، وقال: "واليوم يتخذون قرار الفصل بحقي، لأنني كنت معلماً ناشطاً في حراك المعلمين، وأتحدث عن قضايا وهموم المعلمين عبر وسائل الإعلام".