ينشغل المزارع الفلسطيني أحمد أبو قايدة بالعمل في أرضه الواقعة قرب الشريط المحاذي للأراضي المحتلة في بلدة أم النصر شمالي قطاع غزة، منذ ساعات الصباح الباكرة يومياً من أجل إنجاز كل مهامه قبل حلول ساعات المساء وصعوبة الحركة في تلك المنطقة.
ويعتبر أبو قايدة واحداً من بين عشرات المزارعين الذين استفادوا خلال السنوات الأخيرة من مشروعٍ نفذته سلطة الأراضي التابعة للحكومة التي تديرها حركة "حماس" في القطاع من أجل حماية الأراضي الحدودية من التجريف ومحاولة الاحتلال نهبها لكونها لا تبعد سوى 500 إلى 700 متر عن الحدود مع الأراضي المحتلة عام 1948.
ويتم تنفيذ المشروع الحالي بالتعاون ما بين عدة أطراف، منها سلطة الأراضي وبلدية بلدة أم النصر ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو"، والذي يهدف من خلاله لاستصلاح هذه الأراضي وتوفير فرص عمل تخفف من نسب البطالة المرتفعة.
وفي السنوات التي كان الاحتلال متواجداً فيها في القطاع لم تكن هذه المناطق سوى مجرد غابات، ثم تحولت بعد الانسحاب الإسرائيلي إلى مناطق مهجورة لا يصل إليها أحد، لتقرر الجهات الحكومية في غزة تحويلها إلى مناطق زراعية.
وتعتبر المناطق الحدودية في القطاع مناطق أمنية بحتة لا يصل إليها الكثير من السكان حيث يقتصر الوصول إليها على بعض الأشخاص الذين يعيشون فيها أو التابعين لعناصر أمنية محسوبة على المقاومة أو الأجهزة الشرطية.
ويقول أبو قايدة لـ "العربي الجديد" إن الزراعة في المناطق الحدودية تختلف عن باقي المناطق نظراً لطبيعة الأوضاع في تلك المنطقة والحاجة الماسة لإنجاز العمل سريعاً في أقصر وقت ممكن خشية من أي تدهور أمني قد يحصل.
ويوضح أنه وبعد ترحيله من الإمارات بعد عام 2010 حيث كان يعمل محاسباً هناك، عاد للقطاع واتجه لمجال الزراعة قبل أن يستفيد من هذا المشروع حيث يمتلك الآن هو وأبناؤه 6 دونمات زراعية، تكلفة إيجار الدونم الزراعي الواحد 100 دولار أميركي.
وعمل المزارع الفلسطيني على زراعة "الفراولة" في أرضه بالرغم من التحديات الصعبة وارتفاع تكلفتها الإنتاجية، وحجم الخطورة اليومية وإمكانية تعرضها للاستهداف أو القصف في أي لحظة نظراً لقربها من السياج الحدودي.
أما المزارع نايف الأبرق والذي استفاد هو الآخر من المشروع برفقة شقيقه من خلال الحصول على دونمين زراعيين لكل منهما، وقاما بزراعتها بالزيتون والجوافة، وباتت هذه الأرض مصدر دخل لأسرتين يزيد عدد أفرادها عن 15 شخصاً.
ويقول الأبرق لـ "العربي الجديد" إن فكرة استثمار المناطق الحدودية وتحويلها لأراضٍ زراعية تحمي هذه الأراضي من إمكانية سلبها وتوفر فرص عمل في ظل غياب فرص العمل وحالة الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع.
ولا يخفي المزارع الفلسطيني حجم الصعوبات التي تعترض أصحاب هذه الأراضي مثل قربها من الحدود والجنود المتمركزين على طول الشريط، إلى جانب انقطاع التيار الكهربائي وصعوبة الوصول إليها في أوقات التوتر الأمني.
وخلال العامين الماضيين وفرت اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة بئراً للمياه إلى جانب آبار أخرى تم توفيرها، من أجل مساعدة المزارعين على ري أراضيهم الزراعية نظراً لبعد المنطقة عن مركز القطاع السكني وقربها من الحدود.
في الأثناء، تقول مديرة العلاقات العامة في سلطة الأراضي الحكومية في غزة آمال شمالي إن إجمالي عدد المستفيدين من المشروع بلغ 261 مزارعاً يدفع كل منهم 100 دولار أميركي على المقسم الزراعي المخصص له والبالغة مساحته دونمين بواقع 50 دولارا لكل دونم.
وتوضح شمالي لـ "العربي الجديد"، أن المشروع يهدف إلى تعزيز صمود الفلسطينيين على السياج الحدودي خاصة المزارعين منهم وتثبيت الحق الفلسطيني في هذه الأراضي، ودعم السلة الغذائية للقطاع بالمحاصيل الزراعية.
ويبلغ إجمالي مساحة المشروع حوالي 700 دونم في منطقة أم النصر الواقعة أقصى شمالي القطاع، حيث تم تأجير كامل المساحة الخاصة بالمشروع، في الوقت الذي تزايدت فيه مؤخراً المطالب بفتح مساحات أخرى خاصة من فئة الشباب.