استمع إلى الملخص
- تسببت الأمطار الغزيرة في دمار واسع، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء وقطع الطرقات، وتعليق حركة القطارات بين مدريد وفالنسيا لمدة تصل إلى ثلاثة أسابيع.
- زار رئيس الوزراء الإسباني فالنسيا لتفقد الأوضاع، وسط تحذيرات من تزايد الظواهر الجوية القصوى بسبب التغير المناخي وظاهرة "غوتا فريا".
ارتفعت حصيلة الضحايا إثر فيضانات إسبانيا الجارفة إلى 158 قتيلاً، فيما تواصل فرق الإنقاذ البحث عن مفقودين بين الأنقاض. وتعدّ هذه الكارثة الطبيعية الأسوأ التي شهدتها البلاد منذ أكثر من خمسين عاما. وأعلنت وزارة الدفاع أن 1064 جنديا يعملون حاليا في جهود البحث والإنقاذ بمنطقة الكارثة، وأن هناك عددا كبيرا من المفقودين. ونقلت وكالة الأنباء الإسبانية الرسمية "إي إف إي" عن مصادر حكومية أن عدد ضحايا كارثة الفيضانات ارتفع إلى 158 قتيلا، معظمهم في منطقة فالنسيا. وأكدت المصادر أنه لا يزال هناك كثير من المفقودين، وأبدت مخاوف من ارتفاع عدد الضحايا.
وفي وقت سابق الخميس، أعلن معهد الأرصاد الجوية الحكومي أن مستوى هطول الأمطار في منطقة فالنسيا غير مسبوق، واصفاً الوضع بأنه "أسوأ فترة خلال قرن". وأضاف المعهد أن "كميات الأمطار الغزيرة التي هطلت في ثماني ساعات فقط تعادل إجمالي الأمطار المتساقطة خلال عام كامل".
وشهدت فالنسيا طقسا مشمسا بعد 48 ساعة على المأساة، ما أظهر مشاهد الخراب الذي تعرضت له أحياؤها. وتضم منطقة بايبورتا في الضواحي الجنوبية لمدينة فالنسيا 25 ألف نسمة وتعد من الأكثر تضررا جراء السيول الموحلة. وأكدت رئيسة بلدية المنطقة ماريبيل ألبالات أن 62 شخصا لقوا حتفهم فيها. وحاول السكان تنظيف الشوارع التي يكسوها الوحل رغم أنهم ما زالوا تحت تأثير الصدمة. وقال ديفيد روميرو، وهو موسيقي يبلغ 27 عاما لوكالة "فرانس برس": "دُمّرت كل المحال التجارية".
وزار رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز فالنسيا عاصمة المنطقة التي تحمل الاسم نفسه، مؤكدا أن موجة الطقس السيئ "لم تنته بعد". ودعا سكان المنطقة إلى "ملازمة منازلهم" و"عدم الخروج". واستند سانشيز إلى "حالة تأهب باللون الأحمر" (مستوى التأهب الأقصى المرادف لخطر شديد) أطلقتها صباح الخميس الوكالة الإسبانية للأرصاد الجوية محددة مناطق معينة من مقاطعة كاستيلون الواقعة شمال مقاطعة فالنسيا مباشرة، حيث هطلت أمطار غزيرة.
فيضانات إسبانيا...حالة تأهب قصوى
لكن رُفعت حالة التأهب القصوى بعد الظهر، وأصبحت باللون البرتقالي، ما يعكس انخفاض مستوى الخطر. وأُرسل أكثر من 1200 جندي للمساعدة في عمليات الإنقاذ في منطقة فالنسيا خصوصا، إلى جانب عناصر الشرطة والإغاثة الذين يسعون إلى تحديد مكان أي ناجين محتملين وإزالة العوائق من المناطق المتضررة.
وشدد سانشيز على أن "الأولوية" هي العثور على "الضحايا والمفقودين"، من دون أن يحدد عددهم. وتزامن وصول سانشيز إلى فالنسيا، حيث زار مركز تنسيق الإغاثة، مع أول أيام الحداد الوطني الثلاثة التي أعلنتها الحكومة الإسبانية اليسارية.
إلى ذلك، زار زعيم "الحزب الشعبي" المعارض المحافظ ألبرتو نونيز فيخو فالنسيا قبل وصول سانشيز بهدف دعم حاكم المنطقة كارلوس ماثون عضو حزبه الذي يتعرض لانتقادات منذ الأربعاء بسبب تأخّر واضح في تنبيه السكان. وأشارت السلطات إلى أنّ آلاف الأشخاص لا يزالون محرومين من الكهرباء في المنطقة. ولا تزال طرقات كثيرة مقطوعة، فيما تنتشر هياكل سيارات على الطرق التي اجتاحتها سيول موحلة.
وقال إيليو سانشيز، أحد سكان بلدة سيدافي البالغ عددهم عشرة آلاف نسمة، والتي ألحق فيها سوء الأحوال الجوية دمارا، لوكالة "فرانس برس"، إن الليلة الماضية كانت مروعة، موضحا "لم أكن أتخيل قط أنني سأختبر وضعا مماثلا". وأضاف الكهربائي البالغ 32 سنة: "رأينا شابا في منطقة مفتوحة لجأ إلى سطح سيارته، ثم حاول القفز فوق سيارة أخرى، لكن التيار جرفه".
وأكد رئيس منطقة فالنسيا كارلوس ماثون أن أجهزة الطوارئ تمكنت من الوصول إلى كل المناطق المتضررة، بعدما ظلّت قرى عدة معزولة عن بقية البلاد لفترة طويلة الأربعاء. وأعلنت وزارة النقل تعليق حركة القطارات فائقة السرعة بين مدريد وفالنسيا منذ الأربعاء، لافتة إلى أنّ توقف نشاط وسائل النقل هذه سيستمر على الأقل "أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع". وأفادت الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية بتساقط أكثر من 300 لتر من المياه لكل متر مربع ليل الثلاثاء الأربعاء في بلدات عدة في منطقة فالنسيا، فيما شهدت قرية تشيفا الصغيرة أعلى معدّل مع 491 لترا لكل متر مربع. وأوضحت الهيئة أنّ كميات الأمطار هذه تعادل "عاما كاملا من المتساقطات".
وتشهد منطقة فالنسيا وساحل البحر الأبيض المتوسط الإسباني بشكل عام في فصل الخريف ظاهرة جوية تسمى "غوتا فريا" (النقطة الباردة)، وهي منخفض جوي منعزل على ارتفاعات عالية يتسبب بهطول أمطار مفاجئة وعنيفة جدا تستمر أحيانا لأيام عدة. ويحذر العلماء من أن الظواهر الجوية القصوى مثل موجات الحر والعواصف صارت أكثر تواترا وأطول أمدا وأكثر شدة بسبب التغير المناخي.
(فرانس برس، الأناضول)