عادت الاشتباكات مجدداً في الجنوب التونسي، وتحديداً بين بني خداش بمدنيين ودوز الشمالية، جنوبي تونس، بسبب نزاع عقاري على أراضي تربط بين المحافظتين، وسجلت مساء اليوم وفاة شاب متأثراً بجراحه، و13 إصابة جديدة.
ووصف الوضع بالمحتقن جداً، ليرتفع بذلك عدد المصابين إلى 33 بينهم عدد من الحالات الحرجة، وسجلت حالة استنفار قصوى في المستشفيات جنوباً، واستعملت بنادق الصيد بين المتنازعين من كلا المحافظتين.
وأذن رئيس الحكومة هشام المشيشي، الموجود حالياً في زيارة عمل بفرنسا، لوزير الداخلية والدفاع بعقد خلية أزمة بحضور قيادات أمنية وعسكرية على خلفية المواجهات وأحداث العنف التي اندلعت منذ مساء أمس بين المواطنين، وأن تبقى خلية الأزمة في حالة انعقاد متواصل.
وطالب عديد التونسيين السلطات بالتدخل ووضع حد للاحتقان الحاصل في الجنوب التونسي، ووقف النعرات الجهوية وتجنب مزيد من التصعيد، قبل أن يتطور إلى ما لا تحمد عقباه.
وأكد الباحث والمحلل السياسي مهدي ثابت، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن ملف الأراضي الاشتراكية، التي منحتها الدولة للفلاحين من دون حسم ملكيتها وعودتها للدولة أو لمستعمليها، بقي من المشكلات العالقة وبدون حلول منذ عدة سنوات، وهذا الإشكال ليس فقط في بني خداش ودوز بل موجود في بن قردان وجرجيس وعديد المحافظات التونسية. مضيفاً أن هناك عديد الأراضي الاشتراكية محل نزاع حالياً، والدولة مترددة في النظر في هذا الملف رغم أنه بمثابة القنابل الموقوتة التي يمكن أن تنفجر في أية لحظة أو تغذي النعرات الجهوية، مشيراً إلى أن التطورات الحاصلة وعودة المواجهات سببها ضعف الدولة.
وأوضح ثابت أن الخطير في المواجهات هو استعمال الرشاشات وبنادق الصيد والآلات الحادة والهراوات، وبالتالي كان من المفروض تطويق المواجهات منذ البداية وفضّ النزاع، فالمنطقة التي تدور فيها المواجهات معروفة، وكان يكفي التدخل الحاسم من الجيش لوقف مثل هذه المعارك، مؤكداً أنه كان على رئيس الجمهورية والسلطات الجهوية التدخل وتفعيل دور المجتمع المدني لتجنب التصعيد وتطويق الاحتجاجات، لأن ما يحصل خطير.
وأضاف ثابت أن غياب البوصلة في تطويق المواجهات هو وراء عودة الاحتقان، مبيناً أن الدولة قامت بترسيم الحدود الإدارية لكل محافظة، ولكن بالنسبة للمواطنين في بني خداش ودوز فهم لا يعرفون بدقة الحدود الإدارية الفاصلة، والمنطقة المتنازع عليها والتي تسمى العين الساخنة، من غير المعروف إن كانت تتبع بني خداش أو دوز، مؤكداً أن الحل موجود ويمكن حسم الإشكال بالعودة إلى الخرائط وتوضيح حدود الأراضي الفاصلة للناس وتوضيح لمن تتبعن من دون ترك المسألة تتطور وتخرج عن السيطرة، الأمر الذي يكشف عن ضعف الدولة.