عقد التنظيم النسوي "كيان"، الاثنين، مؤتمرا لعرض نتائج بحث بعنوان "قتل النساء.. ظلامية المشهد وآفاق المقاومة" في مدينة حيفا، والذي يسلّط الضوء على تكرار جريمة قتل النساء في المجتمع العربي بالداخل الفلسطيني من منظور عائلات الضحايا، كما يوثّق المعلومات المتوافرة بشأن هذه الجرائم، وتقصير المؤسسات الحكومية في معالجة العنف ضد النساء، ومنع جرائم القتل، والقبض على الجناة.
ووفقا لمعطيات البحث، تبين أن 95 امرأة قتلن في الداخل الفلسطيني بين عامي 2011 و2020، وأكثر من 33 في المائة منهن توجهن إلى الشرطة قبل قتلهن، وشمل البحث الميداني مقابلات مع عائلات ضحايا، وكشف أن 37 في المائة منهن قتلن بآلة حادة، و12 في المائة قتلن بسلاح ناري أو أبيض، و50 في المائة قتلن بالتعنيف الجسدي.
وقالت الباحثة المشاركة منى محاجنة: "أجرينا 22 مقابلة مع أفراد عائلات ومقربين من 14 سيدة قتلن خلال السنوات الخمس الأخيرة، وتحدثوا جميعا عن الضحية، وصفاتها، وحياتها اليومية، وأكدوا أن غالبيتهن كن إيجابيات، ولديهن حب للحياة".
وكشفت الباحثة المشاركة رباب طميش، أن البحث "يشكل حالة خاصة بسبب قلة الأبحاث العربية التي تتناول الظاهرة من منظور عائلات الضحايا، ما يساهم في فهم البنى السياسية والمجتمعية والاقتصادية التي يمكن أن تؤدي إلى الحد من انتشار الظاهرة، وأسباب التستر عليها".
وقالت المديرة العامة لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي في رام الله، رندة سنيورة، إن "العنف ضدّ المرأة ما زال يشكّل مظهرَ هيمنةٍ في مختلف المجتمعات، مهما كانت معتقداتها وثقافتها، وانعكس على دورها في مستويات عدّة، والعنف خرق واضح لأحكام قانون حقوق الإنسان الدّولي الذي يشدد على الحقّ في عدم التعرُّض لسوء المعاملة، والحقّ في الأمان الشخصي. مصدر العنف يكون من داخل الأسرة، وكذلك من المجتمع، كما تنتهجه السّلطة، أو هيئات خاصّة، وقد تكون ضحيته المرأة أو الطفلة، كما تتعرّض العاملات المهاجرات إلى العنف، إضافةً إلى المحتجزات، وذوات الإعاقة".
وتحدثت المحامية عبير بكر، عن تقصير الشرطة في معالجة قضايا قتل النساء العربيات، وشددت على أن "الحاجة لتقصّي عمل الشرطة والنيابة جاء في ضوء زيادة عدد النساء المغدورات وسط تعتيم كبير حول قضاياهن، ونفترض أن قضية كل مغدورة لا تبدأ مع جريمة القتل، إنما يكون لها ماض سبق القتل، ومن المهم أن يذكر في حيثيات كل قضية مع مراعاة خصوصية كل امرأة".
وعلى ضوء تعنت الشرطة بعدم الإفصاح عن التحقيقات المتعلقة بقتل النساء العربيات، قامت جمعية كيان باللجوء إلى القضاء، وتقديم التماس ضد الشرطة والنيابة العامة للكشف عن المعلومات، ولا يزال الالتماس عالقًا في المحكمة المركزية في القدس، ولم تقدم الشرطة أو النيابة ردها حتى اللحظة.
واختتمت المدير العام لـ"كيان"، رفاه عنبتاوي، المؤتمر، بعرض أبرز توصيات ونتائج التقرير، قائلة إنه "يُظهِر صورة الواقع المركّب الذي تعيشه النساء الفلسطينيّات في داخل إسرائيل، والذي يعكس تجربة أكثر تركيبًا وتعقيدًا على مستوى العنف ضدّهنّ، وقتلهن لكونهنّ نساء في مجتمع ذكوريّ تقليديّ يُقصيهنّ ويميّز ضدّهنّ في مناحي الحياة كافّة، وفي ظلّ دولة عنصريّة تنتهج سياسات التمييز المنهجيّ ضدّ النساء الفلسطينيّات كجزء من التمييز ضدّ الأقليّة العربيّة".
وأوضحت عنبتاوي: "عندنا حقائق حول الشعور العام كأقلية فلسطينية بأن الشرطة والمؤسسات الرسمية لا تقوم بدورها، ونملك معطيات في البحث، كما أن تجربة عائلات الضحايا، وتجربتنا كمؤسسات نسوية تجعلنا نستطيع أن نجزم بأن كل القضايا كان فيها إخفاق واستهتار بنا كمؤسسات، وكثير من الحالات من دون مرافقة أو متابعة، وكأنه يستحيل أن تقوم الشرطة بحماية النساء".