أعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن قلقها البالغ إزاء التدهور السريع في الظروف المعيشية للاجئين السوريين في لبنان، إذ إنّ "جميع اللاجئين السوريين تقريباً باتوا عاجزين عن توفير الحدّ الأدنى من الإنفاق اللازم لضمان البقاء على قيد الحياة".
وأثّرت الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية التي يشهدها لبنان على العائلات اللبنانية واللاجئة الأكثر فقراً، بشكل خاص، فقد كشفت النتائج الأولية لتقييم جوانب الضعف لدى اللاجئين السوريين في لبنان لعام 2021 والصادرة اليوم الأربعاء، عن وضع بائس يُرثى له، إذ إنّ تسعة من أصل كلّ 10 لاجئين سوريين لا يزالون يعيشون في فقر مدقع.
وأشار التقييم إلى أنه "في عام 2021، واصل غالبية اللاجئين الاعتماد على استراتيجيات مواجهة سلبية للبقاء على قيد الحياة، مثل التسوّل أو اقتراض المال أو التوقف عن إرسال أطفالهم إلى المدرسة أو تقليص النفقات الصحية أو عدم تسديد الإيجار".
ولفت إلى أنّه "في عام 2021، ازداد عدد أفراد الأسر الذين اضطروا إلى قبول وظائف زهيدة الأجر أو شديدة الخطورة أو نوبات عمل إضافية لتأمين الدخل نفسه الذي كانت الأسرة قادرة على توفيره في عام 2020. وتؤثر استراتيجيات المواجهة هذه بشكل سلبي على القدرة على التأقلم وعلى توليد الدخل في المستقبل، ما يجعل أسر اللاجئين أكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي وأكثر اعتماداً على المساعدات الإنسانية".
وقال أياكي إيتو، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، إنه "على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، فقدت العملة اللبنانية أكثر من 85 في المائة من قيمتها. فارتفعت الأسعار بشكل كبير، وأصبح مجرد البقاء على قيد الحياة بعيداً عن متناول عائلات اللاجئين السوريين".
وأشار إلى أنّ "العائلات اللبنانية تكافح هي أيضاً. فثمة حاجة ماسة إلى تعزيز الدعم المقدّم إلى السكان اللبنانيين واللاجئين والفئات الأخرى المهمشة في هذه الفترة العصيبة". وأضاف: "لا يزال اللاجئون يعانون للعثور على مأوى لائق وآمن، فحوالي 60 في المائة من عائلات اللاجئين السوريين يعيشون في مساكن معرّضة للخطر أو دون المعايير المطلوبة أو مكتظة. كما تظهر الدراسة زيادة في متوسط بدلات الإيجار لجميع أنواع المساكن وفي جميع المحافظات، فضلاً عن زيادة في احتمالية الإخلاء".
وقد أثّر التضخم بشكل كبير على أسعار المواد الغذائية بحسب التقييم، فـ"خلال الفترة الممتدة بين أكتوبر/ تشرين الأول 2019 ويونيو/ حزيران 2021 ارتفعت تكلفة المواد الغذائية بنسبة 404 في المائة، ما أدى إلى مستويات مقلقة من انعدام الأمن الغذائي وسط عائلات اللاجئين السوريين. في شهر يونيو من عام 2021، بلغت نسبة عائلات اللاجئين السوريين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي 49 في المائة. وقد اضطر ثلثا العائلات إلى تقليص حجم حصص الطعام أو تقليل عدد الوجبات المستهلكة يومياً".
وبحسب عبد الله الوردات، ممثّل برنامج الأغذية العالمي ومديره القطري في لبنان، فإنه "بفضل الدعم السخي الذي تقدّمه الجهات المانحة، يساعد برنامج الأغذية العالمي حالياً أكثر من 1.1 مليون لاجئ سوري و600,000 مواطن لبناني في الشهر. فهو يقدّم مساعدات نقدية وحصصاً غذائية، فضلاً عن تنظيم الأنشطة لدعم وحماية سبل كسب العيش".
هذا ويتحمّل الأطفال السوريون اللاجئون الجزء الأكبر من أعباء الأزمة. فثلاثون في المائة من الأطفال الذين هم في سنّ الدراسة (بين 6 و17 عاماً) لم يدخلوا المدرسة قط. وقد انخفض معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و14عاماً بنسبة 25% في عام 2021.
ويعيش لبنان تحت وطأة أسوأ أزمة اقتصادية واجتماعية في تاريخه، وقد وضعت الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي بياناً وزارياً مبنياً على الإصلاحات التي يشترط المجتمع الدولي والخارج توافرها لتقديم الدعم النقدي المالي.
في حين أنّ البنود الإصلاحية وورش العمل التي يضعها لبنان على الطاولة للنهوض اقتصادياً ولجم الانهيار المعيشي قدر الإمكان، لا تلحظ اللاجئين السوريين الذين تصرّ السلطات اللبنانية على توصيفهم بالنازحين.
ولم تشمل البطاقة التمويلية التي أطلقت في 9 سبتمبر/ أيلول وعلّق مسارها مرحلياً مع تشكيل حكومة جديدة اللاجئين السوريين، بحيث يستهدف برنامج الدعم جميع الأسر اللبنانية المقيمة في لبنان باستثناء الميسورة.
ويقّدم البرنامج وفق ما أعلن سابقاً 25 دولاراً لكل فرد، و15 دولاراً إضافياً للشخص الذي يفوق عمره الـ64 عاماً على أن يكون الحد الأقصى للأسرة الواحدة 126 دولاراً أو ما يعادله في السوق الموازية.