قلق من تصاعد الإصابات بالسرطان في البصرة: استخراج النفط ومخلفات الحروب في "قفص الاتهام"
لا تزال محافظة البصرة، جنوبي العراق، ومناطق جنوبية أخرى، تعاني من تسجيل زيادة في الإصابات بالأمراض السرطانية، ويعزو مسؤولون وبرلمانيون ذلك إلى مخلّفات الحروب المتكرّرة التي شهدها العراق، وكذلك مخلّفات عمليات استخراج النفط.
وأمس الخميس، قال مدير إدارة البيئة جنوبي العراق وليد حامد إنّ "إحصاءات وزارة الصحة تشير إلى تسجيل ألفي إصابة بالسرطان في البصرة سنوياً، بسبب مشاعل النفط التي تطلق غازات سامة في الهواء أثناء عمليات الاستخراج"، بحسب إيجاز قدّمه للصحافيين من أحد مستشفيات البصرة.
بدوره، وتعليقاً على ذلك، أقرّ المتحدث باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد بـ"وجود صلة بين تلوث البيئة وعمليات استخراج النفط"، مستدركاً: "لكن لم يثبت علمياً بعد أنّ هذا هو السبب في ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان في المحافظات الجنوبية، بما في ذلك البصرة".
وأشار جهاد، في تصريحات له، إلى أنّ استخدام أسلحة محظورة، بما فيها اليورانيوم، في الحروب التي شهدها العراق منذ ثمانينيات القرن الماضي، ووجود ملايين المقذوفات، قد يكونا هما السبب وراء زيادة الإصابات بالسرطان، وأوضح أنّه "لا يمكن إزالة آثار المخلفات الحربية بسهولة".
مدير إدارة البيئة: إحصاءات وزارة الصحة تشير إلى تسجيل ألفي إصابة بالسرطان في البصرة سنوياً، بسبب مشاعل النفط التي تطلق غازات سامة في الهواء أثناء عمليات الاستخراج
وفي سياق متصل، أكّد رئيس لجنة الخدمات في البرلمان العراقي وليد السهلاني أنّ المواد المشعّة في البصرة ومناطق جنوبية أخرى هي التي تسبّبت بزيادة الإصابات بالسرطان، كون هذه المواد قد بقيت فترات طويلة، وبعضها ملوّث باليورانيوم، منتقداً، في حديث لـ"العربي الجديد"، ضعف المعالجات من قبل الجهات المختصة التي يعتقد أنها "لم تكن مناسبة".
وتابع السهلاني: "تحدثنا أكثر من مرة بشأن ضرورة معالجة هذه المسألة التي بدأت تتفاقم، ما أثّر بشكل سلبي كبير على أبناء البصرة وأجزاء من محافظات جنوبية أخرى". وأكّد تسجيل إصابات كثيرة بالسرطان.
ولفت إلى أنّ تفاقم الإصابات بالأمراض السرطانية أصبح يمثل هاجساً عند سكان هذه المناطق، موضحاً أنّ النسبة الأكبر للإصابات في البصرة "ناتجة عن مخلّفات الحروب التي لم يجر التخلص منها".
وأضاف: "نحن في لجنة الخدمات البرلمانية التقينا مختصين بالطاقة الذرية وطرحنا قضية البحث عن معالجات"، وأكّد أنّ البيانات تشير إلى إصابة الآلاف بالسرطان سنوياً في البصرة.
وأشار السهلاني إلى أنّ الغازات المنبعثة عند استخراج النفط تتسبب أيضاً بحدوث أمراض خطيرة، مبرزا أنّ "البصرة تواجه الآن كارثة صحية بسبب الأعداد الكبيرة للمصابين بالسرطان".
ولفت إلى أنّ هذه القضية تتطلب وقفة حقيقية من قبل المؤسسات المعنية، في ظلّ وجود 23 موقعا فيها مخلفات حروب خطيرة، قد تنتج عنها الإصابة بأمراض خبيثة، داعياً إلى "جعل البصرة محافظة خالية من الإشعاعات".
وأكّد رئيس لجنة الخدمات في البرلمان العراقي قيام الحكومة بصرف أموال كبيرة للتخلّص من مخلفات الحروب، لكن من دون نتائج، مشيراً إلى أنّ "إجراءات الحكومة ليست بمستوى الطموح".
وكان عضو الجمعية الملكية البريطانية للأطباء وعالم الأورام جواد العلكي قد وصف البصرة، في وقت سابق، بأنها "هيروشيما أخرى"، موضحاً أنّ الإصابة بالسرطان أصبحت خطراً يهدد أكثر من 40 بالمائة من سكّان البصرة.
كما حذّر مدير مفوضية حقوق الإنسان في البصرة مهدي التميمي، العام الماضي، من الآثار السلبية التي تخلّفها الغازات المنبعثة جرّاء استخراج النفط، والتي تسبّبت بإصابة المئات من المواطنين القريبين من الحقول النفطية في البصرة بالسرطان، مؤكداً أنّ المفوضية أشرفت على إعداد تقارير خاصة بظاهرة التلوث البيئي وأثره على الإنسان وصحته في المحافظة.