استمع إلى الملخص
- شهدت وسائل التواصل الاجتماعي تفاعلًا كبيرًا مع الكرسي، مما زاد الطلب عليه في الأسواق، حيث عرضت المعارض نسخًا مقلدة منه، مستهدفة شريحة من المشترين الذين يرونه رمزًا للشرف والتحدي.
- ساهم الإقبال على الكرسي في تحريك السوق المتعثر، حيث قدم الحرفيون تصميمات مستوحاة منه، وأصبح رمزًا للتضامن مع القضية الفلسطينية والفخر والكرامة.
في شوارع مدينة دمياط المعروفة بكونها مركزاً لصناعة الأثاث في مصر، تسري موجة جديدة من الحماسة بين المصانع ومعارض الأثاث المنزلي. ليست موجة عابرة من الرغبة في تقديم موديلات جديدة أو تقنيات متطورة، بل تمحورت حول كرسي بسيط أطلقوا عليه اسم "كرسي الشرف والكرامة"، وهو الكرسي الذي شهد واقعة استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، على أيدي جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، والذي أظهرته وسائل الإعلام العالمية ووسائل التواصل الاجتماعي.
واستغل عدد من مصانع الأثاث المصرية كرسي السنوار، الذي انتشر خلال ساعات قليلة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتحويله إلى أيقونة بطولية ومنتج مطلوب يعكس في شكله البسيط قصة استشهاد قائد حركة حماس، ويحمل قيمة رمزية وشعوراً بالانتماء والشرف لدى الناس.
أحد المعارض الشهيرة في دمياط نشر على حسابه على فيسبوك صورة لكرسي السنوار تحت عنوان "الكرسي الذي يجسد روح الصمود... أضف لمسة من الشرف إلى بيتك". ونالت الصورة الكثير من الإعجاب والتعليقات خلال ساعات قليلة، وأعلن الكثير من المعارض عن عروض وتخفيضات خصوصاً لهذا الكرسي، مع تقديم خيارات للتوصيل السريع.
من جهته، يقول صاحب أحد معارض الأثاث في الإسكندرية، محمد صابر، إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أساسية في الترويج للمنتج، مضيفاً: "لاحظنا تفاعلاً كبيراً على الإنترنت. الناس باتوا يعتبرون هذا الكرسي ليس مجرد قطعة أثاث، بل وسيلة للتعبير عن تضامنهم مع القضية الفلسطينية".
ولاقى الترويج الرقمي للكرسي استقبالاً واسعاً من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين أعربوا عن إعجابهم بالفكرة والمعاني الرمزية التي يجسدها.
وفي تعليقه على أحد منشورات الترويج للكرسي، كتب أحد رواد "فيسبوك": "كل التحية للصناع المصريين الذين يعرفون كيف يجعلون من الأشياء العادية رموزاً عظيمة، وكرسي السنوار أصبح رمزاً للشرف والتحدي". كذلك غمرت التعليقات التي حملت إشادة واسعة بالحملة الترويجية صفحة أحد معارض الأثاث الدمياطية الذي نشر صورة يظهر فيه الكرسي مزيناً بديكور مستوحى من الألوان الفلسطينية. كتب أحد المعلقين: "هذا الكرسي ليس مجرد أثاث، هو قطعة من النضال الفلسطيني، ومن الفخر اقتناؤه"، وأضافت أخرى: "المعنى الذي يحمله هذا الكرسي عميق جداً، لتصبح القضية الفلسطينية جزءاً من حياتنا اليومية، ونكون متصلين بطريقة أو بأخرى بها".
ويقول حسن عبد المجيد، أحد أصحاب ورش الأثاث، لـ"العربي الجديد": "بينما كان مقتل السنوار حدثاً محزناً ومأساوياً، فكر الحرفيون في تحويل هذه المأساة إلى فرصة لتعزيز بطولة مقاتلي المقاومة. فالأمر لم يكن فقط تصميماً أنيقاً، بل هو رمز يمثله هذا الكرسي الذي تشرف بواقعة استشهاد صاحبه، وهو ما جعله مرغوباً بشدة بين المصريين".
يضيف أن معارض الأثاث في دمياط والقاهرة والإسكندرية بدأت في عرض نسخ مقلدة من كرسي السنوار بسعر يتفاوت بين 1500 و4000 جنيه مصري (الدولار = 48.6 جنيهاً تقريباً)، بناءً على جودة التصنيع والتفاصيل الدقيقة. وعمدت بعض المعارض إلى تسويق الكرسي تحت عنوان "كرسي السنوار: رمز للشرف"، لتستهدف بذلك شريحة من المشترين الذين يرون في الكرسي أكثر من مجرد قطعة أثاث.
أما محمد سعد، وهو موظف، فيتحدث عن الدوافع للإقبال على شراء الكرسي. يقول: "هذا الكرسي ليس مجرد قطعة أثاث وإنما تحفة فنية ترمز إلى الشرف والكرامة. بالتأكيد نشعر بالفخر عندما نضعه في منازلنا كونه يذكرنا بتضحيات الأبطال، والعديد من المواطنين يشترونه ليشعروا بأنهم يقتنون قطعة من التاريخ".
على ما يبدو، لم يقتصر الإقبال على شراء الكرسي فقط، بل وصل الأمر إلى طلبات متزايدة من قبل المصريين لتزيين غرف الاستقبال في منازلهم بكرسي السنوار.
يقول أحمد الزغبي المنجد، أحد الحرفيين في شارع فرنسا وسط مدينة الإسكندرية، إن "المنجدين والحرفيين في الأحياء الشعبية وجدوا أنفسهم أمام طلبات متزايدة لتنجيد الأثاث، ليكون بتصميم وشكل الكرسي المشهور". يضيف: "المنتج يأتي استجابة طبيعية لمطالب الناس. لاحظنا أنهم يتحدثون عن الكرسي بوصفه رمزاً وليس قطعة أثاث، كما ساعد هذا الإقبال على تحريك السوق المتعثر نتيجة الأزمة الاقتصادية".
ويضيف: "زاد انتشار صور الكرسي في التلفزيونات ووسائل الإعلام العالمية من شعبيته بين المصريين. الناس يريدون أن يضعوا لمسة من هذا الرمز في بيوتهم. يحتوي على تفاصيل بسيطة، لكننا نحاول أن نعطيه لمسة فنية خاصة تعبر عن هويتنا المصرية بروح فلسطين".
وفي ظل انتشار شعبية كرسي السنوار بشكل واسع، لجأت العديد من معارض الأثاث في مصر إلى استغلال وسائل التواصل الاجتماعي منصة أساسية للترويج لهذا المنتج الجديد. وأصبح الكرسي أحد المنتجات المطلوبة عبر فيسبوك، إذ تنشر معارض الأثاث صوراً وتصميمات للكرسي مع عبارات تسويقية تدعو إلى اقتناء "كرسي الشرف والكرامة" باعتبار ذلك جزءاً من تضامنهم مع القضية الفلسطينية.
وكانت حسابات على منصة إنستغرام تعود إلى مالكي الشقة التي استشهد فيها السنوار قد نشرت صوراً وتدوينات أعربت عن فيها عن فخرها بلجوء القائد البارز في المقاومة الفلسطينية إلى بيتها في معركته الأخيرة التي خاضها جريحاً مع جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليكون الفصل الأخير في حياة السنوار "أيقونة"، ومخلداً لبطولة وبسالة متفردة في تاريخ نضال ومقاومة الشعب الفلسطيني.
وجاءت تدوينة على منصة التواصل إنستغرام لفتاة يعتقد أنها من بين أفراد العائلة المالكة للمنزل، قالت فيها: "أطهر وأشرف كرسي وكنبة في العالم كله في بيتنا، رحمك الله وأسكنك فسيح جناته يا أبا إبراهيم". وكُتِب على صورة أخرى يظهر من خلالها الكرسي بالمنزل، ومعها صورة السنوار وهو جالس يقاوم حتى آخر أنفاسه عندما صوّرته المسيّرة الإسرائيلية: "بيتنا زاد شرفاً وفخراً بأبي إبراهيم القائد المثابر. نشكر الله أن نوّلنا هذا الشرف".