كل ما تودون معرفته عن "متلازمة المحتال"

واشنطن

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
08 مايو 2023
"متلازمة المحتال"... هل يمكن أن تكون مصاباً بها؟
+ الخط -

يميل العديد من الناس إلى إنجاز مهماتهم اليومية في شكل مثالي، باعتبار أن هذا الأمر يشكل جزءاً من متطلبات عملهم، أو بسبب تأثرهم ببيئات تربوية أو اجتماعية معينة، لكن في أحيان كثيرة، تقود المثالية إلى الشك الذاتي، خصوصاً إذا بدأ الشخص يشعر بأن ما يقوم به من أعمال أو وظائف ليس على المستوى المطلوب. 
وقد يؤدي ذلك إلى حصول نوع من الاضطرابات التي تعرف باسم "متلازمة المحتال"، والتي لا يوجد تعريف دقيق لها، لكن المجتمعات الطبية تحدد عادة الشخص المصاب بها، على أنه "يعاني من شك ذاتي حتى في المجالات التي يتفوق فيها عادة، وغالباً ما يُظهر أعراض قلق كبير واكتئاب".
في عام 1978، رصدت عالمتا النفس سوزان إيميس وبولين روز كلانس للمرة الأولى إصابات بمتلازمة المحتال لدى نساء يمارسن مهناً مختلفة، وحققن إنجازات حصلت على تقدير كبير. 
وفي الآونة الأخيرة، وجد خبراء أن المتلازمة شائعة بين الرجال والنساء في العديد من مجالات العمل. وتحدثت إحدى الدراسات عن أن "حوالى 70 في المائة من الأشخاص شعروا بأنهم محتالون في مرحلة ما، علماً أن المتلازمة تصيب غالباً أولئك الذين يتمتعون بدرجات عالية من الكمال في الأعمال". وبين الأشخاص المهمين الذين شعروا بهذا النوع من الشك العالم ألبرت أينشتاين ونجمة التنس الأميركية سيرينا ويليامز، والمغنية جينيفر لوبيز، والممثلة ناتالي بورتمان والممثل توم هانكس.
تعزو اختصاصية الطب النفسي، ناديا صفي الدين، احتمال الإصابة بمتلازمة المحتال إلى عوامل اجتماعية أكثر من نفسية، وتقول لـ"العربي الجديد": "لا يوجد أي سبب علمي أو نفسي أو صحي للإصابة بهذه المتلازمة، لكن التنشئة الاجتماعية تلعب دوراً في ذلك، من خلال الضغط على أشخاص لإنجاز أعمال روتينية بسيطة في شكل مثالي، مثل ارتداء الثياب أو إنجاز المهمات المدرسية. ويتطور هذا الشعور مع الوقت حتى يصبح أشبه بعادة. وفي كثير من الأحيان، يولّد التأنيب المتكرر لعدم إنجاز المهمات بالشكل المطلوب، شعوراً بالشك واليقين والتردد". 
تضيف: "يرتبط الشعور بأن متلازمة المحتال تلازم النساء أكثر من الرجال بالضغوط الاجتماعية الأكبر التي تواجهها المرأة خلال مسيرتها العلمية والعملية، والتي تتطلب منها المكافحة للوصول إلى مراكز عليا، والحصول على وظائف تحظى بتقدير مهني واجتماعي جيدين".
وتعتبر صفي الدين، أن هذه المشاعر تجعل الأشخاص المعنيين يعملون بجدية أكبر، وفاعلية منعاً لظهور العيوب. وبمرور الوقت، يؤدي ذلك إلى تأجيج دائرة القلق والاكتئاب والشعور بالذنب، وتلفت إلى أن "علاج هذه المتلازمة قد يكون من خلال الخضوع لجلسات مع اختصاصيين في علم النفس السلوكي من أجل تغيير العادات. لكن باحثين يؤكدون أهمية التعامل مع متلازمة المحتال كمصدر للتحفيز على بذل جهود أكبر لسد الفجوات التي يعاني منها الشخص في المعارف والمهارات. وهكذا تتحوّل شكوكه حول الكفاءات التي لا يتحلى بها إلى أسئلة بشأن كونه على مستوى التحديات التي يواجهها أم لا، فتصبح مشاعر الشكوك عادية وصحيّة أيضاً، وتستطيع أن تدفعه إلى الأمام".

قادت مشاعر الشك أشخاصاً إلى العمل بجدية أكبر (ديميتار ديلكوف/ فرانس برس)
قادت مشاعر الشك أشخاصاً إلى العمل بجدية أكبر (ديميتار ديلكوف/فرانس برس)

ورصدت الباحثة في متلازمة المحتال، فاليري يونغ، خمسة أنواع رئيسية من "المحتالين" في كتاب أصدرته عام 2011، بعنوان "الأفكار السرية للنساء الناجحات: لماذا يعاني أشخاص قادرون من متلازمة المحتال؟". تعرّف فاليري النوع الأول من متلازمة المحتال باسم "منشد الكمال" الذي يشمل تركيز الشخص على كيفية إنجاز المهمات بطريقة مثالية قد تصل إلى درجة الكمال، وتكتب: "نظراً إلى أن الكمال ليس دائماً هدفاً واقعياً، ولا يمكن تلبية معاييره، يبدأ الشخص بانتقاد نفسه، ويشكك في أعماله". 
وتطلق على النوع الثاني اسم "العبقرية الطبيعية حيث يمضي الشخص لمحاولة اكتساب مهارات جديدة، ويعتقد بأنه من المهم بالنسبة إليه أن يتعلم جميع المهارات بسرعة. وفي حال فشل في ذلك، يبدأ في انتقاد نفسه". أما النوع الثالث "فيعكس اعتقاد الشخص بأنه يجب أن يكون قادراً على التعامل مع كل شيء بمفرده. وإذا لم يستطع تحقيق النجاح في شكل مستقل يبدأ بالقلق والتشكيك في مهاراته". 
ويتمثل النوع الرابع في اطلاع الشخص على تفاصيل العمل كافة، والمشاركة في الأقسام كافة، باعتباره خبيراً في إدارة شؤون العمل. أما النوع الخامس، فيلحظ ربط الشخص قدراته بالأبطال الخارقين، حيث يرى أن كفاءته مرتبطة بقدرته على النجاح في كل دور ينفذه. و"لتحقيق النجاح، يدفع بنفسه إلى أقصى حدّ، وينفق أكبر قدر ممكن من الطاقة في كل دور".

وسبق أن سلطت العديد من التقارير الضوء على كون النساء أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة المحتال. ونشرت صحيفة "ذي ميرور" البريطانية إحصاءات عديدة أظهرت تأثر النساء بهذه المتلازمة. وكشفت إحصاءات أخرى أن أكثر من نصف النساء أكدن معاناتهن من متلازمة المحتال، ونسبة 24 في المائة من التأثيرات السلبية للمتلازمة في علاقاتهن الرومانسية، و22 في المائة من صعوبات في إنشاء صداقات جديدة، و18 في المائة من عدم القدرة على اتخاذ قرار خوض تجربة الأمومة في حياتهن.
أيضاً، أظهر استطلاع للرأي شمل 4000 بالغ أن ما يقرب من ثلثي النساء (62 في المائة) زعمن أنهن شعرن نادراً بالثقة الحقيقية في حياتهن، وأن 53 في المائة منهن سيطرت عليهن مشاعر غير مبررة من الشك وعدم الكفاءة والأهلية.
وأشارت الدراسة إلى أن هذه المشاعر ظهرت على نحو 72 في المائة من النساء في أماكن العمل، و29 في المائة منهن في أماكن التعليم أو المجتمعات العادية.

ذات صلة

الصورة
خلال إعداد دبس العنب (العربي الجديد)

مجتمع

يعد دبس العنب، الذي تعرف منطقة راشيا الوادي شرقي لبنان بإنتاجه، قيمة غذائية وصحية لخلوه من المواد الحافظة، وإضفائه طعماً حلواً على المأكولات.
الصورة
إجبار الغزيين على النزوح بشكل متكرر (العربي الجديد)

تحقيقات

يستهدف جيش الاحتلال المدنيين في قطاع غزة عبر إجبارهم على النزوح المتكرر في نمط متشابه تكرر 7 مرات وأسفر عن تفاقم الأمراض النفسية التي يحظر دخول أدويتها
الصورة
أول مصاب بشلل الأطفال بغزة رفقة أسرته في دير البلح، في 27 أغسطس 2024 (الأناضول)

مجتمع

داخل خيمة صغيرة لا تصلح للسكن، تعيش عائلة عبد الرحمن أبو الجديان مع طفلها البالغ 11 شهراً، وهو أول حالة شلل أطفال في غزة تكتشف منذ بدء الحرب.
الصورة
كميات مياه قليلة متوافرة للفرد في مخيمات إدلب (محمد سعيد/ الأناضول)

مجتمع

يشتكي نازحون يقيمون في المخيمات العشوائية شمال غربي سورية من انتشار العديد من الأمراض الجلدية في الآونة الأخيرة، وخاصة بين الأطفال، في ظل ظروف معيشية صعبة يكابدونها، وافتقارهم لشبكات الصرف الصحي ولأدنى مقومات الحياة.