تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية، رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ كوب 29 في باكو بعد نشر مشروع اتفاق اعتبره المفاوض الأوروبي "غير مقبول"، ووصفته أطراف أخرى بأنه "إهانة". ونشرت الرئاسة الأذربيجانية لكوب 29، فجر الخميس، نصّاً مؤقتاً من عشر صفحات في محاولة لتلخيص المواقف من الهدف الجديد للمساعدات المالية الذي يجب أن يحدده المؤتمر. وعلى الورق يبدو أن هذه المواقف لا تزال متباعدة جدا.
وقال مفاوض الاتحاد الأوروبي فوبكه هوسكترا إن مشروع الاتفاق "غير مقبول" في صيغته الحالية. فيما أفاد جو ثوايتس، من منظمة "إن إردي سي" غير الحكومية، بأن "النص يعطي صورة مشوهة عن مواقف الدول المتطورة والنامية. وعلى الرئاسة أن تعرض خيارا ثالثا للتوفيق بينها". ورأى جاسبر إينفتور، رئيس وفد منظمة "غرينبيس" في باكو، أن غياب الأرقام من جانب الدول الغنية "يشكل إهانة لملايين الناس على جبهة التغير المناخي". واعتبر روب مور، من مركز الأبحاث E3G (إي 3 جي)، أن "غياب اقتراح توفيقي مدعوم بالأرقام يضع المفاوضين أمام عمل ضخم ينبغي عليهم إنجازه في اليومين المقبلين". لكنّ مصدرا له خبرة طويلة في المفاوضات قال إن "الجميع يعملون على اتفاق".
وفي مؤتمرات كوب لا يكشف أي طرف عادة خطوطه الحمراء إلا في اليوم الأخير. وتوفر الدول المتطورة راهنا حوالى مائة مليار دولار سنويا على شكل مساعدات مالية إلى الدول النامية للتكيف مع تداعيات التغير المناخي والاستثمار في مصادر طاقة منخفضة الكربون. وعلى كوب 29 تحديد هدف جديد لهذه المساعدة حتى عامَي 2030 و2050. ويختتم مؤتمر كوب 29 مساء الجمعة، لكن قليلة هي مؤتمرات كوب التي أنجزت أعمالها في موعدها المحدد. وقال محمد أدوو، من "باور شيفت أفريكا"، إن "الدول المتطورة يجب أن تملأ سريعا الفراغات، وأن تعرض أوراقها المالية للسماح بتقدم في المفاوضات".
خيارات مشروع اتفاق كوب 29
ويعكس الخيار الأول في مشروع الاتفاق، الذي نشر الخميس، مطالب الدول النامية من دون تحديد مبلغ معين. إلا أنه يطلب توفير آلاف مليارات الدولارات سنويا من الأموال العامة من الدول الـ23 الغنية الملزمة راهنا بمساهمة وقف الاتفاقات الأممية، ولا سيما أوروبا والولايات المتحدة واليابان، ومن أموال خاصة "خلال الفترة بين 2025 و2035" على شكل هبات خصوصا، وليس قروض.
وهذا المبلغ يزيد بكثير عن المائة مليار دولار التي التزمت الدول الغنية بتوفيرها خلال فترة 2020-2025. ويعتبر هذا الخيار غير واقعي بالنسبة إلى الدول الغنية، خصوصا مع مرحلة التقشف في الميزانية الراهنة. ولا ينص هذا الخيار خصوصا على أي توسيع لقائمة المساهمين لتشمل دولا مثل الصين وسنغافورة. أما الخيار الثاني فيلخّص وجهة نظر الدول الغنية، ويكون الهدف المالي فيه "رفع المالية العالمية للتحرك المناخي" إلى آلاف المليارات سنويا من دون تحديد المبلغ المحدد سنويا "بحلول 2035".
إلا أن هذا الهدف يشمل "كل مصادر التمويل"، من بينها الأموال العامة في كل دولة في العالم وأموال خاصة أو حتى رسوم عالمية جديدة على الطيران أو النقل البحري مثلا. ويحجم هذا الخيار عن تحديد الالتزام المالي للدول الغنية بالأرقام. وتقول هذه الدول منذ انطلاق المؤتمر إنها تريد التريث قبل اقتراح أرقام محددة، وهو ما يثير معارضة كبيرة من الدول النامية. وقال لي شوو، الخبير في مركز "إيجا سوساييتي بوليسي غنستيتوت": "النص الجديد يعرض مواقف الطرفين دون ترك مجال كبير للتسوية".
(فرانس برس)